عندما تواترت الأنباء هذا الشهر عن استحواذ شركة «يوني جوكي» الصينية على ويست بروميتش ألبيون، كان كثيرون يبحثون عن تفسيرات. لم تكن المجموعة التي استحوذت على الحصة الأكبر في النادي، المملوكة لجيريمي بيس، اسمًا مألوفًا. كما كان هناك جو من الغموض يحيط بالرجل الأول في المجموعة، غوشوان لاي. كانت المعلومة الوحيدة التي أمكن للناس معرفتها في سيرته الذاتية هي أنه جمع ثروته من أعمال البستنة التي تضفي منظرا طبيعيا. لكن كان هناك شيء مثير للفضول بما فيه الكفاية في سيرته الذاتية، وهو شيء يشترك فيه مع توني جيانتونغ شيا مالك نادي أستون فيلا. في أواخر التسعينات من القرن الماضي، درس شيا تصميم المناظر الطبيعية في جامعة هارفارد المرموقة. وبات اليوم اسمًا مشهورًا كواحد من أباطرة الغلوتمات أحادية الصوديوم، والمالك الجديد لأستون فيلا. وبجانب مجموعة «فوسون غروب»، التي انتهت أخيرًا من الاستحواذ على ولفرهامبتون واندررز، فقد قام هؤلاء المستثمرون بما يشبه استحواذًا صينيًا على كرة القدم في منطقة ميدلاندز هذا الصيف. قد يمتد هذا لخطوات أبعد من هذه أيضًا، حيث يبحث مستثمرون صينيون الاستحواذ على هال سيتي. ويؤكد المطلعون على تفاصيل صفقة بيع وست بروميتش أن لاي هجر عمله في مجال تصميم المناظر الطبيعية منذ وقت طويل. يقول باول ماريوت، المدير الإداري لشركة «إف تي آي الاستشارية» في الصين، الذي ساعد في الاتصالات الخاصة بالصفقة: «بات منخرطًا بشكل أكبر بكثير في تخطيط المدن، وتطوير بلدات صينية جديدة صديقة للبيئة». ولكن إذا لم يكن المالكون هنا بسبب الوصول الجاهز لحدائق كيبابيلتي براون، فهل ترقى الصفقات الأخيرة لما هو أكثر من مجرد صدفة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما الذي يعنيه ذلك للمشجعين والمنطقة المحلية؟ هناك بالتأكيد سبب وجيه للاعتقاد بأن عمليات الاستحواذ لم تأت اعتباطا. ففي العام الماضي، نشرت الحكومة الصينية بتوجيه مباشر من الرئيس شي جين بينغ، برنامجها لإصلاح وتطوير كرة القدم، وهو عبارة عن خطة تتكون من 50 بندًا، وتهدف لجعل الصين قوة كروية عالمية. وأدى هذا لموجة من الإنفاق. وتجلى هذا في أوضح صوره في دوري السوبر الصيني نفسه، مع وصول أسماء من الدوري الإنجليزي (البريميرليغ) مثل راميريز وغرازيانو بيلي، في صفقات كلفت أموالاً باهظة، حصل فيها اللاعبون على رواتب أكبر كذلك. لكن كان يعني هذا أيضًا تدفقًا في الاستثمار في الأندية الأوروبية، من أتلتيكيو مدريد إلى مانشستر سيتي، وحتى الاستثمار المثير للجدل في أندية في دوري الدرجة الثانية البرتغالي (طالب الراعي الصيني للدوري بأن يضم كل نادٍ من الأندية العشرة الكبرى لاعبا صينيا - وتم التخلي عن الفكرة لاحقا). إن الاستثمار في أعمال مرموقة مثل كرة القدم له معنى تجاري مباشر للشركات الصينية، خصوصًا مع تطلع الحكومة الوطنية إلى إعادة موازنة اقتصادها بعيدا عن الصادرات قليلة التكلفة. يوضح ماريوت أن قوة وست بروميتش كشركة هي ما جعلته جاذبا ليوني جوكي: «هو ناد كان يدار بطريقة جيدة جدا وكان مربحا على مدار سنوات كثيرة». لكن على القدر ذاته من الأهمية، كما يبدو، قوة أكاديمية الناشئين بالنادي وتطور منشآتها الخاصة بالتدريب. وثمة تخمينات بأن هذه المجالات تتوفر فيها خبرة يمكن للصينيين استعارتها، قبل أن يعيدوا تصديرها من جديد. يقول ماريوت: «تخطيط المدن الجديدة في الصين يضع الرياضة في قلب اهتمامه»، ويشير إلى التعاون الذي تأمل بأن تحصل عليه شركة «يوني جوكي» من مشاركته في ملكية «ويست بروميتش». ويضيف: «يشمل هذا بناء منشآت للأطفال والبالغين. ويمكن لنموذج ويست بروميتش التدريبي أن يكون مثالاً لذلك». ومن شأن هذا أن يوحي باتجاه مختلف فيما يتعلق بملكية الأندية. فبدلا من محاولة تنمية العلامة الإنجليزية في أسواق جديدة، سيتم استثمار خبرة الأندية لصالح السوق الصينية المحلية. ومع ظهور نموذج المدن الصديقة للبيئة لدى لاي، الذي يحظى بدعم مستمر من الحكومة، فسينطبق الشيء ذاته على أكاديميات التدريب والفرق المحلية التابعة لوست بروميتش ألبيون. يعتقد سيمون تشادويك، أستاذ المشاريع الرياضية في مدرسة سالفورد للاقتصاد، أن الاستثمار الصيني في أندية المملكة المتحدة، خصوصًا تلك الواقعة في منطقة وست ميدلاندز، يمكن أن يكون له غرض سياسي أوسع نطاقًا. ويوضح: «التحركات الأخيرة تتفق تماما مع قطاعات صناعية أخرى شهدنا فيها ظهور رأسمالية مدفوعة من الدولة، يعمل من خلالها المستثمرون والشركات بطرق منسقة على ما يبدو. أضف هذا إلى نشاط الحكومة البريطانية في استمالة المستثمرين الصينيين، خصوصًا من خلال استخدام كرة القدم كأداة جذب، ويمكن للمرء أن يتكهن بسيناريو لا يكون الاستحواذ فيه على أندية ولفز وفيلا ووست بروميتش، لأسباب تتعلق بكرة القدم وحدها». لا أحد يعرف على وجه اليقين ماهية هذه الأسباب، ولكن تبدو الاستثمارات في كرة القدم متسقة مع صفقات أخرى كبيرة أنفقت خلالها الشركات الصينية ما يقرب من مليار إسترليني لإنشاء مركز مدينة شيفيلد، وحتى المساعدة في تمويل فندق غاري نيفيل الفاخر في مانشستر. هل هذا هو ما يسميه الأفارقة دبلوماسية الملاعب، حيث تمول الدولة الصينية البنية التحتية الجديدة (الرياضية في كثير من الأحيان) في مقابل النفوذ؟ يقول تشادويك: «هذه ليست دبلوماسية ملاعب. أعتقد أن كرة القدم تستخدم جزئيا كأداة نفوذ في علاقة بريطانيا بالصين. ودائما ما كانت كرة القدم قناة كبرى للتواصل. ويثبت الصينيون بالفعل أنهم بارعون جدا في بناء واستغلال شبكات كرة القدم». ويتم استغلال هذه الأداة في وقت تشهد فيه كرة القدم في منطقة ويست ميدلاندز واحدة من أسوأ أيامها، حيث لا يمثلها في البريميرليغ سوى فريق واحد. وقد لا يكون من قبيل المفاجأة أن نعلم أنه، في خضم هذا الاستغلال العالمي للقوة الناعمة، يعتبر المشجعون من الجماعات التي لم يتم النظر في احتياجاتها.