بصراحة ووضوح ولغة مباشرة، طالبت صحيفة "واشنطن بوست"؛ أكبر الصحف الأمريكية والعالمية، الرئيس الأمريكي باراك أوباما؛ باستخدام حق النقض "الفيتو"، ضدّ قانون يسمح لضحايا أحداث 11 سبتمبر 2001 بمقاضاة السعودية، مؤكدةً في مقال افتتاحي "أن هذا التشريع" مؤذٍ لأمريكا نفسها و"يهدم مفهوماً أساسياً في القانون الدولي يتعلق بالدول ذات السيادة، ومسؤوليها"، كما أن الادعاءات ضدّ السعودية "لا أساس لها". هدم القانون الدولي تحت عنوان "هل يجب أن نسمح لضحايا الحادي عشر من سبتمبر بمقاضاة السعودية؟"، تبدأ "واشنطن بوست" بالتحذير من هدم مبدأ بالقانون الدولي، وتقول "هناك مفهوم أساسي في القانون الدولي، وهو أن الدول ذات السيادة، أو المسؤولين الحكوميين، لا يجب إخضاعهم للإجراءات الرسمية في المحاكم المدنية التابعة لدول أخرى ذات سيادة.. الحصانة السيادية أمام اختبار؛ لأنها تقدم معنى عملياً أن الأفعال والأخطاء التي تقع فيها الحكومات يجب التعامل معها بصورة أكثر إنصافاً من خلال المفاوضات بين الدولتين، دولة لدولة، وليس من خلال إحالة المسؤولين في أحد البلدين ليقفوا أمام القضاة والمحلفين في البلد الآخر.. غير أن مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين قد صوّتا بالإجماع - مع الأسف الشديد - لإضعاف هذا المبدأ". ادعاءات لا أساس لها في شهادة من أهلها، تقول الصحيفة "هذا التشريع جاء نتيجة حملة واسعة وادعاءات لا أساس لها حتى الآن عن التواطؤ السعودي الرسمي في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م". أموال النفط ثم تشير الصحيفة إلى أحد أهم دوافع هذا التشريع، وهو التطلع إلى أموال النفط، وتقول "قد تسمح هذه الهجمات، لضحايا الأعمال الإرهابية في الولايات المتحدة برفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الفيدرالية الأمريكية ضدّ الدول التي تشير المزاعم إلى أنها الراعية للأعمال الإرهابية، من أجل الحصول على تعويضات نقدية، وبموجب القانون الحالي، مثل هذه الدعاوى مسموح بها فقط ضد الحكومات التي صنّفتها وزارة الخارجية الأمريكية بالفعل على أنها دول راعية للإرهاب: وهي إيران وسوريا والسودان، وربما يساعد مشروع القانون في نهاية المطاف بعض الأفراد ومحاميهم من إضافة المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط، حتى يكون هذا المتهم الثري بين قائمة المتهمين". ما جدوى التشريع؟ ثم تتوقف الصحيفة أمام التشريع المزمع، متسائلة عن جدواه والهدف منه، إذا كان التشريع نفسه يعطي الحكومة الحق بوقف الدعاوى، تقول الصحيفة "مشروع القانون المعدل يسمح للسلطة التنفيذية بتجميد أي دعوى قضائية معينة لمدة 180 يوماً، من خلال التصديق للمحكمة بالمشاركة في مفاوضات النوايا الحسنة دعاوى المدعين مع الدولة المدعى عليها، ويمكن تمديد التجميد لفترة أطول بناءً على شهادة وزارة الخارجية الأمريكية، بأن المفاوضات لا تزال جارية، وما دامت الإدارة الأمريكية مستعدة للقفز من خلال هذه الأطواق، فإنه يمكن ربما منع الدعوى القضائية غير المرغوبة إلى أجل غير مسمى؛ ما يجعل المرء يتساءل: ما الغرض من القانون بعد ذلك؟". مؤذٍ لأمريكا ذاتها تؤكد "واشنطن بوست" أن هذا التشريع "مؤذ"؛ لأنه ربما يسمح لمواطنين من دول أخرى بمقاضاة مسؤولين أمريكيين، تقول الصحيفة: "باختصار، وبقدر ما أن مشروع القانون المعدل ليس مجرد قانون رمزي، فهو أيضاً مؤذٍ، وقد وصفه السيد أوباما؛ مراراً وتكراراً بأنه قد يشكّل سابقة يمكن أن تدفع البلدان الأخرى إلى أن تتحوّل بسهولة ضدّ الولايات المتحدة، وهذا قلق في محله وغير مستغرب، وخاصة بالنسبة لبلد كالولايات المتحدة تستخدم عملاء الاستخبارات وترسل قوات العمليات الخاصّة وطائرات دون طيار إلى مختلف أنحاء العالم، وهي أفعال يمكن تفسيرها على أنها (إرهاب) ترعاه الدولة كلما سنحت الفرصة". "الفيتو" يا أوباما تنهي الصحيفة بمطالبة أوباما؛ باستخدام الفيتو ضدّ التشريع، مهما كان إصرار الكونجرس على تمريره، تقول "واشنطن بوست": "طالب أعضاء الكونجرس مراراً وتكراراً بما يكفي من الأصوات لتجاوز تهديد أوباما؛ باستخدام الفيتو، وقد يكونون على حق، غير أن على المستر أوباما؛ أن يستخدم الفيتو على أيّ حال، فإذا كانت هناك محاولة للاستغناء عن المبادئ الراسخة في القانون والسياسة بهذا الاستخفاف، فعلى الأقل يجب أن تتم دون موافقة الرئيس".