شنت طائرات حربية أعنف ضربات جوية على الأحياء التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في حلب اليوم الجمعة (23 سبتمبر/ أيلول 2016) بعد أن أعلن الجيش السوري المدعوم من روسيا عن هجوم للسيطرة الكاملة على أكبر مدن سوريا الأمر الذي بدد أي أمل في إنعاش وقف لإطلاق النار. وقال سكان إن الشوارع كانت خالية إذ لا يزال 250 ألف شخص في القطاع المحاصر الخاضع لسيطرة المعارضة في حلب يحاولون الاحتماء من الضربات الجوية. وذكر معارضون والمرصد السوري لحقوق الإنسان أن الغارات من تنفيذ طائرات متطورة قالوا إنها لا بد وأن تكون طائرات روسية. وتحدث سكان أيضا عن هجمات بطائرات هليكوبتر تستخدم براميل متفجرة وهو أسلوب عادة ما ينسب للجيش السوري. وقال محمد أبو رجب وهو خبير أشعة لرويترز "هل يمكنك سماعها؟ الصواريخ تصيب الحي الآن. يمكننا سماع الطائرات الآن... الطائرات لا تغادر السماء... طائرات هليكوبتر وبراميل متفجرة وطائرات حربية." ولم يترك القصف المكثف مجالا للشك في أن الحكومة السورية وحليفتها روسيا تجاهلتا مناشدة من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لوقف الطلعات الجوية من أجل إحياء وقف إطلاق النار الذي استمر أسبوعا قبل أن ينهار يوم الاثنين. وقال قيادي بالمعارضة إن هذه أعنف انفجارات تشهدها المدينة. وأضاف في تسجيل صوتي أرسله لرويترز "استيقظت على زلزال قوي على الرغم من أنني كنت بعيدا عن موقع سقوط الصاروخ." وقال إن "شهداء" من جماعته تحت الأنقاض في ثلاثة مواقع. وفي وقت متأخر مساء أمس الخميس أعلن الجيش السوري في بيان بدء عملياته في أحياء شرق حلب ودعا الناس إلى الابتعاد عن مقار ومواقع "العصابات الإرهابية المسلحة". ولم يقدم البيان أي تفاصيل عن العملية. وكان شرق حلب هدفا بالفعل لضربات جوية كثيفة أمس الخميس. وقال مصدر مقرب من دمشق لرويترز اليوم الجمعة إن عملية برية كبرى لم تبدأ بعد. وقال المصدر "العمليات العسكرية تشمل كل شيء وبالطبع أهم شيء العملية البرية." ولم يرد تعليق فوري من الجيشين الروسي أو السوري بشأن الضربات الجوية اليوم الجمعة. وتزامن إعلان الجيش السوري للهجوم مع اجتماعات دولية بشأن سوريا في نيويورك في أحدث جهود دبلوماسية رامية إلى إحياء الهدنة التي توسطت فيها الولايات المتحدة وروسيا. وكان انهيار الهدنة هو نفس مصير جميع الجهود السابقة لإنهاء الحرب المستمرة من خمسة أعوام ونصف العام والتي قتل فيها مئات الآلاف من السوريين. وقد يكون انهيار الهدنة آخر محاولة لتحقيق انفراجة في مساعي السلام قبل أن يترك الرئيس الأمريكي باراك أوباما منصبه. * "إبادة" شددت الحكومة السورية المدعومة بالقوة الجوية الروسية والفصائل الشيعية المدعومة من إيران قبضتها على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب هذا العام وحققت هذا الصيف هدفا طال انتظاره وهو تطويق المنطقة بالكامل. وتسيطر الحكومة بالفعل على النصف الغربي للمدينة حيث فر عدد أقل من الناس. وقبل الحرب كان يقطن المدينة نحو ثلاثة ملايين نسمة وكانت المركز الاقتصادي لسوريا. وستمثل استعادة السيطرة الكاملة على حلب أهم انتصار في الحرب حتى الآن للرئيس السوري بشار الأسد الذي سعى إلى تشديد قبضته على المدن الغربية حيث كانت تعيش الغالبية العظمى من السوريين قبل أن يدفع القتال نصف سكان البلاد إلى ترك ديارهم. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 40 ضربة جوية على الأقل نفذت منذ منتصف الليل. وقال عمار السلمو مدير الدفاع المدني في مناطق سيطرة المعارضة في حلب إن ثلاثة مراكز من أصل أربعة في حلب تعرضت للقصف. وقال لرويترز إن ما يحدث الآن "إبادة" وإن القصف أعنف اليوم وشارك فيه عدد أكبر من الطائرات. ويمثل الاتفاق الأمريكي الروسي ثاني محاولة للجانبين هذا العام لإنهاء الحرب. وكان يفترض أن يحقق الاتفاق وقف إطلاق النار في عموم البلاد ويحسن إيصال المساعدات الإنسانية ويشمل تعاونا أمريكيا روسيا ضد الجماعات المتشددة بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا قبل إعلان انفصالها عن التنظيم. * اجتماع مطول وشاق ومخيب للآمال لكن وقف إطلاق النار انهار وتجدد القصف يوم الاثنين وشمل قصف قافلة مساعدات ألقت فيه واشنطن باللوم على موسكو التي نفت مسؤوليتها. ويبقى الأسد على تحديه إذ قال أمس الخميس إنه يتوقع أن يمتد الصراع ما دام جزءا من صراع عالمي تقاتله فيه جماعات مدعومة من السعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة. وفي الأمم المتحدة أخفقت الولايات المتحدة وروسيا أمس الخميس في التوصل لاتفاق لإحياء وقف إطلاق النار خلال ما وصفه ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا بأنه اجتماع "مطول وشاق ومخيب للآمال". واجتمعت المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تضم موسكو وواشنطن وقوى كبرى أخرى على هامش الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة في نيويورك. وقال كيري "تبادلنا الأفكار مع الروس ونعتزم التشاور غدا بشأن تلك الأفكار" وعبر عن قلقه من التقارير التي تحدثت عن هجوم سوري جديد مزمع. وقال "أنا أقل عزما اليوم عما كنت بالأمس بل أكثر شعورا بخيبة الأمل." ودعمت دول غربية دعوة كيري لوقف تحليق الطائرات من أجل تهيئة الظروف للهدنة. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرو إن رد فعل وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على مقترح منع الطائرات الحربية من التحليق "غير مرض".