في صيف عام 2008، أعلن الإسباني بيب غوارديولا المدرب الجديد آنذاك لفريق برشلونة التخلي عن عدة أسماء أبرزها النجم البرازيلي رونالدينهو والذي توج بجائزة أفضل لاعب في العالم لعام 2005. في قرار صادم لأنصار النادي الكتالوني، إلا أن المدرب الشاب برر فعلته بأن بقاءه سيؤثر على وحدة الفريق. غادر الساحر البرازيلي الذي أجبر جماهير ريال مدريد الغريم اللدود لفريق برشلونة على التصفيق له بعدما سجل الهدف الثالث لفريقه في إحدى مباريات الفريقين وهي اللحظة التي يصفها رونالدينهو بواحدة من أجمل محطاته في مشواره مع برشلونة، حيث من النادر أن يحدث هذا الأمر لأي لاعب بحسب وصفه. تعددت الأحاديث عن السبب الذي قاد المدرب الشاب غوارديولا والذي حل لخلافة الهولندي الشهير فرنك ريكارد بالتخلي عن رونالدينهو إلا أنها كانت تشير إلى عدم انضباطية اللاعب في موسمه الأخير مع برشلونة، حيث كان يمنح وقتا كبيرا للسهر والمقاهي الليلية على حساب مهمته كلاعب كرة قدم، وهو الأمر الذي قال عنه غوارديولا: لست بالمزاج الذي يسمح لي استيعاب رغباته. وفي صيف العام الحالي مازح جو هارت الحارس الدولي في صفوف مانشستر سيتي الإنجليزي مدربه الجديد الإسباني الأصلع غوارديولا بتقديم عبوة شامبو له في التدريبات الأولية، ليجد نفسه بعد عدة أيام خارج أسوار النادي. في حادثتي رونالدينهو التي حدثت قبل ثمانية مواسم وجو هارت التي حدثت قبل عدة أسابيع، يبعث غوارديولا رسالة واضحة أن الانضباط هو اللغة الأقوى في زمن الاحتراف لكرة القدم. وهناك كثير من الأسماء الشهيرة في ميادين كرة القدم وجدت نهاية مشابهة لما حدث للثنائي رونالدينهو وجو هارت بسبب عدم جديتها. وفي ملاعب كرة القدم السعودية، أعادت حادثة محمد كنو الأخيرة مع إدارة فريقه الاتفاق إلى الأذهان، حالات التمرد التي عصفت بنجوم سعوديين في سنوات مضت. ورغم مرونة الأندية السعودية «إداريا» مقارنة بنظيرتها الأوروبية، فإن هناك قرارات حاسمة قد تصدرها بحق أسماء غير منضبطة، لتكتب تلك الأسماء نهاية مؤلمة لمسيرتها كما حدث لقائد الاتحاد محمد نور الذي أعلن اعتزاله الموسم الماضي. قبل عدة أيام أعلنت إدارة الاتفاق الحالية بقيادة رئيسها الشاب عبد الله الدبل إقرار عقوبة تجاه لاعب الفريق الكروي الأول محمد كنو والذي يعتبر من الأسماء البارزة في خانة محور الارتكاز، وذلك بإيقافه لمدة شهر عن التدريبات الجماعية والرفع به إلى لجنة الاحتراف لاتخاذ اللازم، وذلك بعد تكرار سفره خارج المملكة دون إذن مسبق من إدارة الكرة بالنادي. وهذه العقوبة هي الثانية للاعب بعدما سبق لإدارة الدبل معاقبته والرفع به للجنة الاحتراف، وذلك بعد خروجه من معسكر فريقه في الموسم الماضي قبل مواجهة العروبة في كأس ولي العهد، وذلك اعتراضا على عدم موافقة إدارة ناديه على العروض المقدمة لضمه كان أبرزها من الهلال والنصر وهو الأسلوب الذي رفضه رئيس النادي خالد الدبل، وطالب اللاعب باحترام عقده وأن محاولات لي الذراع لن تجدي نفعا. ويعتبر محمد كنو اللاعب السعودي الثالث الذي يقضي عقوبة انضباطية هذا الموسم، حيث يحضر في المقدمة حارس فريق الهلال خالد شراحيلي الذي ما زال بعيدا عن التدريبات الجماعية لفريقه، وذلك على خلفية قرار إدارة النادي برئاسة الأمير نواف بن سعد في أواخر الموسم الماضي بتحويل اللاعب للتدريبات الانفرادية والخصم من مرتبه على خلفية التجاوزات الانضباطية المتكررة من اللاعب. وكان شراحيلي الخيار الأول في قائمة حراس المرمى بنادي الهلال إلا أن التمرد قاده للخروج من قائمة الفريق الأساسية والاحتياطية ليخفت نجمه ويبتعد عن الأضواء ويفقد فرصة الوجود في صفوف المنتخب السعودي بسبب عدم جديته والاستفادة من الدروس السابقة، حيث سبق للاعب الإيقاف من قبل لجنة المنشطات ثم الإيقاف من مدرب الهلال دونيس قبل أن يعود مجددا للواجهة والقائمة الأساسية إلا أن تجاوزاته الأخيرة قطعت «شعرة معاوية» بينه وبين العفو وفتح صفحة جديدة مع الإدارة الحالية للنادي الأزرق. ويحضر حارس مرمى فريق الوحدة عبد الله آل عراف كثالث الأسماء التي تعرضت لعقوبة انضباطية هذا الموسم، حيث قرر المدرب الجزائري خير الدين مضوي استبعاده من حساباته بصورة نهائية قبل بداية الموسم الحالي، وذلك على خلفية غيابه الطويل الموسم الماضي، إلا أن إدارة الوحدة الحالية قادته للإبقاء عليه وتحويله للتدريبات الانفرادية. وفي الموسم المنصرم عاقب اليوناني دونيس مدرب فريق الهلال خالد شراحيلي بالإبعاد عن مباريات الفريق بسبب تأخر اللاعب بالحضور إلى التدريبات، كما عاقب المدرب ذاته أيضا نواف العابد لاعب خط وسط فريقه بتحويله للتدريبات الانفرادية والحسم من مرتبه الشهري بعدما تخلف اللاعب عن السفر إلى طهران، حيث يشارك الهلال في بطولة دوري أبطال آسيا، وهو الأمر الذي برره اللاعب لمدربه دونيس بالنوم، إلا أن الأخير أصر على قراره وعاد العابد بعد ذلك بصورة أكثر جدية في الميدان حتى الآن. واستمر دونيس في بحثه عن الانضباط مع فريق الهلال بعدما أبعد المهاجم وهداف الفريق ناصر الشمراني من حساباته بسبب التجاوزات المتكررة التي حدثت من اللاعب الذي كان يطالب بمنحه فرصة المشاركة كلاعب أساسي، قبل أن يلتزم الشمراني بالعقوبة المقررة من مدرب الفريق ويعود تدريجيا للمشاركة. وتاريخيا على صعيد منافسات كرة القدم السعودية، فقد أنهى خالد عزيز لاعب خط وسط فريق الهلال مسيرته بسبب عدم انضباطه وغيابه الدائم عن التدريبات، وهو الأمر الذي أخرجه من صفوف فريقه الأزرق، ليجد نفسه يخوض تجربة احترافية مع الشباب قبل أن يحزم حقائبه للسبب ذاته صوب فريق النصر الذي حاول إعادته للواجهة من جديد، إلا أن عدم الانضباطية سارعت في إنهاء مسيرته في ملاعب كرة القدم. ويحضر القائد التاريخي لفريق الاتحاد محمد نور كأحد أبرز الأسماء التي خفت وهجها بسبب حالات التمرد وعدم الانضباط التي يقوم بها اللاعب بين فينة وأخرى، كان الأبرز منها تلك المشكلة التي قادته للخروج من فريقه الاتحاد لخوض تجربة احترافية مع فريق النصر قبل أن يعود مجددا لبيته الاتحادي ويتعرض لبعض العقوبات الداخلية قبل أن يعلن اعتزاله اللعب بعد كسبه لقضيته أمام لجنة الرقابة على المنشطات التي أوقفته لمدة قاربت خمسة أشهر قبل أن تعلن براءته. وينضم المدافع حمد المنتشري إلى قائمة اللاعبين الذين أسهم التمرد وعدم الجدية في نهاية مسيرتهم الكروية في ملاعب كرة القدم السعودية، كما هو الحال لإبراهيم هزازي الذي تنقل بين عدة أندية لكن مسيرته سرعان ما تنتهي بسبب المشاكل التي يحدثها اللاعب وتجبر إدارات تلك الأندية على التخلي عنه قبل إكمال مدة عقده. حوادث تمرد اللاعبين وعدم انضباطهم كثيرة، وإن اختلفت في بعض تفاصيلها إلا أن نهايتها دائما ما تكون مؤلمة بحق اللاعب الذي سيصبح الخاسر الأكبر إذا لم يستفد من الدرس ويعيد حساباته من جديد وينجح في تجاوز كل العقبات التي قد تحول بينه وبين عالم النجومية الذي يحتاج لكثير من الانضباط والجدية خصوصا في زمن الاحتراف.