تنطلق خلال الأسبوع الحالي أعمال الدورة الحادية والسبعين لاجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة والتي تعقد في نيويورك تحت شعار «أهداف التنمية المستدامة هي دفعة عالمية لتحويل عالمنا»، وتعتبر المملكة عضوا مؤسسا في منظمة الأمم المتحدة وشاركت في مؤتمر سان فرانسيسكو الذي تم خلاله إقرار ميثاق منظمة الأمم المتحدة بوفد ترأسه جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - عندما كان وزيرا للخارجية، وكان أول اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة قد عقد في لندن يوم العاشر من يناير 1946م بحضور ممثلي إحدى وخمسين دولة، كما اجتمع مجلس الأمن لأول مرة في لندن يوم السابع عشر من يناير 1946م. حرص سعودي على تحديث المنظمة وأجهزتها للقيام بدورها المطلوب وبصفتها من الدول الموقعة على ميثاق سان فرانسيسكو الذي أنشئت بموجبه منظمة الأمم المتحدة، تؤكد المملكة في مناسبات عدة عن الاعتزاز بالتزامها بالمبادئ والأسس التي تضمنها الميثاق وبسعيها الدؤوب نحو وضع تلك المبادئ والأسس موضع التطبيق العملي، مع حرصها الدائم على دعم منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة بوصفها تشكل إطارا صالحا للتعاون بين الأمم والشعوب ومنبرا مهما للتخاطب والتفاهم ووسيلة فاعلة لفض المنازعات وعلاج الأزمات، كما أكدت على حقيقة أساسية مفادها أن مقدرة هذه المنظمة على القيام بجميع هذه الأدوار وكل تلك الأعباء تظل مرتبطة بمدى توفر الإرادة السياسية لوضع مبادئها وما تضمنه ميثاقها موضع التنفيذ الفعلي والعملي. الملك فيصل وقع ميثاق الانضمام.. والرياض أكدت التزامها بمبادئه وإيمانا من المملكة بأن تعزيز وتفعيل التعاون بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من جهة والمنظمات الدولية والوكالات الإقليمية من جهة أخرى لمواجهة ظاهرة الإرهاب سيسهم في التصدي للإرهابيين ومخططاتهم التي لا يمكن تبريرها أو ربطها بعرق أو دين أو ثقافة بل إنها تتعارض مع تعاليم الديانات السماوية التي تدعو إلى التسامح والسلم والاحترام وتحرم قتل الأبرياء وفى سبيل الإسهام في دفع التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب إلى الأمام فقد عقدت المملكة مؤتمرا دوليا لمكافحة الإرهاب في فبراير 2005 م حضره خبراء ومختصون من أكثر من 60 دولة ومنظمة دولية وإقليمية. «مركز دولي لمكافحة الإرهاب» تقدمت المملكة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وحكومات الدول المشاركة في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في الرياض بمقترح استصدار قرار من الجمعية العامة بتبني إعلان الرياض الصادر عن المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب والتوصيات الصادرة عنه، خاصة المقترح المقدم من خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –رحمه الله- بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب واقتراح المملكة أن يتم تشكيل فريق عمل من مختصين من لجنة مكافحة الإرهاب، ومن الدول المشاركة في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب لدراسة التوصيات ومقترح إنشاء المركز ووضع الخطوات التطبيقية لها وتقديمها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 61 للعام 2006م. وفي سبتمبر 2006م تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع قراراً يدين الإرهاب بكافة أشكاله وصوره ويحدد إستراتيجية شاملة لمكافحة هذه الآفة تقوم على احترام حقوق الإنسان ودولة القانون. وفي سبتمبر من عام 2011م تم تدشين مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ورحبت المملكة العربية السعودية بذلك وأعلنت مساهمتها بمبلغ عشرة ملايين دولار لتغطية ميزانيته لثلاث سنوات وأكدت مساندتها لجميع الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب. واستجابة لدعوة خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- إلى عقد اجتماع عالي المستوى للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات المعتبرة عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في مقر المنظمة بنيويورك في نوفمبر 2008م اجتماعا على مستوى الزعماء وممثلي الحكومات لمختلف دول العالم للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات المعتبرة. وفي الثالث عشر من شهر أكتوبر 2011 وقع صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- في العاصمة النمساوية فيينا، مع نائب المستشار ووزير الشؤون الأوروبية والدولية لجمهورية النمسا ووزيرة الخارجية والتعاون لمملكة إسبانيا، اتفاقية إنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بحضور عدد من ممثلي الهيئات والمنظمات الدولية وهيئات الحوار الديني والثقافي وعدد من الشخصيات الاجتماعية ومندوبي وسائل الإعلام. «تحديث المنظمة مطلب سعودي» كما أكدت المملكة على أهمية تحديث الأمم المتحدة والأجهزة التابعة لها وتطويرها للقيام بدورها المطلوب ورأت أن الإصلاح الحقيقي يتطلب إعطاء الجمعية العامة دوراً أساسياً في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين أن المملكة كانت وما تزال تؤمن بأن أي تطوير لهيكلة مجلس الأمن يجب أن تكون غايته تعزيز قدرات المجلس ليقوم بدوره على نحو فعال وفق ما نص عليه الميثاق. وكان لاعتذار حكومة خادم الحرمين الشريفين عن قبول عضوية مجلس الأمن حتى يتم إصلاحه وتمكينه فعلياً وعملياً من أداء واجباته وتحمل مسؤولياته في الحفاظ على الأمن والسلم العالميين ردود فعل إيجابية، إيمانا منها بأن التزام جميع الدول الأعضاء التزاما أمينا وصادقا ودقيقاً بما تراضت عليه في الميثاق هو الضمان الحقيقي للأمن والسلام في العالم. ورأت إن بقاء القضية الفلسطينية دون حل عادل ودائم لخمسة وستين عاماً والتي نجم عنها عدة حروب هددت الأمن والسلم العالميين لدليل ساطع وبرهان دامغ على عجز مجلس الأمن وفشله في جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل سواء بسبب عدم قدرته على إخضاع البرامج النووية لجميع دول المنطقة دون استثناء للمراقبة والتفتيش الدولي أو الحيلولة دون سعي أي دولة في المنطقة لامتلاك الأسلحة النووية ليعد دليلاً وبرهاناً دامغاً على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمل مسؤولياته. كما أن السماح للنظام السوري بقتل شعبه وإحراقه بالسلاح الكيماوي على مرأى ومسمع من العالم أجمع وبدون مواجهة أي عقوبات رادعة لدليل وبرهان آخر على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمل مسؤولياته. وبناءً على ذلك فإن المملكة وانطلاقاً من مسؤولياتها التاريخية تجاه شعبها وأمتها العربية والإسلامية وتجاه الشعوب المحبة والمتطلعة للسلام والاستقرار في جميع أنحاء العالم لا أعلنت اعتذارها عن قبول عضوية مجلس الأمن حتى يتم إصلاحه وتمكينه فعلياً وعملياً من أداء واجباته وتحمل مسؤولياته في الحفاظ على الأمن والسلم العالميين. «دعم سخي للمنظمات الإنسانية» وطبقاً لإحصاءات الأمم المتحدة تعد المملكة واحدة من أكبر 10 دول مانحة للمساعدات الإنمائية في العالم حيث تبوأت المرتبة السادسة، وبلغ إجمالي ما قدمته المملكة خلال الأربعة عقود الماضية أكثر من 115 مليار دولار، استفادت منها أكثر من 90 دولة في مختلف أرجاء العالم وهذا يعكس اهتمام المملكة في دعم التنمية في العالم. وفي يوليو الماضي، أكد الأمين العام الأمم المتحدة بان كي مون أنه بخلاف المساهمة السخية من المملكة، لم تتلق الأمم المتحدة سوى موارد ضئيلة جديدة، وذلك في ظل الظروف التي تتطلب حشداً للموارد الضرورية من أجل إحداث أثر حقيقي ومستدام على الأرض، كما أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بالجهود الإنسانية للمملكة خاصة في ما يتعلق بدعم المنظمات الإنسانية وخاصة وكالة اونروا في فلسطين، وعبر عن أمله في استمرار هذا الدعم لسد الفجوة الكبيرة في الدعم المالي لهذه المنظمة. المملكة تعد أيضاً من أهم الدول المانحة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في برنامج الاستجابة للأزمة الإنسانية التي يعاني منها السوريون؛ ولها بصمة واضحة من خلال التبرعات والمبادرات السخية التي ساعدت كثيرا في التخفيف من وطأة اللجوء على الإخوة السوريين. ومن بين تلك المبادرات الحملة السعودية لنصرة الأشقاء في سورية في مخيم الزعتري، بإشراف مباشر من الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية المشرف العام على الحملة. كما تحتل المملكة المركز الأول من ناحية تقديم المساعدات الإنسانية للشعب اليمني، عبر عطائها السخي الذي أسهم في إنقاذ عدد كبير من المواطنين الذين يعانون من بطش المليشيات الحوثية المدعومة إيرانيا. ولم يقتصر دور مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية على كونه مانحاً وإنما شريك استراتيجي في العمل مع منظمات الأمم المتحدة، حيث يحرص على أن تشمل المساعدات جميع المحتاجين في اليمن وبحث تفاصيل عمليات التوزيع والرقابة. «مبادرة السلام العربية.. وقضايا المنطقة» وفي قضية الصراع العربي - الإسرائيلي أكدت المملكة أن هذا الصراع يهيمن ويطغى على كل قضايا الشرق الأوسط، فلا يوجد صراع إقليمي أكثر تأثيراً منه على السلام العالمي، وأن المستعمرات الإسرائيلية تقوض احتمالات قيام دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة، كما عبرت الدول العربية بجلاء عبر مبادرة السلام العربية التي أطلقتها المملكة وتبنتها قمة بيروت العربية عام 2002م، عن التزامها بتحقيق السلام العادل والشامل الذي يقوم على قواعد القانون الدولي، غير أننا لم نجد التزاماً متبادلاً من إسرائيل. وحول الأحداث والتغييرات التي تشهدها المنطقة العربية أكدت المملكة أن هذه الأحداث تتطلب موقفاً مسئولا يهدف إلى الحفاظ على استقرار دول المنطقة ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية والسلم المدني. وتؤكد المملكة دائماً على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وقد دعت إلى تغليب صوت العقل والحكمة في معالجة هذه الأزمات وتجنب العنف وإراقة المزيد من الدماء واللجوء إلى الإصلاحات الجادة التي تكفل حقوق وكرامة الإنسان العربي، مع ضرورة الحرص على الأمن والاستقرار في ربوع الوطن العربي والحفاظ على وحدة أوطانه واستقلالها. وطالبت المملكة مجلس الأمن بالوقوف أكثر من أي وقت مضى بممارسة دوره القانوني وتحمل مسؤولياته الأخلاقية وأن يبادر إلى الدعوة إلى وقف العنف واتخاذ كل الوسائل الكفيلة بإيقاف آلة القتل السورية عند حدها وإيصال المساعدات الطبية والإنسانية إلى المدنيين المتضررين وتأييد مهمة المبعوث الدولي والعربي ستيفان دي ميستورا والعمل على التوصل إلى حل يضمن للشعب السوري حقه في الحياة الكريمة والرخاء والأمن وينطلق من قواعد الوحدة الوطنية الشاملة التي تضم جميع أطياف الشعب السوري بمختلف انتماءاته السياسية والعرقية والطائفية والمذهبية. وسلمت المملكة رسالة إلى مجلس الأمن الدولي حول انتهاكات وخروقات إيران لقرار مجلس الأمن رقم 2216 والمتعلق باليمن، ومطالبة المجلس باتخاذ الإجراءات المناسبة لمطالبة إيران بأن تتوقف وتكف عن أي عمل غير مشروع في اليمن، ومؤكدة في نفس الوقت على حق المملكة في اتخاذ كل الإجراءات المناسبة لمواجهة التهديدات من جانب مليشيات الحوثي وصالح المدعومة والممولة من إيران. وطالبت المملكة الأسبوع الماضي مجلس الأمن بوضع حد لتهريب الأسلحة الإيرانية للميليشيات في اليمن ما يشكل خرقاً للقرار 2216 واتخاذ خطوات ضد انتهاكات الميليشيات للقرارات الأممية المتعلقة باليمن. وفي رسالة موجهة إلى نيوزيلندا التي تتسلم رئاسة مجلس الأمن أوضح السفير الدائم للمملكة عبدالله المعلمي أن المملكة ضحية لجرائم واعتداءات ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، بما فيها قصف بالقذائف والصواريخ الباليستية، ما تسبب بخسائر في الأرواح والممتلكات ودمار في البنية التحتية وأضرار لحقت بالمستشفيات والمدارس. الملك عبدالله في كلمة أمام الجمعية العامة عادل الجبير خلال كلمة المملكة في الدورة الماضية المملكة طالبت بإعطاء الجمعية العامة دوراً أساسياً في الحفاظ على السلم والأمن