تطور مذهل وجميل في عمل الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يتمثل في إنشاء إدارة مختصة بـ "الجرائم المعلوماتية"، تعمل على رصد المنكرات الإلكترونية التي تمس العقيدة والأخلاق، وملاحقة من يديرها ويروج لها. الإدارة المختصة بالجرائم المعلوماتية التي تم إنشاؤها مطلع العام الميلادي الماضي، لم تخرج للنور "عشوائيا"، بل خضعت لدراسة استمرت عاما كاملا، وبإشراف مجموعة من الأساتذة والباحثين من قسم هندسة الحاسب الآلي المتخصصين في مجال أمن المعلومات والشبكات وأنظمة الاتصالات، إضافة إلى بعض التخصصات الشرعية والإلكترونية، ولتحقيق جودة عالية في مهام تلك الإدارة استعانت الهيئة بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في مجال الاستشارات الفنية والبحثية والعلمية والعملية، للاستفادة من إمكاناتها وخبراتها. قبل ثلاثة أيام كشفت "الهيئة" عن باكورة عمل الإدارة الوليدة، حيث أشارت في إحدى الصحف المحلية عن رصد 735 من الحسابات على عدد من مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي تنشر الفساد والرذيلة، حيث تم التعرف على أصحابها واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالهم. لفت انتباهي وأنا أقرأ التقرير، تلك المعاملة الحسنة التي نهجها المسؤولون في وحدة الجرائم المعلوماتية عندما بدأوا في النصح والإرشاد قبل العقاب. يقول مدير الوحدة حسن بن علي العسيري، إن وحدته تعاملت مع أصحاب الحسابات الإباحية في البداية بالنصح، والإرشاد، والتوجيه، فقام بعضهم بإغلاق حساباته، كما قام البعض الآخر بتحويلها إلى حسابات مفيدة للمجتمع، ومن لم يمتثل للنصح تمت ملاحقته عبر الجهات المختصة واتخاذ الإجراءات القانونية تجاهه. الجميل في عمل الهيئة تلك السرية التي تنتهجها فلا إشهار أو تشهير، فكوادرها يقدمون نموذجا جميلا يفترض أن تحتذي به كل الجهات الحكومية، فلم نسمع أو نر في يوم مقطعا يصور ملاحقات الهيئة، أو تشهيرا بمن تقبض عليهم، أو تصوير الجرائم الخاضعة لصلاحياتهم كما تفعل بعض الجهات الأخرى، وما تصوير مقتل الهارب من سجن الدمام أو قتيل ظهرة المهدية ببعيد. للهيئة دور مهم في حماية المجتمع من "الرذيلة"، ولا ينكر دورها وفضلها إلا "جاحد"، كما أنها تحمل رسالة سامية ونبيلة مستوحاة من قول الله ـــ عز وجل ـــ "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر". الحديث عن الهيئة "ممتع"، ولكن مساحة المقال المتمثلة في 350 كلمة جعلتني أتوقف هنا. ربما أعود لها في مقال آخر.