أكد مدير مهرجان المسرح العربي «بدوراته الأربع عشرة»2001- 2016 «ومؤسس الجمعية المصرية لهواة المسرح د. عمرو دوارة ان المسرح المصري حاليا في مرحلة مخاض جديدة، وقد كشفت فعاليات «المهرجان القومي للمسرح المصري» بدوراته الأخيرة كم المتغيرات الكثيرة التي يمر بها، حيث اختفت تقريبا جميع فرق القطاع الخاص التجاري بشكلها المألوف. حول المسرح العربي وموقع الشباب ونهضة المسرح كان للجسر الثقافي هذا الحوار مع دوارة: قدرة الشباب ¿¿ في رأيك هل الشباب المسرحي اليوم مؤهل أن يمسك بزمام تطوير المسرح في مصر؟ أريد أن أفرق بين المساهمة بصورة فعالة في الإبداع وتقديم رؤى فنية جديدة، وبين قدرتهم على الإدارة، ففي الحالة الأولى هم بالفعل قادرون على اتخاذ ذمام المبادرة في التطوير باقتحام مساحات ومناطق جديدة لمناقشة بعض قضاياهم الآنية وعرض وجهات نظرهم من خلال أشكال وقوالب فنية تتسم بالابتعاد عن المألوف، أما بالنسبة للإدارة فأرى أنها تحتاج لنظرة شمولية ومعرفة باللوائح والقوانين والحسابات المالية بالإضافة إلى ضرورة توافر تلك المهارات القيادية ألتي يتم تنميتها من خلال الممارسة الفعلية، ولذا أعتقد أنها من المهام التي يمكن تخصيصها لجيل الوسط. انعكاس جاد ¿¿هل هناك عقبات لرجوع المسرح أقوى أوكما كان في السابق؟ وهل تغيرت ذائقة الجمهور المسرحي؟ بلا شك ان ذائقة الجمهور تختلف وتتطور مع الزمن خاصة عقب الأحداث الكبرى والثورات، وبالتالي أصبح الجمهور أكثر وعيا وأسرع إيقاعا، لقد أصبح يبحث في المسرح عن انعكاس جاد لقضاياه وتناول حقيقي لمشاكل حياته وطموحاته وآماله، لم يعد تستهويه القصص الاجتماعية التقليدية والمشاكل الفردية، ولم يعد يقبل بالرمز والتجريد والتلميحات غير المباشرة، قد يقبل ضعف الانتاج ماديا ولكنه لا يقبل إلا بالصدق والقدرة على إثارة الدهشة وتفجير مناطق الجمال من خلال تقديم تلك المتعة السمعية والبصرية المنشودة. وأرى أن المسرح المصري غني بقدراته البشرية بجميع مفردات العرض المسرحي ولكنه للأسف يفتقد إلى القيادة التي يمكنها توظيف تلك القدرات، وأرى أن الإدارة الرشيدة يجب أن تعتمد بالدرجة الأولى على وضع خطط طموحة مع الحرص على متابعة تنفيذها بكل دقة، وتكون من أهم أهدافها الكشف عن المواهب الجديدة وأيضا كسب جمهور جديد، ولن يتحقق ذلك بالطبع إلا بالحرص على التجوال بالعروض وتقديمها بأماكن التجمعات الحقيقية بالمدارس والجامعات والمصانع والأقاليم والقرى. صور عشوائية ¿¿هل يكفي المهرجانات المسرحية لخلق مسرحي متمكن؟ المفترض أن تكون المهرجانات المسرحية تتويجا للحركة المسرحية الفعلية خلال عام، ولكن للأسف فقد انتشرت بالوطن العربي ظاهرة تنظيم المهرجانات المسرحية بصور عشوائية، حيث تتداخل مواعيد تنظيمها، كما يتم تنظيمها في عجالة وبدون هوية محددة أو أهداف معلنة، ولكنها في كل حال قد تنجح في عمل حراك مسرحي من خلال استضافة بعض كبار المسرحيين أصحاب الخبرات وكذلك بعض العروض المتميزة التي قد تساهم في تقديم النموذج المثال الذي يجب أن يحتذى. التحديات الفنية ¿¿ماذا يحتاج المسرح في السعودية ليتطور؟ وهل يعجبك ما يعرض الان من المسرح في السعودية؟ كان لي شرف متابعة عروض المسرح السعودي عن قرب بدءا من مشاركات الفرق السعودية بالدورات الأولى لمهرجان «القاهرة الدولي للمسرح التجريبي» الذي تأسس عام 1988، خاصة وأن بعض الأصدقاء من المخرجين المصريين المقيمين بالسعودية كانوا يشاركون بإخراج هذه العروض (أبو بكر خالد، جمال قاسم)، كذلك كان لي شرف المتابعة النقدية للعروض المسرحية المشاركة بفاعليات «أيام السعودية» التي تم تنظيمها بالقاهرة وبعض المحافظات عام 2006، وقد أشدت فعلا بالمستوى الفني للعروض ومهارة المخرجين في مواجهة التحديات الفنية ولعل من أهمها عدم مشاركة العنصر النسائي بالعروض. وأفخر جدا بحرص اللجنة المنظمة لمهرجان «المسرح العربي» - التي أشرف برئاستها -على تمثيل المسرح السعودي بكل دورة من دوراته الأربع عشرة سواء على مستوى التكريم أو المشاركة بعضوية لجنة التحكيم أو بالعروض. ولكن المفاجأة السارة بالنسبة لي والتي أشيد بها دائما هى مستوى عروض مسارح الأطفال، لقد كان لي شرف رئاسة لجنة تحكيم المهرجان الدولي الأول لمسرح الطفل الذي نظم بمدينة «الدمام» عام 2011، من خلال فرع «الجمعية العربية للثقافة والفنون» وبالتنسيق مع شركة «ارامكو»، وبالفعل بهرني المستوى الرفيع للعروض والمشاركين في تقديمها. النقد التطبيقي ¿¿ هل هناك حركة نقدية تواكب المسرح في العالم العربي؟ حركة النقد العربي بخير وهي انعكاس حقيقي لحركة الإبداع، ومن المسلمات أننا لا نستطيع كتابة مقال نقدي رفيع المستوى عن عرض متواضع المستوى، وإلا نضطر للوقوع إلى الهروب من النقد التطبيقي إلى كتابة بعض الأسس الفنية والمسلمات المسرحية ويتحول المقال النقدي إلى محاضرة كما يتم أحيانا ببعض المقالات المنشورة بمطبوعات المغرب العربي، فبرغم تميز حركة النقد هناك إلا أننا أحيانا نشعر بالمغالاة واستعراض العضلات (المعلومات والأسس)، ومن وجهة نظري ان النقد لابد أن يمارس دوره الأساسي في تقييم العمل الفني وتقويم مسار مجموعة المشاركين بمختلف مفردات العرض - إذا استلزم الأمر ذلك - وأيضا توجيه جمهور القراء/ المشاهدين إلى مناطق الجمال والتميز بكل عرض. أحلم بالأفضل ¿¿ ما رايك في الهيئة العربية للمسرح في الشارقة؟ وماذا تقترح عليهم؟ «الهيئة العربية للمسرح» كانت حلما بالنسبة لجميع المسرحيين العرب، ووجود حاكم عربي يعشق المسرح ويزاول الكتابة المسرحية ويشعر بمشاعر ومعاناة كل المسرحيين العرب مكسب كبير جدا، ولا يمكن وصف السعادة التي شعرنا بها مع تأسيس هذا الكيان الهام، ولكنني مازلت أحلم بتحقيق أهم أهدافه وخطته الأولى التي أعلن عنها، فبرغم الجهود التي تبذل بإخلاص إلا أن الهيئة لم تنجح في تفعيل فروع بجميع الدول العربية، بل واكتفت حاليا بالأنشطة المركزية التي تنظمها وأهمها المهرجان السنوي والمجلة الفصلية ونشر بعض المطبوعات بالإضافة إلى تنظيم بعض المسابقات والورش الفنية، وهذا جهد مشكور ولكنني مازلت أحلم بالأفضل وهو أن يقوم مجلس إدارة الهيئة بتفعيل الفروع ليقوم كل فرع بجميع هذه المهام ويتم متابعته وتدعيمه مركزيا، وبالتالي نضمن مضاعفة هذه الأنشطة بعدد الدول العربية أي مالا يقل عن خمس عشرة مرة على الأقل.