والآن بدأت الدراسة بعد إجازة صيفية لطلاب وطالبات مدارسنا تعتبر الأطول ليس في تاريخ المملكة، بل وقد تكون على مستوى العالم. وفي خلال هذه الإجازة لم يبق تعليق أو طرفة إلا وقيلت عن الطالب والمعلم بسبب هذه الإجازة والتي تخللتها أمور وأحداث محلية وإقليمية وعالمية جعلت الكثير ينشغلون بها، وملأت فراغا كبيرا في الساعات الطويلة من حياة الكثير من المواطنين خلال هذه الإجازة. ولكن وللأمانة فإجازة بهذا الطول هي في الحقيقة ظاهرة غير صحية. وصحيح أن هناك ظروفا لها علاقة بالتواريخ والمناسبات أملت ضرورة وجود إجازة بهذا الطول، ولكن يجب أن نقوم بتغيير مفاهيم طلبتنا وطالباتنا حيال علاقتهم ببيئة مدرستهم. ومما لا شك فيه أن هناك الكثير من الجيل الحالي يرى أن بيئة المدرسة بيئة طاردة وليست جاذبة لأسباب كثيرة. ومن أسباب وجود الشعور بما يسمى البيئة الطاردة هي أمور متعددة ومنها نوعية مباني المدارس والفصول - عدد الطلاب في كل فصل - موقع المدرسة الجغرافي بالنسبة لبيت الطالب - تكاليف المدارس الأهلية - عدم توفر أي أنشطة جاذبة، وأخيرا والأهم وهو العلاقة بين البيت والمدرسة وتقبل الطالب لما يتم تدريسه وأسلوب إرسال وتلقي المعلومة بين المدرس والطالب. وبالطبع هناك أمر مهم يتم تجاهله، وهو كون بعض المدارس بيئة حاضنة للكثير من أنواع العنف والتنمر. في الحقيقة هناك أمور ضرورية لتطوير التعليم وتطوير ما يتلقاه الطالب. وطلبتنا في موقف لا يحسدون عليه فيما يخص المنافسة والتنافس؛ لأن الدرجات العالية فقط ليست كافية لدخول مجال التنافس، وأصبح القلق في الوقت الحالي يصيب الطالب والطالبة في مراحل مبكرة من حياتهم الدراسية. ففي الماضي كان أكبر هم على الطالب هو السنة الأخيرة في المرحلة الثانوية والتي من الممكن من خلالها ان يزيد من عيار الاهتمام والمذاكرة لعدة شهور، وبعدها وبمعدل عال يتم قبوله في أي مجال يريد. وأما الآن فهناك ضرورة من الطالب أن يكون مستعدا وجاهزا للحصول على الدرجات والمعدلات العالية في مراحل قبل السنة النهائية من الثانوية، وبالطبع ناهيك عن متطلبات أخرى مثل الاختبارات التحصيلية والقدرات. ولهذا من الضروري تحسين البيئة الدراسية والعمل على سرعة التخلص من المدارس المستأجرة، والتي تعتبر أكبر معضلة لتطوير الأنشطة اللا منهجية والتي اختفت من المدارس تماما، مع أنها الأسلوب الأمثل لصقل وتنمية مواهب الطلبة. وهناك أمور أيضا اختفت من مدارسنا مثل المنافسات الرياضية والثقافية بين المدارس، ولم نعد نرى الأنشطة المسرحية إلا نادرا وبأسلوب مكرر وغير جاذب. وقد تكون تلك الأسباب أحد تعلق طلبتنا بمفهوم الإجازة من المدرسة مهما كان مسماها، ليصبح طلبتنا ينتظرون كلمة (تم تعليق الدراسة) لأي سبب كان، ولكن المهم هو أن لا يكون هناك يوم دراسي.