الحوادث المرورية المفضية إلى قتل النفس والآخرين، أصبحت عنوانا يوميا في صحافتنا ووسائل إعلامنا وأحاديثنا اليومية. من المؤكد أن هذا السلوك الفردي الشائع، القائم على التهور والسرعة المفرطة والتعدي على حقوق الطريق ومخالفة الأنظمة وكسر القواعد، كل هذه الأمور المشهودة تفضي لاستمرار حالة النزف اليومي. صحيح أن المرور بذل جهودا من أجل مضاعفة العقوبات وتغليظها. وقد صدرت قرارات عدة تتعلق بهذا الأمر. لكنني على يقين أن الإشكالية ليست في مضاعفة الغرامة، بل إن الأمر يرتكز أساسا على معالجة نقص الكاميرات التي ترصد المخالفات، ونقص الأفراد الذين يرصدون التجاوزات ويقومون بإعطاء مخالفات فورية. وهذا الأمر يتجاوز مجرد زيادة غرامة على تجاوز الإشارة الحمراء أو السرعة المفرطة، إذ يستمر غض النظر عن الرعونة في القيادة والتنقل من اليمين إلى اليسار في الطرقات السريعة بهدف التجاوز، ومعاكسة الطرق الداخلية بهدف اختصار الطريق. وهذه السلوكيات المعيبة لا توجد عملية رصد لها لا من خلال الكاميرات ولا من خلال رجال المرور. ولا تزال مشكلة التفحيط تفتك بأرواح ممارسيها أيضا، وقد تناقل الناس بالأمس في الرياض خبر وفاة نتيجة آفة التفحيط. ولسنا هنا بصدد المشاركة في الخوض في جدل حول أنفس أفضت إلى ربها، لكن من المؤكد أن حادثة الوفاة تلك تحتاج إلى حزم إضافي يفضي إلى اختفاء كل هذه الممارسات غير السوية، وإجبار المفحطين على عدم تعريض أرواحهم وأرواح الآخرين للأذى. إننا نحتاج إلى أن نشهد حزما ومراقبة للسلوكيات المرورية للسائقين، فالمسألة هذه أهم كثيرا من التركيز على بعض المخالفات التي يتم التشديد عليها في نقاط التفتيش وفي مقدمتها تظليل السيارة. كما أننا نحتاج إلى الاستفادة من الإحصائيات الخاصة بالحوادث المرورية في هذا التقاطع أو ذاك. إذ إن استمرار الحوادث، يفترض أن يعكس خللا يحتاج إلى علاج عاجل. وأخيرا: ما زلت أدعو إلى اختيار عام كامل لإطلاق حملة للحزم المروري، يتم من خلالها تكثيف العقوبات على المتجاوزين، والتصدي للخروقات التي تتعرض لها شوارعنا. إن معالجة الشارع والسلوكيات المرورية فيه هي المقدمة التي ستفضي للانضباط في مناح كثيرة.