احتفلت مملكتنا الحبيبة باليوم الوطني السادس والثمانين وبلدنا بفضل «من الله» في أمن وأمان وقيادتنا وشعبنا بصحة وسلام. لا يرتبط حب الوطن والانتماء له والارتماء في أحضانه بيوم ولا شهر ولا عقد ولا قرن بعينه، فالزمن كله وطن، ولا يرتبط بمكان، فكل شبر من موطني هو حبي وعشقي. الوطن هو الجسد الواحد وهو بيت العائلة الكبير، ونحن قيادة وشعباً أعضاء ذلك الجسد، فإذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء، ونحن أركان ذلك البيت، فإذا اهتز ركن تهاوت جميع أركانه. هناك «أعزتي» مَن حبه للوطن مرهون «بشروطه»، متى ما تحقق مجمل تلك الشروط فهو عاشق ومحبٌّ له ومدافع عنه، ومتى ما لم تتحقق، فسينقلب على عقبيه، ومن يفعل هكذا فقد سلم قيادته لطيَّاره الآلي «هواه» وللرياح الخارجية «الآخرين»، فيصبح كذرة في مهب الريح، فيرتد أذاه وبالاً على نفسه أولاً، ويصبح شوكة في خاصرة الوطن. يعتقد فئام من الناس أن حب الوطن والولاء له مُجرد كلمة تُقال، لا تتجاوز أفواهم، أو شعار زائف يتزينون به ويتزيفون له، فتراهم مِعول هدم لأركان الوطن، فمنهم المسؤول الفاسد، ليس المُرتشي أو السارق فحسب، بل يشمل من يتولى من أمر الوطن مسؤولية ويتقاعس عن حمل الأمانة ويهملها بقصد أو غير قصد، ومن يجعل كرسيه ومنافعه الشخصية وخاصته فوق متطلبات الوطن وحاجاته، ومنهم التاجر الفاسد، المُنتفع بتسهيلات الوطن له، وقد كان حافياً عارياً بالأمس، وتراه اليوم ماصَّاً لدماء الأمة من غش وجشع وبخس وتلاعب، ومنهم المُواطن الفاسد، الذي هو أشبه بالطفيل، لا يُرى بالعين المُجردة، يحمله الوطن على عاتقه وهو لا يراه نظراً لضآلة حجمه، ولكن أذاه كبير، كالسوسة ينخر في جسد الوطن. وما اليوم الوطني «أعزتي» إلا تخليد لذكرى توحيد هذا الكيان العظيم على يد المُؤسس الملك عبدالعزيز «طيب الله ثراه»، يتجسد الاحتفال الحقيقي بالوطن والحب له في التفاف الشعب حول قيادته ولُحمته، خاصة في زمن تكالبت علينا فيه الأمم، ليس لسبب إلا لتقويض وحدتنا وحسداً من عند أنفسهم، قاتلهم الله، دام عزك يا وطن.