×
محافظة المنطقة الشرقية

عقد شراكة بين نادي فورت كولنز وشركة “ماكسمس” لتوفير فرص تدريبية للمبتعثين

صورة الخبر

لندن: جميلة حلفيشي تنفس منظمو أسبوع الموضة اللندني الصعداء، يوم الثلاثاء الماضي، ليس لأنه همّ ثقيل انزاح عن أكتافهم، بل لأن جهدهم لم يذهب سدى، وكان أسبوعا ناجحا بكل المقاييس. فلا يوم الحب ألهى المحبين عنه، ولا الأمطار المتهاطلة جعلت المتابعين يعزفون عنه، ولا حفل توزيع جوائز «البافتا» سرق الأضواء منه. صحيح أن الطقس لم يكن رحيما به بدليل أن طائرات كانت تقل رئيسة تحرير مجلة «فوغ» الأميركية، أنا وينتور، ومجموعة من الشخصيات المهمة حطت في نيوكاسل عوض لندن، بسبب سوء الأحوال الجوية والرياح القوية، إلا أن هذا لم يؤثر كثيرا على المزاج العام للأسبوع. ولا شك أنا وينتور، تفهمت الوضع وقدرت أن السلامة أهم من أن تتضايق من الهبوط في مدينة لا علاقة لها بالموضة. الطائرة الثانية التي كانت تقل مجموعة من العارضات، مثل جورجيا ماي جاغر، وكندل جينر وجوردان دون، فضلا عن باقة من وسائل الإعلام مثل هاميش بولز، وهو زميل أنا وينتور في مجلة «فوغ»، تعرضت هي الأخرى للمصير نفسه، وجرى توجيهها لنيوكاسل. اللافت في هذه الصورة، ليس ما تعرض له هؤلاء من إزعاج وتعب، بل سرعتهم في مغادرة نيويورك ليسجلوا حضورهم في حفل افتتاح أسبوع لندن، صباح يوم الجمعة الماضي. فرغم أن أسبوع نيويورك كان غنيا ومتنوعا، كما أكدت العروض التي تابعناها واستغرقت سبعة أيام على الأقل، فإن ما لا يختلف عليه اثنان أن لندن أصبحت تحظى بالأهمية نفسها، أو أكثر، إذا أخذنا بعين الاعتبار جانب الابتكار الذي تفتقده باقي عواصم الموضة. ثم لا ننسى أنها أتقنت فن الجذب، وتوظف له كل إمكاناتها الشابة، التي تتمثل في مجموعة من المصممين يتمتعون بفورة الشباب، ولا يتوقفون عن ضخها بجرعات قوية ومركّزة من الحيوية. طبعا لا يمكن إلا أن نعيد بعض الفضل في هذا إلى ناتالي ماسيني، مؤسسة موقع التسوق الإلكتروني «نيت أبورتيه دوت كوم»، التي منذ أن تولت رئاسته في بداية العام الماضي، وهو يشهد ديناميكية جديدة تجعله يرتقي بالتدريج إلى مستوى عالمي أكبر وبدرجة تجعل باقي الأسابيع يحسبون له ألف حساب. فبالإضافة إلى علاقاتها الواسعة مع المشترين ووسائل الإعلام والمصممين، فهي أيضا تتمتع بقدرة على التسويق يحسدها عليها الفطاحل في هذا المجال، مما يؤكده نجاحها، وفي فترة وجيزة، أن تستقطب للأسبوع كل الأسماء المهمة، التي كانت تعدّه محطة ترانزيت من نيويورك إلى ميلانو، لا أقل ولا أكثر. قد يقول البعض إنها ليست من بدأت عملية التطوير والتسويق، إذ سبقها إلى ذلك سلفها رجل الأعمال والمليونير هارولد تيلمان، الذي تسلمت المشعل منه، وهذا صحيح، إلا أن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أنها كانت قوة دفع لم تشهد لها لندن مثيلا منذ عقود بحكم علاقاتها الواسعة. فمن كان يتصور أن لا تتردد وسائل الإعلام في اتخاذ قرار مغادرة أسبوع نيويورك يوم الخميس الماضي، وهو اليوم الأخير، لضمان وصولهم في الوقت المناسب لافتتاح أسبوع لندن على الرغم من أن أغلب مصمميه لا يعلنون في مجلاتهم؟ كل من تابع تاريخ الأسبوع، يعرف أنه قبل خمس سنوات تقريبا، كان يعاني من ظلم باقي العواصم له. فنيويورك، مثلا، كانت ولا تزال، تتعمد تخصيص اليوم الأخير لبعض مصمميها الكبار، حتى «تلوي» ذراع وسائل الإعلام والمشترين وتضمن بقاءهم فيها، وميلانو لم تقبل تغيير برنامجها وتؤخره ولو ليوم واحد، حتى تمنحهم فرصة للتنفس، بيد أن الوضع تغير الآن، بشهادة بعض من كانوا في نيويورك. فعرض «مارك جايكوبس» الذي اختتم به الأسبوع مساء يوم الخميس الماضي، وعلى الرغم من أهميته، بحكم أنه أول عرض له منذ أن غادر دار «لوي فويتون» ليتفرغ لخطه الخاص «مارك جايكوبس»، لوحظ فيه غياب بعض الأسماء المهمة، وهو ما لم يكن ليحدث سابقا أو يخطر على البال. لندن تدرك أنها بدأت تسحب السجاد من بعض هذه العواصم، ولا تفوت أي مناسبة للافتخار بشبابها. كما أن منظمة الموضة البريطانية، لا تملّ من نشر دراسات وتقارير تفيد بأهمية الموضة عموما كصناعة، مثلها مثل باقي الصناعات الأخرى، وربما أكثر تأثيرا منها وربحا. آخر هذه التقارير أعلنت عن نموها الملحوظ هذا العام، لتصل قيمتها إلى 26 مليار دولار في بريطانيا وحدها. كما قدر خبراء اقتصاد من جامعة «أكسفورد» بأنها باتت توفر 797 ألف وظيفة. من كل هذا نستخلص أن لندن تعيش عصرا ذهبيا جديدا لم تشهده منذ الستينات، حين كانت العاصمة التي تولد فيها صرعات الموضة واتجاهاتها، وحين كانت محلاتها تضج بابتكارات مصممين شباب لم يسمع عنهم أحد من قبل، لكنهم كانوا يؤثرون على ثقافة الشارع ويغرفون منها في الوقت ذاته. والطريف أن بين العهدين عدة قواسم مشتركة، فبينما كانت رؤيتهم في الماضي التحرر من قيود الماضي ومحو المآسي التي خلفتها الحروب والأزمات الاقتصادية، والتخلص من ألوانها الرمادية والقاتمة، فإن نظرة إلى ما قدمه المصممون هذا الموسم، تؤكد أيضا أنهم يتحدون الأزمة الاقتصادية بالتفاؤل والألوان والأناقة التي تبيع. ما غاب من الصورة القديمة هو الابتكار الجامح الذي يصل أحيانا إلى حالة من الجنون، حين كان المصممون لا يعترفون بمفهوم التسويق التجاري ويفضلون «الفني»، ويعتمدون عليه لجذب الأنظار. الأمر تغير الآن، فقد توسعت هذه الصناعة وأصبحت المنافسة شرسة، لا مكان فيها للفني وحده، وبات على المصمم أن يتقن فنون البيع أيضا، وهذا ما أشارت إليه كارولين راش، وهي من المسؤولين الكبار لمنظمة الموضة البريطانية في لقاء خاص بأن «مهمة الأسبوع أن يحول التشكيلات التي يقدمها المصممون إلى تجارة»، أي إلى تشكيلات تبيع. من جهتها، تعهدت ناتالي ماسيني، بأن تدعم الشباب وتساعدهم على التوسع والانتشار عالميا، ليس بدعمها الابتكار وحده، بل أيضا بتقديم يد العون لكل من له رؤية واضحة ونظرة تجارية، أيا كانت جنسيته. لم يكن هذا مجرد كلام، بدليل العروض المتنوعة لمصممين صاعدين من كل أنحاء العالم، بل وفتحت الفرصة للمصممة «جي جي إس لي»، أن تفتتح الأسبوع. للعلم، فإن «جي جي إس لي» من مواليد سيول، لكنها انطلقت من لندن، ولفتت الانتباه إلى تصاميمها في المواسم الماضية، مما يجعلها من الشباب الذي تراهن عليهم لندن. لم تخيب المصممة الآمال يوم الجمعة الماضي، حيث تضمن عرضها كثيرا من القطع ذات الخطوط البسيطة والواضحة، وكان أجمل ما فيه أزياء خاصة بالنهار والنزهات الخلوية بألوان الأسود والأخضر الزيتوني الغامق تتخللها طبعات خفيفة. الشاب جون بيير براغزا، قدم أيضا وفي اليوم نفسه تشكيلة أنيقة تميزت بالتفصيل، مع لمسة إنجليزية مثيرة تمثلت في بنطلونات منخفضة الخصر أحيانا، وجاكيتات قصيرة يظهر منها قليل من الخصر، بعضها من الجلد، وبعضها الآخر بخامات أخرى. كانت التشكيلة كما اعترف لنا بعد العرض موجهة لامرأة قوية «لا تقبل بأن يدوس على طرفها أحد». لكن الملاحظ فيها أن الشطحات غابت وحلت محلها تصاميم يمكن تسويقها بسهولة، خصوصا أن الكثير منها عبارة عن قطع منفصلة يمكن للمرأة أن تنسقها بطريقتها وحسب أسلوبها الخاص. ما يشهد على تطوره ونضجه ابتعاده عن أسلوب الـ«بانك» الشبابي الذي كان يطبع تصاميمه في السابق. في المقابل، تحتفل دار «داكس» بمرور 120 عاما على بدايتها، لهذا قرر مصممها فيليبو سكافي أن يحتفل بهذه المناسبة برد الاعتبار إلى الكاروهات، أي النقوشات المربعة، التي تتميز بها الدار منذ انطلاقها وتعدّ من رموزها. وهي مربعات حاولت في المواسم الماضية التخفيف منها، حتى لا تصيب بالتخمة، لكن المصمم ارتأى أن يستعملها في كثير من القطع، من التنورات المستقيمة إلى الكنزات الصوفية ذات الألوان المعدنية مرورا بالفساتين والمعاطف. المصمم كريستوفر رايبورن، في المقابل، نقلنا في رحلة استكشافية لعوالم بعيدة، لكن باردة جدا، مما يفسر كمية الصوف الذي استعمله والكنزات والمعاطف التي طرحها إلى جانب الإكسسوارات، التي ما إن تقع عليها العين حتى تشعر بالدفء يسري في أوصالك. وهذا يؤكد أنها ستكون خير رفيق في الأيام الباردة المقبلة. المصمم قال إنه استلهمها من نساء مغامرات ومستكشفات، مما يفسر أنها مناسبة للأجواء الباردة، بما في ذلك القطب الشمالي أو سيبيريا. أما المصمم إيمليو دي لا مورينا فقدم تشكيلة رومانسية عاد فيها إلى جذوره الإسبانية، وكل شيء يحبه ويذكّره بأحداث جميلة مرت بحياته حسبما شرح لنا قائلا: «أشعر بأنها تعكس من أكون». واعترف أيضا بأنه استقى فيها كثيرا من أعمال غويا، لا سيما من حيث الألوان، التي تباينت بين البرتقالي المحروق والأحمر القاني والبنفسجي. شملت التشكيلة كثيرا من فساتين الكوكتيل، إما من المخمل أو الحرير، بعضها يستحضر أزياء راقصات الفلامنكو، بأكتافها أو بتنوراتها، لكنها كلها تتميز بالأنوثة مع لمسة من الرومانسية الخفيفة تجلت في ألوان الورد التي طبعت جاكيتات من جلد الخروف، وكنزات واسعة وكشاكش. المخضرم جون روشا، وعلى الرغم من أن ابنته سيمون أصبحت نجمة في سماء لندن، فإنه يؤكد لنا في كل موسم أنه لا يزال الأسد في عائلة روشا. فهو جزء لا يتجزأ من أسبوع لندن، ونجح في السنوات الأخيرة أن يفاجئنا بتغيير جلده مع الحفاظ على الأساسيات، وهو ما تؤكده تشكيلته لخريف 2014 وشتاء 2015، التي قال لنا إنه بناها على التناقضات «فهي مرة مظلمة ومرة مضيئة، راقية وفي الوقت ذاته حيوية تضج بروح الشباب، غير مبالية وأيضا واثقة». وبالفعل، ما إن بدأ العرض حتى شاهدنا سيلا من الأزياء تتميز بالتناقض المتناغم، الذي عدّ عنه بخلق توازن بين القوة والنعومة. لم يغب الصوف كالعادة من تشكيلته، إذ ظهر على شكل «كروشيه» في مجموعة من الفساتين، إلى جانب الحرير والمخمل والأورغنزا والتول. وعلى الرغم من تنوع الأقمشة، فقد كانت كلها تتشابه في كونها تتحرك بانسياببة، لا سيما تلك التي صاغها على شكل ورود بالكامل أو خص بها بعض الأجزاء، مثل الأكتاف أو الخصر أو قبعات ضخمة. كل شيء في هذه التشكيلة كان يضج بالرومانسية، بما فيها التي اصطبغت بالألوان الداكنة. فهذه الأخيرة استحضرت للحظات أزياء العهد الفيكتوري بألوانها أو الإليزابيثي بتفاصيلها الدقيقة والغنية، التي اكتسبت حيوية بفضل الكشاكش والورود التي زرعها أو صاغها من قماشها. مصمم آخر من الجيل القديم أتحف الأسبوع، هو جاسبر كونران. فقد اختار الكلاسيكية عنوانا لتشكيلة تقطر أناقة، وتخاطب امرأة تريد أن تحتفل بأنوثتها أيا كان الثمن. فقد انتقى لها أجمل الألوان، مثل البرتقالي والأسود والوردي المائل إلى البيج، وكذلك أجود الخامات من الكشمير إلى الجلد والحرير، بينما تنوعت التصاميم لتشمل معاطف تغطي الركبة بأحزمة وتنورات مستقيمة وبنطلونات بخصور عالية وفساتين ناعمة فضلا عن تايورات بجاكيتات قصيرة. كل قطعة كانت مناسبة للنهار حين تحتاج المرأة إلى خزانة مناسبة حين تجري مقابلات عمل مهمة أو دعوات غذاء. للمساء، أرسل مجموعة من الفساتين والتنورات والجاكيتات باللون الأسود والبيج القريب من لون البشرة، بعضها مطرز بالكامل بالترتر، باستثناء فتحات في بعض الأجزاء غطاها بالتول أو الموسلين ليخلق بعض التلاعب على السميك والخفيف، أو بالأحرى المكشوف والمستور، وكأنه يلعب معنا لعبة الغميضة. تتذكر وأنت تتابع العرض أن جاسبر كونران ينتمي إلى جيل من المصممين الذين يحتفلون بالأنوثة وينظرون إليها من منظور جمالي كلاسيكي أكثر. ويزيد الشعور بهذه النقطة، كلما تخايلت عارضة بفستان مفصل على الجسم يبرز بعض تقاسيمه أو معطف محدد عند الخصر بحزام وأكتاف ناعمة. بعبارة أخرى فهو يصمم لامرأة مكتملة بالأنوثة وليست بمقاييس صبيانية، وهذا ربما ما يجعلها عملية تغطي كل مناسبات النهار والسهرة على حد سواء. وهذا ما أكده المصمم بعد العرض بقوله: «يمكنك ارتداء أي قطعة للمكتب أو لحفلة. مثلا يمكنك ارتداء فستان مطرز بالخرز في النهار مع جاكيت للتخفيف من بريقه، وفي المساء يمكنك التخلص من الجاكيت والتألق في الفستان وحده.. المهم هو الثقة بالنفس والاعتداد بها للحصول على مظهر لافت».