طالعنا قبل العيد على لسان معالي وزير الصناعة والتجارة عن عدة اجراءات لمجلس السياسات الاقتصادية لاتخاذ اجراءات لتحفيز الاقتصاد والوصول الى بيئة استثمارية جاذبة ومن ضمن هذه الاجراءات تحويل بورصة عمان الى شركة وتحفيز الاستثمار بالاسهم لاستعادة الثقة بالاوراق المالية. لقد اصبح الدينار بحد ذاته مصدر للدخل، فقد نشأت قناعة لدى الجمهور بان افضل الاستثمارات هو الوديعة بالدينار لانها تعطي فائدة تتجاوز معظم ان لم يكن جميع الاستثمارات المتاحة. وتتحمل السياسات المالية والاقتصادية المطبقة اللوم الاكبر في ذلك. حيث ان زيادة التكلفة على المستثمرين مع تعمق الركود فاصبح الشعار الذي يلاقي القبول والاستتحسان قلة الشغل احسن شغل فمعظم المستثمرين يتمنون لو انهم لم يعملوا وتركوا دنانيرهم وديعة لدى البنوك. وبالتالي فان الحاجة اصبحت واضحة لتغيير السياسة النقدية والتركيز على السوق المالي لانه المرآة الاقتصادية لاي دولة. ان المتتبع لحركة السوق يلاحظ انه ينمو باستمرار لمدة سنتين وبعدها يبدأ بالضعف والانحسار لمدة زمنية تقارب العشر سنوات لعدة اسباب: اولا الالية التي يعمل بها السوق فآلية العمل تتطلب من المستثمر البدء بالشراء ولا يحق له البدء بالبيع, لذلك ما ان تبدأ فئة من المستثمرين المبادرة بالشراء حتى يبدأ السوق بالارتفاع وما هي الا شهر او شهرين على بدء الارتفاع حتى تسري حمى الشراء عند كل فئات المجتمع, والحصول على الربح المحقق لكل متعامل لفترة لا تتجاوز السنتين وبعدها يبدأ المتعاملون في السوق بالبيع واكثر الفئات الرابحة هي الفئة التي تعاود الشراء بعد البيع وبعدها يتناقص الرابحون تبعا لعدد المرات التي يعود فيها المستثمر للشراء بعد البيع, وبما ان المتعاملين ابتدأوا العمل بالسوق بالشراء لاي سهم وبأي سعر والنتيجة الربح المحقق, فهؤلاء اعتادوا على الشراء لاي سهم وبأي ثمن وتبدأ الخسائر بالزيادة والانتشار واكثر المتضررين في هذه الحالة اولئك الذين لا يعتمدون دراسة وضع الشركة التي يمتلكون اسهمها والذين لا توجد لديهم الجرأة الكافية للبيع بخسارة خاصة اسهم الشركات التي لا يرجى تحسن اوضاعها وتبدأ الامراض الجسدية والنفسية تغزو المتعاملين في السوق حتى الموت الجزء الاعظم منهم. واعتقد ان السماح بالبيع على المكشوف (Margin) هو سبب رئيسي لتنشيط السوق والعمل على خلق حالة من التوازن تؤدي الى تقليل فترة الهبوط وتقلل الخسائر خاصة اذا تم الشراء من الشركات الممتازة, حيث يكون هناك دور كبير لشركات الوساطة بنصح وتوجيه المستثمرين نحو تلك الشركات. السبب الثاني يعود الى تقصير ادارة السوق ولعل ابرز ملامح هذا القصور هو السماح بتداول اسهم الشركات التي تصدر ارقام ميزانياتها في الوقت المحدد او تخسر جزء كبير من رأسمالها وتستمر اسهمها في التداول او يرتكب اعضاء مجلس ادارة تلك الشركات مخالفات جسيمة بهدف الربح على حساب المساهمين وهنا يبدأ المساهمون القدامى بالاندثار ويحل محلهم مستثمرين جدد ويدفعهم الى ذلك الاسعار الرخيصة للاسهم. خاصة عندما تقارن بالاسعار عند الرواج. ويبدأ الضحايا بالتزايد حتى تطال معظم افراد المجتمع وهذه هي الطامة الكبرى لذلك لا بد لادارة السوق من ان تكون حازمة وجازمة ولا تاخذها الرحمة والشفقة بمن لا يستحق سواء كان مساهما او مديرا علما بان المطلوب من ادارة السوق تطبيق القوانين واللوائح السارية فقط ولعلها بهذا العمل تنقذ المجتمع من مخاطر الانزلاق الى الهاوية. حيث لا نزال نذكر ماذا فعلت بعض الشركات الوهمية (خاصة العقارية) بالسوق وبصغار المساهمين مما افقد الثقة بالسوق والقائمين عليه حتى ان البنوك اوقفت القروض من اجل شراء الاسهم مما عطل ودمر السوق انذاك لذا برأيي حتى نستطيع اعادة الثقة للسوق يجب ان يكون هناك دور للشركة الجديدة التي نوه عنها معالي وزير الصناعة بالتعاون مع مكاتب الوساطة بحيث يكون هناك ضمان للبنوك من هذه الشركة بمنح قروض لشراء الاسهم ضمن كشف محدد باسماء الشركات الممتازة يشرف على تطبيقه مكاتب الوساطة بحيث تضمن عائد جيد للمستثمر افضل من الوديعة وتضمن حق البنك لان السهم الممتاز لن يتأثر كثيرا وعوائده تغطي فوائد القروض وجزء من راس المال. وانا اقترح على الشركة الجديدة الزام اعضاء مجالس ادارة الشركات المساهمة العامة بتمليك نسبة مئوية محددة لا تقل عن ثلاثين الى اربعين بالمائة من رأس مال الشركة التي يتولون ادارتها لان في هذه الحالة سيحافظون على وضع الشركة المقبول لهم لانهم سيكونون اكبر الخاسرين او الرابحين من تراجع الشركة او نموها وازدهارها.