فشلت الولايات المتحدة وروسيا بعد ٣ أيام من المشاورات في نيويورك في الاتفاق على آلية لتطبيق «اتفاق وقف الأعمال القتالية» في سورية. وأعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري مساء الخميس انهيار المسار الذي أطلقه الاتفاق قبل أسبوعين مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، بعد اجتماع استمر نحو ٤ ساعات مع وزراء خارجية «مجموعة الدعم الدولية لسورية»، غاب عنه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير. وأجمعت مصادر ديبلوماسية على أن فشل جولة نيويورك سببه عدم تمكن المشاورات من تجاوز عقدتين: واحدة تمثل مطلباً أميركياً وهو وقف حركة الطيران الحربي التابع للحكومة السورية في شمال سورية ٧ أيام، والأخرى روسية تتمثل في فصل «جبهة النصرة» عن باقي مجموعات المعارضة. وقال ديبلوماسي شارك في الاجتماع إن لافروف «لم يتمكن من التعهد بوقف طلعات الطيران السوري قبل مراجعة موسكو»، وأن كيري «لم يستطع التعهد بإلزام المعارضة الانفصال عن النصرة، قبل الحصول على ضمانة روسية بوقف الطلعات الجوية السورية». وأوضح ديبلوماسي مطلع على الموقف الأميركي إن «فشل المحادثات في نيويورك أعادنا إلى ما قبل اتفاق ٩ أيلول (سبتمبر)، وتكمن المشكلة الآن في عدم وجود بديل عن هذا الاتفاق». وعقد كيري ولافروف بعد ظهر الخميس آخر مشاوراتهما في نيويورك خلال اجتماع لـ «مجموعة الدعم الدولية لسورية» استمر نحو ٤ ساعات. وألقى كيري كلمة متلفزة بعد الاجتماع، قال فيها: «لا يمكن أن نستمر إلى الأبد» في بحث تطبيق الاتفاق في ظل فقدان المصداقية بالتزام روسيا والنظام السوري به. وأعرب كيري عن «الإحباط» حيال الفشل في التوصل إلى تحديد تسلسل متدرج لتطبيق الاتفاق بسبب «فقدان للثقة» بتقيد روسيا والنظام السوري بما يتم التوصل إليه. وشدد على أن «الطريق الوحيد لإعادة الثقة هو عبر تبني إجراءات عملية» وأنه «يجب على من لديهم القوة الجوية أن يوقفوا استخدامها، ليس ليوم أو اثنين بل إلى وقت يعيد الثقة بهم». وقال إن الولايات المتحدة متمسكة بمحاولة التوصل إلى تطبيق الاتفاق «لكن لا يمكن أن نكون الوحيدين» في هذا، مشدداً على ضرورة أن «تقوم روسيا والنظام بدورهما من خلال خفض حقيقي ومستمر للعنف، والسماح للمساعدات بالدخول» إلى حلب وباقي المناطق المنكوبة. وأضاف كيري: «إن أثبتت روسيا جديتها في التقيد بالاتفاق، سنعمل مع المعارضة لخفض دائرة العنف، لأن على المعارضة أيضاً أن تحافظ على اتفاق وقف الأعمال القتالية، والانفصال عن جبهة النصرة». وحذر من أن عدم التوصل إلى حل بموجب هذه الخطة وتسلسلها «سيزيد حدة الأزمة»، وكرر جملته لليوم الثاني على التوالي بأن «هذه هي ساعة الحقيقة، بالنسبة إلى روسيا والنظام السوري، والمعارضة السورية وداعميها». ونقل ديبلوماسي شارك في الاجتماع أن كيري ولافروف «كانا شديدي الصراحة» في الجلسة الماراثونية ضمن «مجموعة الدعم الدولية لسورية» وهو ما بّين «مستوى فقدان الثقة بينهما». وقال إن استمرار القصف من جانب روسيا والنظام السوري، خصوصاً على قافلة المساعدات الإنسانية، وتكثيف الغارات على حلب خلال المحادثات، ورفض فصائل معارضة الاتفاق «عوامل أظهرت أن كلاً من الجانبين الروسي والأميركي يسير في موكب مختلف». وأضاف أن لافروف قال في الاجتماع إنه «لا يستطيع إعطاء الموافقة في نيويورك على وقف الطيران الحربي السوري تحركاته ٧ أيام» تلبية لطلب كيري، وأنه سيغادر نيويورك «لنرى ما هو الموقف في موسكو». وتمسك لافروف في الجلسة بالحصول على «ضمانات من الولايات المتحدة بأنها ستكون مستعدة لقصف جبهة النصرة»، لكنه قوبل بإصرار كيري على وقف الطيران السوري تحركاته أولاً. ونقل ديبلوماسي آخر عن وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف أنه شكك في أساس الاتفاق، وقال في واحدة من مداخلاته إلى كيري: «جون، ما الذي سيضمن أن المعارضة لن تعزز مواقعها مع وقف تحليق الطيران السوري»، وأضاف: «ما الضامن أن جبهة النصرة لن تستفيد من وقف الطلعات الجوية وتعمل على استعادة مناطق خسرتها». ووفق المصدر نفسه، تولى لافروف الرد على ظريف بالقول «فقط الطيران السوري سيوقف طلعاته، أما طائراتنا فستواصل التحليق»، في إشارة إلى أن روسيا تستطيع قصف جبهة النصرة من دون الحاجة إلى الطيران السوري. دي مستورا وخيبة كبرى وأعرب المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي مستورا عن «خيبة كبرى» جراء «اجتماع مطول من دون أي نتيجة فعلية، سوى أن روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على مواصلة العمل للتوصل إلى وقف الأعمال القتالية». وقال إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين وزيري البلدين في جنيف في وقت سابق الشهر الجاري «هو خطة جيدة» تتدرج من «وقف الأعمال القتالية إلى إرسال المساعدات ومعالجة الغموض في شأن جبهة النصرة، ثم وقف حركة الطيران الحربي السوري» وأن كيري ولافروف «سمعا من جميع الحضور ما توقعه الجميع وهو الدعوة إلى الالتزام المتبادل منهما» بالاتفاق. واعتبر دي ميستورا أن «الساعات والأيام المقبلة ستكون حاسمة»، معتبراً أن عدم نجاح موسكو وواشنطن في وقف الأعمال القتالية «له بديل واحد هو العودة إلى الحرب». وسئل عن تكثيف القوات الحكومية قصفها على حلب، فقال: «كان واضحاً في الاجتماع أن روسيا والولايات المتحدة تواجهان مقوضين ممن لا يريدون التوصل إلى اتفاق، وهذا بدأ مع مسألة دخول المساعدات التي جعلتها الحكومة (السورية) معقدة جداً، وكذلك بعض المعارضة». وأوضح أن سبب عرقلة «المقوضين» للاتفاق هو أنه «سيلزم وقف حركة الطيران الحربي السوري، وسيفصل النصرة عن باقي المعارضة». لكن دي ميستورا اعتبر أن لروسيا والولايات المتحدة «قوة يجب أن تستخدماها. ولم يحدد المبعوث الخاص إلى سورية أي موعد لجولة تالية من المشاورات الأميركية - الروسية.