يحدث الشعر توافقا بين الإنسان صاحب الإحساس وبين احتياجاته الوجدانية لذا يعده البعض رفيقه في أفراحه وأتراحه وآماله وآلامه كيف لا وهو روح شاعرية أخرى تعيش في ذات الإنسان الشاعري هذا الذي استطاع أن يجسد المعاناة والألم وينادم بها شعره فيجد من يخفف وطأة الألم ومن يرسم الفرح في قالب من الإبداع الذي هو وطن ساكنيه من الشعراء. كما وجد الإنسان الذي لا يجيد الشعر في معاناتهم مجالاً مشابها وكأنهم يحاكون حالته دون أن يروه يقول الشاعر فيصل بن تركي: القصيدة اللي تخبرني رفيقه ما كتبته من فراغ ومن سعادة والقصيدة لها حالة ولادة فهي تشبه الجنين في الاحشاء يصاحبه الألم والاضطراب والقلق والاحتراف الداخلي ويحرص الشاعر ان تكون على درجة عالية من التكامل في التعبير عن الحالة وتصوير الموقف يقول الشاعر جهز العتيبي: أحطب لها من ضلوعي لين تحرقني تستوعب أكبر همومي وأبعد آفاقي وعندما يعانق الألم الشعر يكون نتاج هذا العناق الحزين حروفاً لها من الصدق الشيء الكثير وعندما يسيل الجرح دماً على الورق يخط اليراع أبلغ معاني الحزن وبذلك تكون قمة الوفاء والصدق يقول الشاعر محمد الحويماني: ما أصدقك يا شعر لامن عانقك همي ما أوفاك يا جرح لا من سلت بأوراقي ومن الملاحظ ان معظم قصائد الشعراء تعكس صوراً متعددة من المعاناة والألم لأن لحظات الفرح والسعادة واللقاء قصيرة وسريعة يقول الشاعر مساعد الرشيدي: أترفي يا وردة الشعر من دم الوريد لا تجفي في عروق تراجف يدها والقصيدة لم تكن في يوم من الأيام مجرد كلمات تلقى على المسامع في قالب من الوزن والقافية، بل هي في حد ذاتها معاناة داخلية ومشهد مؤثر خاص بين الإنسان وشاعريته وإحساسه وأبلغ معاني الشعر هو ما خالط الوجدان ووضع الاصبع على موطن الألم وخاطب الاحساس يقول الشاعر العذب بدر بن عبدالمحسن: عندي معاني الشعر تلمس وتنشاف إنما جرحك الشعر ما هو بكاف إذا هي القصيدة تنساب من وجدان شاعرها بحروفها وجملها تحاكي واقعه وتتحدث عن صدق مشاعره لأنه يجد فيها المتنفس وصدى ألمه.