"سردينيا" جزيرة سياحية إيطالية تقع في غربي البحر الأبيض المتوسط؛ وهي أكبر جزره بعد صقلية. تداولت حكمها أمم عديدة، وتتمتع بوضع قانوني خاص يكفل لها الاستقلالية الإدارية، وتتميز بطقسها المعتدل والمشمس في أغلب أوقات العام. الموقع تقع سردينيا غربي شبه الجزيرة الإيطالية وتحدها من الشمال جزيرة كورسيكا التابعة لفرنسا، وإلى الجنوب منها جزيرة صقلية مما يعني أن سردينيا تتوسط القطاع الغربي من المتوسط. توجد على مسافة متساوية تقريبا بين السواحل الشمالية الغربية لتونس والشرقية للجزائر والشواطئ الفرنسية، وتزيد مساحة سردينيا قليلا على 24ألفكلم مربع، ويبلغ طولها (جنوبا وشمالا) 267 كلم. يتميز مناخ سردينيا بطابعه المتوسطي الخالص، إذ تسود الشمس معظم أوقات السنة (موسم الأمطار لا يتعدى شهرين)، ومع ذلك فإن معدلات الحرارة معتدلة طوال العام بسبب تأثير رياح "ميسترال" الباردة والجافة والقوية نسبيا. وتتراوح معدلات الحرارة في الجزيرةبين6 درجات مئوية شتاء و21 درجة صيفا، إلا في حالات استثنائية تخيم فيها منخفضات جوية طارئة على المنطقة، وتشهد المرتفعات الواقعة في الجزيرة تساقط الثلوج على قممها شتاء. يسود تضاريسها الانخفاض في معظمها، فأعلى قمة في الجزيرة لا يتعدى ارتفاعها 1834 مترا عن مستوى سطح البحر، ومع ذلك فإن الجزيرة مكونة من سلاسل جبلية وعرة وتلال، وأبرز تضاريسها هي جبال "جنارجنتي" الواقعة في شرقي وسط الجزيرة، وتوجد في الجنوب سلاسل جبلية أقل ارتفاعا. وفضلا عن المرتفعات، يوجد في سردينيا سهل فسيح يُسمى "الكمبدانو" ويمتد فيه نهرا "فلمندوزا" (طوله 127 كيلومترا)، و"تريسو" (طوله 135 كيلومترا)، ويشكل هذا السهل أهم منطقة رعوية وفلاحية في الجزيرة. السكان يُقدر عدد سكان سردينيا بمليون وستمائة ألف نسمة، وتُشير الإحصائيات إلى ثبات عدد سكانها منذ بداية القرن الحادي والعشرين نتيجة انخفاض ملحوظ في عدد المواليد. وتعرف سردينيا بطول عمر سكانها مقارنة مع باقي مناطق العالم، ويرجع متخصصون أسباب ذلك إلى أسلوب المعيشة والنظام الغذائي المتبع في الجزيرة الإيطالية. 2670152748001 ef56f4cb-5ad6-4e44-9179-3c59d1b14b83 f9e385b5-c054-46d6-a8a7-a5a1a9643299 video التاريخ خضعت سردينيا للإمبراطورية الرومانية منذ القرن الخامس ميلادي، لكنها ظلت عرضة لهجمات القبائل الوندالية القادمة من شمالي أفريقيا إلى أن تأتت لها السيطرة عليها في 530م. ومع قدوم الفتح الإسلامي إلى المنطقة، تمكن المسلمون من دخول الجزيرة حوالي عام 809م فسيطروا عليها، ثم تحالف ضدهم حاكم الجزيرة المسيحي مع بعض الدويلات في غربي إيطاليا وجنوبي فرنسا، فأخرجت الجيوش الإسلامية من الجزيرة عام 1014م. وفي الحقبة الحديثة والمعاصرة ظلت سردينيا كيانا سياسيا مستقلا، ثم خضعت للنفوذ النمساوي فترة وجيزة في القرن الثامن عشر، وفي نهايته تعرضت للاحتلال الفرنسي في عهد نابليون بونابرت. ثم شكلت مع إماراتِ الشمال الغربي نواة الوحدة الإيطالية في 1861. وقد نص دستور إيطاليا الصادر في 1948 على منح سردينيا وضعا خاصا يكفل للجزيرة استقلالا إداريا تاما عن المصالح الإدارية الإيطالية، ويكرس هذا الوضع الاستقلال الذي ظلت الجزيرة تحافظ عليه طوال قرون بوصفها مركزَ تبادل سياسي وثقافي وتجاري في المتوسط الغربي. وقد ظلت القوى الإقليمية في المنطقة حريصة على بقاء الجزيرة مستقلة عن هيمنة أي دولة نظرا لحيويتها التجارية وأهميتها الإستراتيجية، وأصبحت خلال الحرب العالمية الثانية أهم قاعدة عسكرية لإيطاليا، مما عرضها للقصف الجوي الأميركي عام 1943. تعد الجزيرة إحدى محطات عبور المهاجرين غير النظاميين الحالمين في الوصول إلى القارة الأوروبية. واعتادت سردينيا على استقبال سفن اللاجئين القادمين إليها من السواحل الليبية والتونسيةبالخصوص، وأنشئ بالجزيرةعدد من مراكز تجميع اللاجئين غير النظاميين. الاقتصاد يمارس أغلب سكان سردينيا الفلاحة والرعي، فالجزيرة تزخر بمقدرات طبيعية هامة لوجود نهرين بهاوسلاسل جبلية وسهل كبير خصب تمتد عليه أراض رعوية تُقدر بأكثر من مليون ونصف مليون هكتار. ويتمحور النشاط الرعوي للجزيرة حول تنمية الأغنام ثم الأبقار بدرجة أقل. وتشتهر سردينيا بجودة اللحوم والألبان والأجبان، كما توجد فيها قاعدة صناعية محدودة تعتمد على استغلال مناجم الألمنيوم والفحم الحجري والرصاص، لكن هذه الصناعات أصابها تدهور شديد، بسبب تراجع أسعار هذه المعادن في السوق الدولية وظهور بدائل لها في كثير من المجالات الصناعية.