×
محافظة المنطقة الشرقية

مشكلتا التهاب المفاصل وأمراض القلب معا.. كيف يمكن مواجهتهما؟

صورة الخبر

"لا تستقيم حياة الأمم في أي بقعة من الأرض إلا بالتوازن بين الجوانب المختلفة للحياة. وبالرغم من وقوع المملكة العربية السعودية ضمن نطاق المناطق الجافة وشبه الجافة، وقلة تنوعها الأحيائي بالنسبة لباقي المناطق في العالم، إلا أن ذلك التنوع تميز دوما باحتوائه أنواعاً فطرية تأقلمت عبر الزمن على ظروف بيئية متطرفة صيفاً وشتاءً، فوق تحملها ظروف الجفاف المتواترة. لقد عاش الإنسان العربي أحقاباً زمنية طويلة في اتزان كامل مع بيئته القاحلة ومواردها الطبيعية المحدودة؛ واستطاع أن يحافظ عليها من خلال ممارسات تقليدية، محافظة أهمها نظام الحمى الذي انتشر في ربوع شبه الجزيرة العربية واستمر ما يزيد عن 2000 سنة. ومع ذلك فقد أهملت أغلب الأحمية خلال القرن الأخير فقط وأصابها التدهور، ولم يبقَ منها في الوقت الحاضر سوى أعداد محدودة. ومع ظهور الطفرة الاقتصادية خلال النصف الثاني من القرن الميلادي العشرين، وتزايد السكان والأنشطة الاقتصادية الزراعية والصناعية والعمرانية، فقد ازداد الطلب على موارد الحياة الفطرية، وبدأ الضغط عليها واستنزافها فضلاً عن ازدياد تلوث البيئة الذي تسبب في مزيد من تدهور وانقراض بعض الأنواع الفطرية الرئيسة من البيئة السعودية. واستمر مسلسل التدهور البيئي؛ مما استوجب التدخل لإيقافه وإعادة تأهيل البيئة وتنظيم استخدام مواردها الطبيعية". هذه المقدمة بكاملها هي عبارة عن افتتاحية الصفحة الرئيسية لموقع الهيئة السعودية للحياة الفطرية، والذي قمت بزيارته بعد قراءتي لتصريح صحفي لرئيس الهيئة الأمير بندر بن سعود يبدي فيه استياءه الشديد وحزنه من لقطة فيديو انتشرت على اليوتيوب ويقوم فيها أحد الشباب بالتفحيط بسيارته في بقعة كانت عبارة عن بساط أخضر جميل وذلك قبل أن يدمرها بالكامل بالتفحيط ويحيلها إلى بقعة ترابية جرداء. هذه اللقطة ذكرتني أيضاً بتصاريح سابقة للأمير بندر تعكس معاناتهم في الهيئة ليس فقط من ضعف الوعي السائد في مجتمعنا حيال البيئة وقضاياها ومسئولية كل فرد من أفراد المجتمع عن حمايتها والارتقاء بها، ولكن عن إصرار كثير من الجهلاء في المجتمع على التعامل مع البيئة برعونة ولا مسئولية، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قيام أشخاص بتسميم وقتل نمرين عربيين من فصيلة معرضة للانقراض, وقيام آخرين بتداول لقطات فيديو تتضمن قتلاً جماعياً لحيوانات محمية بطريقة جائرة والكتابة بدمائها على الصخور لمجرد اللهو والمتعة. نحن نشاهد ونعي دون شك مقدار اهتمام الغرب بالبيئة والحياة الفطرية والحماية من التلوث سواء عبر مؤسساته الحكومية او الأهلية المعنية أو مدارسه وجامعاته.. بل إن ذلك الاهتمام وصل الى درجة أن كل مرشح للرئاسة الأمريكية لا يمكن أن تخلو حملته الانتخابية من وعود تجاه البيئة ورعايتها.. وأذكر أني أردت يوماً قطع شجرة في حديقة منزلي في أمريكا، وقبل أن أقدم على ذلك نبهني جاري مشكوراً بأن القانون لا يسمح بذلك وأني لو قطعتها فربما أتعرض للسجن والغرامة، فرغم أنها تقع داخل حديقة منزلي الا أنها ملك للبيئة وليست ملكاً لي. مقارنة مؤلمة ومخجلة مع ما نحن عليه من استهتار بالبيئة ووضعنا لها في آخر أولوياتنا واهتماماتنا.. والمؤلم أكثر أن ضعف الوعي البيئي طال عدداً من الإعلاميين لدينا وتجلى ذلك مؤخراً في انتقادهم وتهكمهم على مجلس الشورى لقيام إحدى لجانه المختصة بمناقشة موضوع "بيض الحباري" كجزء من نقاش تقارير البيئة والحياة الفطرية، وطالب أحد أولئك الإعلاميين بمناقشة "التعصب الرياضي" بدلاً من بيض الحباري، وكأنما يريد من المجلس أن يضع أربع أو خمس أولويات كالبطالة والعنصرية مثلاً ولا يلتفت لسواها، وبشكل خاص البيئة التي يبدو أن البعض لا زال حتى اليوم يراها ترفاً ويرى نقاش قضاياها ومشاكلها ضياعاً للوقت!