نلاحظ هذا الواقع كل يوم: فبمرور السنوات، تشيخ بشرتنا بشكل طبيعي وتفقد مرونتها. ولا تقتصر هذه المشكلة على بشرة الوجه، بل تشمل الجسم أيضاً. كذلك، يعانيها الرجال كما النساء. ولكن في حالة بعض المسنين، تعاني البشرة تراجعاً أكبر بقليل، فتخسر خصائصها الأساسية. وهذا ما يُعرف بترقق البشرة. عندما نتحدث عن ترقق البشرة، نتذكر ترقق العظم. وإن كان الأخير يشير إلى خسارة العظام صلابتها، مما يجعلها أكثر عرضة للكسور، يشير ترقق البشرة إلى قصور جلدي بارز ومزمن يعانيه المسنون، مما يجعل البشرة بالغة الرقة وأكثر تأثراً بالصدمات، حتى البسيطة منها. قد تظهر أعراض ترقق البشرة الأولى نحو مطلع العقد السادس من العمر، إلا أن هذا المرض المزمن والتدريجي يصيب خصوصاً مَن تخطوا الستين من العمر، ولا سيما النساء منهم. إلا أن عوارضه تتطور مع بلوغ العقد الثامن. الأسباب: تؤدي الخسارة التدريجية في مرونة البشرة، متانتها وكثافتها نتيجة التقدم في السن، إلى تراجع حمض الهيالورونيك، الكولاجين والإلاستين، علماً أن هذه العناصر الثلاثة تشكّل مكونات رئيسة لها خصائص ميكانيكية تمنح البشرة حماية ضرورية. النتائج: تصبح البشرة هشة ولا تعود تؤدي دورها كحاجز حامٍ يصد الاعتداءات الخارجية. يتجلى هذا التراجع الجلدي خصوصاً على ظهر اليدين، الذراعين، الساقين، ومنطقة العنق وأعلى الصدر: • بشرة بالغة الرقة، متجعدة وشفافة، حتى إن الشرايين تظهر تحتها. • بشرة هشة تتمزق بسهولة ويسيل منها الدم، حتى لو كانت الصدمة التي تتعرض لها بسيطة وخفيفة. • أوعية دموية أكثر هشاشة وأورام دموية تتشكل بسهولة، ما يجعل البشرة أكثر عرضة للنخرات. • بشرة لا تتجدد بسرعة أو بشكل جيد، ندوب سطحية على شكل نجوم تظهر على البشرة وتترافق أحياناً مع فرفرية الشيخوخة. • بقع بنية تظهر بعد تشكّل الأورام الدموية وتلوّن البشرة. فرط التعرض للأشعة ما فوق البنفسجية وعوز حمض الهيالورونيك ثمة عوامل عدة تُعتبر مسؤولة عن ترقق البشرة: • الأشعة ما فوق البنفسجية: صحيح أن شيخوخة الجلد تعود إلى عوامل عدة (الوراثة، نمط الحياة، التلوث، الإجهاد، التدخين، وغيرها) وتؤثر في متلازمة ترقق البشرة، غير أن الشمس تساهم في تطور هذا المرض الجلدي. فيؤدي التعرض بإفراط وباستمرار لأشعة الشمس ما فوق البنفسجية (من دون حماية) إلى ضعف البشرة وتراجع قدراتها على التجدد. • الستيرويدات القشرية: يسبب تناول الستيرويدات القشرية فترة طويلة (سواء كعلاج فموي أو موضعي) تفكك الأنسجة الجلدية. وتوصف هذه الأدوية، التي تتمتع بخصائص مضادة للالتهاب، عند التعرض لأخماج رئوية، مثل الربو. • نقص حمض الهيالورونيك: مع التقدم في السن، تتراجع الكمية التي تنتجها البشرة من حمض الهيالورونيك، وهو جزيء أساسي يعزز دور البشرة كحاجز. وعندما يعاني المريض عوزاً في هذا الحمض، لا تعود أنسجة البشرة الضامة تتجدد، بل تتبدل وتعجز عن حماية الجلد من الصدمات، ما يؤدي إلى ترققه. خطوات ضرورية مهما كانت طبيعة بشرتك، وخصوصاً إن كانت أكثر ميلاً للإصابة بالترقق، من الضروري، مع بلوغ سن الأربعين، أن تتبني خطوات وعادات أساسية للتمتع بشيخوخة بشرة طبيعية ومتناغمة: حدّي من تعرضك للإجهاد، انعمي بقسط وافٍ من النوم، قللي من التدخين (من الأفضل الإقلاع عنه بالكامل)، ابحثي عن بدائل طبيعية لبعض الأدوية (خصوصاً مضادات الكآبة)، ونظفي بشرتك في الصباح والمساء. • تفادي التعرض طويلاً لأشعة الشمس: ندرك أن الشمس مفيدة للصحة الجسدية والنفسية، حتى البشرة، شرط أن تتعرضي لها باعتدال. فنحتاج إلى الشمس خصوصاً لإنتاج الفيتامين D، الذي نعي جميعنا مدى أهميته بالنسبة إلينا. ولكن كي تحدي من خطر الإصابة بترقق الجلد، تفادي التعرض مطولاً لأشعة الشمس من دون أي حماية، وخصوصاً خلال فترات النهار الأكثر حراً. • أكثري من الأطعمة المضادة للأكسدة بغية مساعدة الجسم على التصدي للجذور الحرة، التي تُعتبر المسؤول الأول عن شيخوخة الخلايا. ويمكنك العثور على كميات كبيرة من مضادات الأكسدة هذه في الفواكه والخضر الملونة، الأسماك الدهنية، الحبوب الكاملة، الزيوت النباتية العالية الجودة، والتوابل، إلا أنها تندر في السكريات والدهون المشبعة. • استبدلي حمض الهيالورونيك: إذا استثنينا الأدوية الباهظة الثمن التي تحقَن تحت الجلد، والتي لا تخلو من التأثيرات الجانبية، يُعتبر طلاء البشرة بالكريمات الغنية بحمض الهيالورونيك، فضلاً عن تناول المكملات الغذائية، البديل الوحيد لتصحيح انخفاض هذا الحمض، الذي ينتجه الجسم طبيعياً، وتنشيط إفرازه. صحيح أننا لا نملك راهناً الكثير من العلاجات لمداواة ترقق البشرة، إلا أنه يبقى مرضاً يواجهه الأطباء المتخصصون في أمراض الجلد وأمراض الشيخوخة. فتصيب هذه المتلازمة اليوم أكثر من نصف المسنين. وبما أن عدداً أكبر من الناس صاروا اليوم يعيشون عمراً أطول، فلا شك في أن ترقق البشرة سيشغل العلماء خلال العقود التالية. ترقق البشرة: حلول تجميلية لا شك في أن ترقق الجلد، الذي يُدعى أيضاً متلازمة العوز الجلدي المزمن، يؤدي إلى عواقب تكون أحياناً خطرة ومعيقة، ما يستدعي تدخلاً طبياً. لكن عالم التجميل يهب أحياناً للمساعدة بفضل كريماته وخطواته اللطيفة والناعمة التي تداوي البشرة الهشة. قبل عام 2007، لم تكن نتائج شيخوخة البشرة تثير اهتمام الطب. ولكن في تلك السنة، أعطى مطوِّر مقاربة معالجة البشرة الهشة والمتضررة، البروفسور سورات، رئيس رابطة طب الجلد العالمية، اسماً لمتلازمة العوز الجلدي. رغم ذلك، لا يُعتبر ترقق الجلد مرضاً نادراً. فقد أظهرت دراستان أجريتا عام 2009 في فرنسا أن 32 % من المسنين (يبلغ متوسط عمرهم 84 سنة) الذين يدخلون المستشفى يعانون هذا المرض، في حين أن أكثر من نصف مَن تخطوا الستين من العمر يواجهون أعراضه (50 % منهم على الساقين و40 % على الذراعين). ولكن في 82 % من هذه الحالات، يعاني المريض المرحلة الأولى من ترقق الجلد (الذي يُصنّف وفق أربع مراحل)، ما يعني ضموراً وهشاشة في البشرة. وفي هذه الحالة، يقدّم عالم التجميل حلولاً ملائمة. عوامل ناشطة مفيدة في حالة ترقق البشرة، يسوء وضع الجلد بسبب فقدانه تدريجاً بعض مزاياه، وخصوصاً مرونته وطراوته. نتيجة لذلك، تخسر البشرة قدرتها على امتصاص أصغر الصدمات والاحتكاكات. وتُعتبر هذه نتيجة مباشرة لتراجع معدل حمض الهيالورونيك في البشرة، ما يقلل بالتالي من سماكتها وقدرتها على المقاومة. وقد تعود هذه الحالة أيضاً إلى نقص في مستقبلات CD44، الذي يضبط انتشار الكيراتين (علماً أن هذه الخلايا تؤلف نحو 90 % من طبقة الجلد السطحية) ويؤدي دوراً في آليات تخليق حمض الهيالورونيك. الريتينالديهايد يتمتع هذا الجزيء بالقدرة على التحوّل فيزيولوجياً إلى فيتامين A وفق حاجات البشرة: تعزز هذه العملية النشاط الخلوي وتقوي تأثير مستقبلات CD44، ما يحفّز بالتالي إنتاج حمض الهيالورونيك، الذي يتوافر طبيعياً في البشرة. حمض الهيالورونيك المجزّأ تختلف أوزان حمض الهيالورونيك باختلاف أنواعه المستخدمة في مساحيق التجميل، إلا أن الأجزاء المتوسطة الحجم وحدها تستطيع تحفيز تخليق حمض الهيالورونيك، الذي يتوافر طبيعياً في طبقتي الجلد السطحية والوسطى. خليط فاعل عند استعمال هذين العاملين الناشطين معاً، ينجحان في إعادة تنشيط عملية تخليق حمض الهيالورونيك الطبيعية وتجديد البشرة. نتيجة لذلك، تستعيد هذه الأخيرة كثافتها وسماكتها. كذلك تُحفَّز عملية إنتاج الكولاجين والإلاستين، اللذين يزيدان الجلد صلابة. وتعود هذه العملية بفائدة على المريض بدءاً من الشهر الأول وتزداد فاعليتها مع المضي قدماً في العلاج. عوامل ناشطة مكملة إذاً، يجب أن يحتوي الكريم الذي يُستعمل للحد من ترقق البشرة على الريتينالديهايد وحمض الهيالورونيك المجزّأ. ولكن من الضروري أيضاً أن تضمن تركيبته نعومة البشرة وتؤمن لها المواد المغذية (أجساماً دهنية، الغليسيرين...) من دون أن تسيئ إليها أو تزيد هشاشتها، علماً أن بعض المواد الحافظة، العطور والملونات يلحق الضرر بالجلد. خطوات إيجابية إن أسأتِ اختيار الكريم الذي تعالجين به بشرتك، فقد تعرضينها لصدمة إضافية، وخصوصاً إن كانت هشة وتعاني الترقق. لذلك، من الضروري اتخاذ بعض الخطوات الاحترازية عند شراء الكريم واستعماله. • اختيار الكريم المناسب لا تولي شركات تجميل كثيرة سوق المسنين اهتماماً. لكن هذا الوضع قد يتبدّل قريباً، بما أن معهد الدراسات الوطنية في فرنسا يشير إلى أن نسبة مَن تخطوا الخامسة والسبعين من عمرهم ستبلغ 16.2 % بحلول عام 2050. ولكن في الوقت الراهن، تقدّم ماركات قليلة منتجات مخصصة لهذه المتلازمة (Avène، Auriga...) اختاري كريماً مرطباً مضاداً للشيخوخة يحتوي عوامل ناشطة مناسبة (ريتينالديهايد أو فيتامين A، حمض الهيالورونيك، زيوت مغذية، عوامل تعزز سماكة البشرة...). ولكن من الضروري أن تتذكّري دوماً ضرورة أن تكون تركيبته ناعمة وزلقة لتعزز صلابة البشرة. • طريقة وضع الكريم على غرار تركيبة هذا الكريم، يجب أن تكون طريقة وضعه ناعمة وخفيفة. دلكيه برقة كي يتغلل في البشرة من دون الحاجة إلى الضغط أو الفرك المطوّل. أما إذا بدت لك تركيبة الكريم صلبة بعض الشيء، فخففيه بالقليل من الزيت النباتي. اختاري في هذه الحالة أحد الزيوت الغنية بالفيتامين A (الأفوكادو، الجزر، البان...). كذلك، يمكنك أن تستعملي الزيت ذاته صافياً كمكمل للعلاج التجميلي بغية تنعيم البشرة في المواضع الأكثر جفافاً.