برلين - لندن: «الشرق الأوسط» لم يعد إبلاغ الناس بمكان وجودك يحتاج إلى المهمة المملة بإرسال معلومات عن المكان على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيس بوك» و«تويتر». لم يعد الأمر يحتاج إلى أكثر من الدخول إلى أحدث خدمات تحديد الموقع لكي يعرف الناس المسرح أو المطعم الذي تتردد عليه باستمرار. ولكن هل ينطوي هذا الأمر على كارثة بالنسبة لحماية الخصوصية الفردية؟ وهل العالم مستعد لتقبل مجتمع يعرف الناس فيه مكان وجود كل شخص سواء كان في المقهى أو متجر الآلات أو محطة القطار. وقد جعلت خدمات مثل «فور سكوير» هذا التتبع ممكنا. ويسجل أعضاء هذه الخدمة دخولهم وإبلاغ الآخرين بأماكنهم. كما يمكنهم استخدامها لكتابة تعليقات على المواقع وتبادل الصور والنصائح والتحذيرات، وتقول الشركة التي تقدم الخدمة إن لديها أكثر من 30 مليون عضو، ويتم نشر ملايين التقارير عن أماكن الأشخاص كل يوم من جانب هؤلاء الأعضاء. وكان موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» قد أطلق خدمة مماثلة في 2011، حيث يتيح للناس تبادل المعلومات عن أماكن وجودهم عبر الإنترنت. ولكن هذا الاتجاه جاء في وقت تزايد فيه قلق الناس بشأن قدرة أجهزة المخابرات على تتبع طريقة حياتهم. ولهذا السبب، فإن الاشتراك في هذه الخدمة لم يعد مجرد تبادل المعلومات عن أماكن الوجود الفعلية، وإنما يمكن الدخول إليها لتقديم تقارير عن مستوى الخدمات في هذه الأماكن، أو لمجرد إبلاغ الآخرين بأنك تشاهد الآن فيلما معينا. وهناك خدمات أخرى مثل «ميزو» و«جيت جلو» تتيح للمستخدم إبلاغ الآخرين أنه يشاهد أحدث حلقة من مسلسل «لعبة الكراسي»، في حين أن خدمة «ساوند تراكينغ» تتيح للعالم معرفة الأغنية التي تسمعها في المنزل. وتشجع المواقع المستخدمين على تقديم أكبر قدر من المعلومات من خلال العروض المجانية والتكريم. فالمستخدم الذي يسجل دخول 50 مرة إلى موقع «فور سكوير» يصبح اسمه «سوبر ستار»، وهذا الذي يتردد على النادي الصحي بانتظام يحصل على لقب «فأر النادي». والشخص الذي يدخل بانتظام من مكان محلي محدد يحصل على لقب «عمدة المكان». من ناحيته، يقول توماس سبينج من الاتحاد المهني للدفاع عن أمن البيانات، وهي منظمة معنية بالدفاع عن الحق في الخصوصية: «أنا أحذر من هذه الخدمات، لأنني لا أعرف من الذي يستطيع الاطلاع على هذه المعلومات». ويضيف سبينج أنه على المستخدمين التفكير في حقيقة أن هذه المعلومات التي يتبادلونها يمكن استخدامها في أغراض إعلانية بعد معالجتها، فمثلا «إذا كنت أتناول البرغر بانتظام، فربما أحتاج إلى أقراص علاج ضغط الدم المرتفع. وقد ذكرت مجلة «آد أيدج» أن هذه الخدمات تقوم بذلك بالفعل. ولكن المدون دانيال رين يرى أن هذه الخدمات تنطوي على إيجابيات، مشيرا إلى أن كل التعليقات تتكامل معها لكي تقدم عرضا وافيا للمكان أو مستوى الخدمة فيه، فالكثير من التلميحات التي يقدمها مستخدمو موقع «فور سكوير» تعني وجود كثير من النصائح الجيدة والقدرة على تفادي المشكلات المحتملة. ليس هذا فحسب، بل إن الصحافي والمدون الألماني ماريو سيكستوس أنشأ موقعا خاصا يحدد دائما المكان الموجود فيه. وقال سيكستوس إن هذا الموقع «بمثابة رد على كل الهيستريا والفزع اللذين يصيبان الألمان مع كل تكنولوجيا جديدة تظهر».