إنَّ أخاكَ الحقَّ مَن كَانَ مَعَكَ وَمَنْ يَضُرُّ نفسَهُ لِيَنفعَكْ وَمَنْ إذا ريبُ الزَّمانِ صَدَعك شَتَّتَ فيكَ شَملَهُ لِيَجمعَكْ يقول سيدنا عمر رضي الله عنه: ثلاث يصفين لك الود في قلب أخيك، أن تبدأه بالسلام إذا لقيته، وأن توسع له في المجلس، وأن تناديه بأحب الأسماء إليه . وقبل البدء اهدي أزكى تحياتي وسلامي لصديقي وأخي الدكتور صالح الحمادي الذي أتحفنا في مقاله المنشور بصحيفة أنحاء تحت عنوان حدنا الجنوبي بتاريخ 17 سبتمبر 2016، بعاصفة رملية حاجبة للرؤيا، وأشكر سعة صدره لتقبل الرد ووجهة النظر ، وبالمقابل لزاما علي وبحق المودة بيننا أن أخاطبه بأحب الأسماء والألقاب إليه، رغم وجود الكثير من الألقاب التي تصاحب مسماه، فهو المعلم الذي أفنى زهرة شبابه في مجال التعليم وتربية الأجيال، والكابتن الرياضي الذي قطع شوطا في بطولات كرة التنس، وكذلك الإعلامي الذي صال وجال في العديد من المجالات الإعلامية، والمؤلف الذي صدر له عدد من المؤلفات، وأخيرا وليس أخرا هو الدكتور الذي حصل مؤخرا على شهادة الدكتوراه وان كنت لا أعلم حقيقة في أي التخصصات كانت، ومن أي الجامعات منحت ! ولكنني متوكلا على الله سوف أطلق عليه كل تلك الألقاب من خلال السرد الذي أعلق فيه على مقاله الخنفشاري !. لقد كتب الصديق أبا رائد مقالا، توقعت من عنوانه أنه يشيد بالدور البطولي لرجال القوات المسلحة المرابطين في الحد الجنوبي، بعد أن منح جزءا يسيرا من المقدمة لوصف الحرب في اليمن التي خلط بين مسبباتها، وطبيعتها، وسهولة إنهائها، بجرة قلم! لكن صلب المقال كان المراد منه الوصول إلى الحديث عن الأشخاص، ورويدا رويدا حصر الأمر في مدح أحد مشائخ القبائل. ورغم أن المقال اتسم بالكثير من الخلط بين الحابل والنابل إلا أنه حمل معلومات مغلوطة ، بقوله إن الأمير محمد بن سلمان قال للرجال الأشاوس حضرت لرفع روحكم المعنوية، فوجدتكم أنتم ترفعون روحي المعنوية والأمير القدوة كثير الزيارات والمتابعة والجولات المعلنة وغير المعلنة، ولكن العبارة أعلاه لم ترد على لسانه ولم تنقلها ويائل الإعلام ، بل وردت على لسان ولي العهد رئيس لجنة الحج العليا الأمير محمد بن نايف خلال لقاءه بقيادات أمن الحج قبل ساعات من وقوف الحجاج على صعيد عرفة . وبعد المغالطة الأولى أتى الدكتور واستعرض على طريقته الخاصة زيارة معايدة قام بها محافظ صعدة هادي الوائلي وعدد من المشايخ لأحد مشائخ القبائل في منطقة عسير، وتحدث عن الجو الحميمي الذي ساده التسامح والنقاء، إلا أن الكابتن أراد أن يكحلها فأعماها، وأتى بما لم يأت به من قبله كل المادحين في غير مكان قولهم، فقال عن هذا الشيخ –الذي نكن له ولغيره من مشائخ القبائل كل الاحترام والود- (إن هذا الشيخ بقيمته الاعتبارية، ومكانته وخبرته في لقاء مع أبرز مشايخ اليمن، قد يحقق بخبرته وتواضعه ما لم يحققه السياسيون بلغتهم المقننة)! استوقفتني إجباريا جملة ما لم يحققه السياسيون بلغتهم المقننة وأدركت يقينا أن بطل كرة التنس في زمن العثري قد سدد الكرة بضربة عشوائية في غير موقعها وخرجت من إطار اللوح الرياضي إلى الحوش الخارجي، ورغم ذلك حظيت بهالة من التصفيق عند بعض الأتباع والمجاملين ! ففي الوقت الذي حققت فيه عاصفة الحزم وخلال فترة وجيزة إنجازات كبيرة لا حصر لها، وحظيت بترحيب عربي وإسلامي ودولي، والتفت من حولها على عجل عشرات الدول لوضع حد فاصل وحازم لهذا الهزل الانقلابي والعبث الإيراني؛ إلا أن الإعلامي القدير خانه التعبير وهبط بقلمه إلى ساحات التمجيد القبلي، فخلط خلطا عجيبا وربط ربطا غريبا بين دور اجتماعي مهم وفي نطاق محدود ومحدد لشيخ القبيلة ليتعداه إلى ربط هذا الدور بأحداث سياسية في ظل وجود كيانات ودول وطنية وأنظمة وأعراف ومؤسسات دولية. وأنا اذكر أنني تلقيت اتصالا هاتفيا قبل عدة أشهر من الكابتن الدكتور وأشاد بدوري الإعلامي في تغطية الأحداث في اليمن، وأنا له من الشاكرين، لكنه قال بالكلمة الواحدة أنت تستطيع أن تحل المشكلة القائمة حاليا في اليمن عبر علاقاتك الشخصية، لأنه ليس شرطا أن تأتي الحلول عبر الطاولات الدبلوماسية! كان صمتي حينها لوهلة من الزمن أثناء المكالمة للاستعراض بسرعة فائقة عن الأدوار الدولية، والمشاورات الجنيفية الكويتية، والجهود الخليجية، وكذلك دور مجلس الأمن، والأمم المتحدة لإنهاء الأزمة اليمنية، وبعد ذلك الاستعراض، أدركت حينها أنني قد أكون بين ليلة وضحاها بان كي مون وراسم خارطة السلام اليمنية .. لقد أدخلني المتصل الكاتب –سامحه الله- بأسلوب تلقينه الشفهي، وتعويذاته، دوامة لا زلت حتى اللحظة أعيش غياهب أحلامها!! أن هنا اضع نفسي مكان الكثير من القراء الذين طالعوا مقال الإعلامي المعلم ، وحاول أن يوهم القراء بوجود دور خفي لشيخ القبيلة قد ينهي الصراع في اليمن، وتساءلت ما هو هذا الدور وكيف يمكن أن يكون، سيما وكل الجهود بذلت والمساعي رفضت من ثلة انقلابية، وهل بالإمكان أن يكون لدى أي شيخ قبيلة خيار أفضل مما كان؟!! هل توجد قوة جوية مختلفة، أو خطة حربية مغايرة، وهل بالإمكان أن تقدم القبيلة أو شيخها إغاثة أكبر من مركز الملك سلمان العالمي لتقديم الإغاثة للمكلومين هناك؟ لعل القارىء الفطن أدرك الحقيقة قبل أن يعرف التفاصيل! لعل الأستاذ المهتم والمنشغل بمراكي العصريات تحمس كثيرا عند حضوره لذلك المجلس حماسا خارجا عن المألوف، وخلق فكرة لكتابة مقال، كانت عبثية أكثر منها هزلية، لقد وضع الكابتن بعلم أو بجهل الحلول بأيدي المشايخ، وتجاهل أن القضية أكبر من صلح شيخ أو دعوة نائب، وغاب عن فكره أن السعودية ليس لها خلاف مع الشعب اليمني أبدا، وهو ما يؤكده مرارا مستشار وزير الدفاع والمتحدث باسم قوات التحالف اللواء أحمد عسيري بان القضية يمنية – يمنية، والتدخل السعودى أتى بعد طلب من الحكومة الشرعية، لردع التمرد والانقلاب على الحكومة الشرعية. لم يتوقف صاحبنا عند هذا الحل العجيب لإنهاء الأزمة اليمنية، بل شطح على هامش نهاية مقالته بقوله: (إن الملائمة المطلوبة يستطيع فعلها الشيخ) هنا لا أعرف ولم يوضح للقراء ما هي تلك الملائمة التي يمكن أن يصنعها أي شيخ قبيلة، وأعلم يقينا أن الكثير سيقول لماذا لا يمنح الفرصة ذلك الشيخ أو غيره؟ و حتى لا يفهم الرد عكسيا فأنا –وكما أوضحت سابقا- أجل وأحترم وأقدر مشايخنا، وأعلم جيدا وأنا ابن المنطقة أن بعضهم لم يتمكن من حل مشكلة بين شخصين في داخل قرية، حول اختلاف في بضعة أمتار من الأملاك الخاصة، وقد لا يلامون في ذلك فتخرج المشكلة من مجلس شيخ القبيلة إلى دائرة القضاء الشرعي. فكيف ترى تلك الملائمة يا أستاذ صالح على مستوى خلافات دولية؟!! الدكتور والكابتن والمعلم والكاتب : يحق لك المدح كيفما شئت، وكان من الأجدر أن تنثر مديحك على أريكة ذلك المجلس الذي جمعكم وليس على مستوى صحيفة إلكترونية يتابعها الملايين، وتجعلهم يعقدون آمالا على أحلام لا حقيقة لأضغاثها، ويعتقدون أن هناك بالفعل حل جذري وعصى سحرية في أيدي مشائخ القبائل لخل خلافات سياسية أمنية مصيرية بينما كل ما في الأمر سوالف تبدأ بالبخور الكمبودي وتنتهي بشاي النعنع المسرع للهضم ! يا كابتن : ليس عيبا أن نتداول الحديث في المجالس، ونرسم لحظة تصورات فانتازية في الخيال، وليس معيبا ثناؤك للشيخ أو القبيلة.. ولكن أرجوك دع –ولن أقول أعط- القوس لباريها .. وحاول أن يكون الضمير متصلا لتصل الرسالة ويتحقق الهدف وتحظى بالشعبية !