×
محافظة المنطقة الشرقية

مدرب ليستر سيتي: نمتلك شفرة جزائرية للتنين

صورة الخبر

لا شك أن التحول الاجتماعي الذي حققة الاحتفال باليوم الوطني ليس شيئاً عابراً؛ في المملكة العربية السعودية وقبل سنوات ليست بالبعيدة كان الاحتفال بذكرى توحيد المملكة واليوم الوطني شئيا من الخيال الكبير من حيث الاحتفال به أو ممارسة شعائر التعبير عن الفرح فيه، لنجد أنفسنا أمام مهمة نفسية شعورية واجتماعية بترسيخ الوطنية وبنفس الوقت لدينا فرصة سانحة لبناء المواطنة بشكلها الصحيح، يتجاوز فيه الاحتفال باليوم الوطني مجرد شعارات وألوان حيث يتطلب الأمر فهم معادلة المواطنة والوطنية من ثلاثة جوانب مهمة (الجانب السياسي، الجانب الاجتماعي، الجانب الاحتفالي). استوقفتني إحدى التغريدات في موقع التواصل الاجتماعي تويتر: (‏كم من المهنئين باليوم الوطني ‬مقصرون في أداء ما ائتمنهم عليه ولي الأمر، ‏أحسنوا لوطنكم، وأدوا أماناتكم، فيوم الوطن بناء وعطاء وفرحة لأهل الوفاء). إن اختلال معادلة الوطنية والمواطنة، يفسح المجال لظهور نماذج متعددة لأنماط سلوكية فردية أو مهنية، سواء من المواطن العادي أو الفرد المسؤول، تحول دون الوصول إلى الوضعية الصحيحة للعلاقات بينهما. بالنسبة للمواطن قد يسود لديه نموذج الشك وفقد الثقة، وفي ما يخص الفرد المسؤول قد يتم رصد نماذج سلبية من قبيل التعسف أو التجاوز أو استغلال السلطة الممنوحة لمصلحته الشخصية على حساب مصلحة الآخرين من المواطنين، أو المصلحة الوطنية العامة والمشتركة، مما قد يشعر المواطن بالغبن أو القهر، ويفرغ شعار ما وُضع الجهاز الحكومي - الذي يمثله ذلك المسؤول – إلا لمصلحة المواطن والوطن من مضمونه، أو المساس بحقوق المواطن الخاصة، الأمر الذي ينعكس سلباً على شعور المواطن بالانتماء. لا جدال في أن سيادة معادلة تعامل غير سوية ينتج عنها حدوث بعض التجاوزات من المسؤول من جانب، وتبلور صورة ذهنية سلبية لدى المواطن عن تلك المنظومة الحكومية تميل أكثر فأكثر إلى التعميم، خصوصاً إن استمرت التجاوزات حتى وإن ندرت من جانب آخر، في إطار عام من الضغوط العامة المتعددة كالضغوط الاجتماعية والاقتصادية، قد تدفع في بعض الأحيان إلى شيوع حالة من التوتر النفسي والتحفز لدى الفرد المواطن، الأمر الذي يفرز الكثير من التداعيات السلبية، ليس فقط على جهود تكريس مفهوم المواطنة، ولكن أيضاً على كفاءة عمل أي إدارة مؤسسية جديدة في مواجهة التحديات التي تتسع دوائرها وتتعدد مخاطرها لتشمل كلاً من المواطن والوطن. وإزاء هذا الأمر وحتمية إدخال تغيير تاريخي وجذري على تصورات الفرد المواطن أولاً بما يحقق تغيرات ملموسة وواضحة في ممارساته المواطنية، باعتبار ذلك شرطاً ضرورياً وإن لم يكن كافياً، يلزم الوصول إلى معادلة تشمل كلاً من الصرامة والحزم من جانب، واستمرار التطبيق وتوسيعه، فضلاً عن التأهيل الذهني المتواصل للمواطن من جانب آخر، ومما لاشك فيه أن هناك علاقة تكاملية بين مكونات هذه المعادلة. هذا الواقع الذهني تجاه المنشأة أو المؤسسة أيّاً كانت، سلبياً كان أم إيجابياً، هو نتاج مجموعة من العوامل التي تتفاعل في ما بينها لرسم معالم تلك الصورة، ومما لا شك فيه أن الفرد المواطن – بسلوكياته وخلفياته – والمسؤول – بممارساته وأولوياته – يتحركان في إطار مجتمعي أوسع، يموج بظواهر عدة تؤثر على علاقة التعامل – بشكل مباشر أو غير مباشر – وتنتقل بها إلى ملفات أخرى، لا تقع بشكل مباشر في الدائرة الضيقة لاختصاص اللجنة، وإن كان عليها التعاطي مع تبعاتها على أداء وسير عملها. وفي هذا الصدد تبرز أهمية معالجة الأسباب الكامنة وجذور المشكلات في المجتمع، التي تعوق جهود تكريس المواطنة من جانب، وتفرز تحديات متجددة أمام المسؤول الجديد وجهته في تأدية مسؤولياتهما بصدق وأمانة من جانب آخر، تنعكس ليس فقط على تعامل الأفراد المواطنين بعضهم البعض، ولكن أيضاً على طبيعة علاقاتهم المهنية وأداء مسؤولياتهم الفردية تجاه أعمالهم، بل وتصل في بعض الأحيان رابطة الانتماء والولاء. إن عملية تكريس نموذج تعاطٍ إيجابي مطلب وطني ستؤدي إلى تجسيد المواطنة، وتحقيق علاقة متبادلة بين المواطن والمؤسسة الحكومية، في إطار مواطنة فعلية تربط بين الكتلة البشرية المتمتعة بحقوقها، والمدركة لواجباتها الشعب، والوعاء الجغرافي أرض الوطن، والسلطة التي تقع عليها مسؤوليات ضبط إيقاع المجتمع، وتحقيق أمنه ونهضته ورخائه.