لعله من نافلة القول، إن المرشد الإيراني علي خامنئي، حين وجه أتباعه إلى زيارة قبر الحسين بدلا من الوقوف بعرفة، مؤكدا لهم أن أجر (الحج إلى قبر الحسين) يفوق أجر الحج إلى عرفة، لم تكن غايته دينية وإنما سياسية محضة، بدليل أنه لم يتذكر أن يخبر أتباعه بزيادة فضل الحج إلى (عرفة الحسين) عن الحج إلى مكة، سوى حديث عندما أشهرت إيران عداءها للمملكة وقررت منع مواطنيها من أداء فريضة الحج، فأراد أن يمتص غضب الناس بإيهامهم أن زيارة النجف وكربلاء أكبر أجرا من أداء فريضة الحج!! خامنئي ليس بالغبي، هو يدرك جيدا أن منع الناس من أداء ركن من أركان دينهم، أمر بالغ الخطورة، فهو يتعارض مع شريعة عظيمة من شرائع الدين ومن المستبعد أن يسكت الناس على ذلك، فهناك توقع كبير بعدم استسلامهم لهذا المنع والثورة على من فرضه عليهم والتخلص منه ومن قيده الذي يقيدهم. لكنه يعلم أيضا أن إحكام نطاق التجهيل المتعمد على الناس، واستغلال العواطف الدينية داخلهم، هو خير مولد للطاقة اللازمة لتنفيذ الأغراض السياسية التي تلوح في أفق الخيال، لذلك هو لم يجد وسيلة (أذكى) لإخضاع الثائرين وإطفاء غضب الغاضبين، من أن يغمسهم في بئر من التجهيل والغفلة، موهما إياهم أن (حجة إلى قبر الحسين تعادل مليون حجة إلى عرفات). ثم أتبع ذلك بإطلاق أتباعه من الوعاظ ليسقوا ما بذره من بذور التجهيل، بمداعبة عواطف الناس الدينية فيخطبوا فيهم ناشرين بينهم مفهوم علو مقدار فضل زيارة الحسين على مقدار فضل أداء الحج. بمثل هذا الأسلوب يسيطرون على شعوبهم، فتغليف العقول بلفائف التجهيل المزخرف بالزينات الموعودة في الآخرة، هو أسهل الطرق نحو إحكام القبضة على الناس لإماتة تمردهم وإطفاء ثورتهم، ليس هذا فحسب وإنما أيضا الاستفادة منهم في السير في الطريق المؤدي إلى تحقيق المطامع السياسية التي يتطلع إليها أصحاب السلطة. هل يمكن لأمة تغرق في قاع بئرالتجهيل المظلمة، أن ترى بؤس ما يراد بها؟ وهل يمكنها أن تنجو من ذلك؟!