بتوفيق من الله سبحانه أدى حجاج هذا العام حجهم في يُسر وسهولة دون عناء أو ضجيج أو إخلال بالأمن؛ فقد اعتدنا في بعض الأعوام على أحداث، يُكتشف فيما بعد أن وراءها بعض الحجاج الإيرانيين الذين تزج بهم الحكومة الإيرانية من عناصرها الثورية للتخريب، ولتغيير مسار فريضة الحج من دينية إلى سياسية. لقد شارك حجاج إيرانيون هذا العام، وأدوا حجهم على أكمل وجه؛ لأنهم تفرغوا للعبادة فقط، ولأنهم جاؤوا من دول غير دولتهم؛ فلم يحملوا سياسات طائفية أو عدائية أو غوغائية، ولم يحملوا شعارات مزيفة أو كاذبة، ولم ترفع الرايات أو الأصوات لغير الله، وتفرَّغ الجميع للتلبية والتكبير والتهليل. لقد شاهدنا هذا العام جميع حجاج بيت الله الحرام الذين توافدوا من جميع دول العالم الإسلامي تغمرهم السعادة والفرحة، وهم يؤدون نسكهم في يسر وسهولة، متمتعين بما تقدمه حكومة السعودية من خدمات وتسهيلات، وتذليل للصعوبات؛ فالجميع يعمل في خدمتهم والسهر على راحتهم من مدنيين وعسكريين، برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، وبإشراف من سمو أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل. إننا أمام مرحلة تاريخية، تبعث عل التفاؤل بمستقبل زاهر - بإذن الله تعالى -؛ فقد ثبت أن حج هذا العام من أنجح المواسم وأفضلها أمنًا وتنظيمًا؛ فقد تم القضاء على تسرُّب الحجاج الذين لا يحملون تصاريح الحج، وإعادة أكثر من نصف مليون لا يحملون تصاريح؛ فتم القضاء على مشكلة الافتراش التي كانت سببًا في كثير من المشاكل في مشاعر منى وعرفات ومزدلفة، وكانت تشكل عائقًا لحركة الحجاج في الأعوام السابقة. وأخيرًا، فقد عرفنا الأسباب السيئة التي تحتاج إلى وقوفنا ضدها في كل عام بكل حزم وقوة، ويجب علينا عدم التنازل عن حقنا كدولة شرفها الله بخدمة حجاج بيت الله الحرام. فمن أراد الامتثال للأنظمة التي وُضعت لمصلحة قاصدي بيت الله الحرام بحج أو عمرة فلن يجد إلا كل تقدير وترحيب، أما من أراد الحج أو العمرة وهدفه التخريب ونشر الفتن وتطبيق طقوس ليست من الإسلام فإن بلادنا تعتذر عن قبوله، حتى يعود إلى الحق الذي يجب أن يُتَّبع. وعلى رابطة العالم الإسلامي والمنظمات الإسلامية أن تتخذ قرارات في هذا الخصوص؛ حتى تبقى للمشاعر الإسلامية مكانتها المرموقة، وحتى يبقى إسلامنا بلا شوائب.