تحتفل مملكتنا الغالية بيومها الوطني وسط أجواء وطنية تعبق بالفخر والاعتزاز وبنظرة مفعمة بالإيمان والأمل.. يتجدد الزمن وتتجدد الذكريات. نعيش ذكرى اليوم الوطني في ذكراه السادس والثمانين الذي جاء تتويجا لتضحيات جسام قدمها أبناء الوطن، وفي ركابها تعيد إلى ذاكرة الأجيال أريج منجزات وتضحيات الآباء والأجداد وقد زرعوا لنا فسائل العمل الوطني لنجني ثمارها آمنين مطمئنين على تراب هذا الوطن العزيز. .. إنها قصة وطن توجت فيها الإرادة الوطنية على صهيل الخيل، لتوحيد هذه الأرجاء المباركة تحت راية التوحيد الخالدة، ليجتمع أهله على أنبل معاني التكاتف والتعاون. .. قصة الوطن كتبت بأيدٍ سعودية تعاملت مع الإنسان والزمن والبيئة بنضج ووعي ومسؤولية، لتصنع اقوى لحمة وطنية في التاريخ يسير شريان الحياة فيها على أساس من العقل والحكمة والإيمان.. .. ونحن نعيش عبق ذلك التاريخ، لا بد لنا من وقفة مع هذه الذكرى التي ترجع بنا إلى إعادة قراءة الصفحات البطولية في سفر التضحيات والأدوار العظيمة الخالدة التي بذلها الرجال وعلى رأسهم مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -يرحمه الله-، هؤلاء العظماء الذين استطاعوا بعزيمتهم، وعظيم تضحياتهم أن يسطّروا أروع الأمثلة في حب الوطن، فأسسوا تاريخ أمة ظل على مر السنين مشرقا ومفعما بكل ما يضمن الحق والعدل. إننا ونحن نستذكر أولئك الأبطال مستلهمين من نضالهم الوطني و من أدوارهم البطولية، نستخلص الحقائق والعبر المهمة؛ فتوحيد هذه الارض الطاهرة لم يكن منحة أو تنازلا من أحد بل كان انتصارا واستحقاقا ناله هؤلاء الرجال بتقديم أغلى التضحيات سواء بالسلاح أوالكلمة، إنها دماء الأبطال وعزائم الرجال التي صنعت المعجزات فكسرت حاجز الزمن وحلقت في فضاء التاريخ في وقت ماجت فيه الشعوب والجماعات وتمخضت أيامه بالأحداث الجسام.. فيه المصائب تتوالى من ذات اليمين وذات الشمال، كل يقارع ضد الفناء.. إلا ان أولئك الرجال الذين آمنوا بأهمية الإنسان والأرض، استطاعوا ان يرفعوا راية الوطن متوحد اللبنات ليتبوأ المكانة اللائقة به بين الدول بما يتناسب وقدسية أرضه ورسالته العظيمة وإسهاماته الفاعلة في بناء الحضارة الإنسانية. .. وإذ انتهى بهذا اليوم واجب الآباء والأجداد في كفاح الوطن، فقد بدأ واجبنا نحن في حماية منجزاته و إعلاء صروحه وصيانة وحدته والحفاظ على هويته ومقوماته والدفاع عن مقدساته وتعزيز نهضته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا سبيل إلى ذلك إلا بأن نكون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، وأن نواجه المستقبل أمة واحدة متماسكة قوية، حتى يبقى وطننا مثالا يحتذى به، مناراً للثقافة وواحة امن واستقرار لكل من يعيش على ترابه الطاهر من المواطنين والزائرين من الحجاج والمعتمرين.. .. ونحن نعيش نجاح موسم حج هذا العام، وما يقدمه جنودنا البواسل على الحدود من تضحيات لحماية الأماكن المقدسة وكل شبر من هذه الأرض المباركة، نجدد العهد لقيادة الوطن بالالتفاف حولها والسير معها ومن خلفها بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو ولي ولي العهد لمتابعة مسيرة التنمية بنهضة حضارية وثقافية واقتصادية وسياسية رائعة ستظل إلى الأبد محط اعجاب الجميع. فهنيئا للوطن بيومه الوطني، وهنيئاً للمواطنين بهذا الوطن الذي ستظل اشراقته تضيء دروبنا.. لأجله نسمو.. وبذكره نعانق السماء. - عبد العزيز بن مسفر القعيب