منذ أسبوعين، كانت رحلة يونايتد إيرلاينز رقم 880 تقل أكثر من 200 راكب من هيوستن تكساس متجهة نحو مطار هيثرو في لندن، قبل أن تتعرض لمطب هوائي ألقى الركاب نحو سقف الطائرة، ما أدى إلى إصابة 23 شخصاً. يقول أحد الركاب في تصريح صحفي "كانت الطائرة تحلق على نحو سلس لأقصى درجة، ثم حدث هذا الاضطراب المفاجئ وكأن أحدهم هاجمنا". وهبطت الطائرة من طراز بوينج 767-300، اضطرارياً في مطار شانون في أيرلندا، وجرى نقل المصابين إلى المستشفى الجامعي في ليمريك. لم تكن هناك إصابات خطيرة، إلا أن الجميع مر بتجربة مفزعة، وهي التجربة التي يرى الخبراء أنها ستؤثر على رحلات الطيران بشكل متزايد. قال الدكتور بول ويليامز، الباحث بجامعة ريدينغ، في تصريح الأسبوع الماضي "من المتوقع أن يكون هناك المزيد من المطبات الهوائية الحادة، والتي تأتي بشكل مفاجئ دون أي تحذير مسبق، وستحدث في المستقبل القريب مع التغير المناخي وتأثيره على طبقة الستراتوسفير. هناك بالفعل زيادة مطردة في أعداد الحوادث الناجمة عن المطبات الهوائية الشديدة التي أصابت رحلات الطيران خلال العقود القليلة الماضية. عالمياً، تسبب هذه الاضطرابات عشرات الوفيات سنوياً في الطائرات الخاصة الصغيرة، ومئات الإصابات في طائرات نقل الركاب. ومع تزايد مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ستستمر زيادة أعداد هذه الحوادث". ويضيف ويليامز أنه على ارتفاع بين 10 إلى 12 كم (6 إلى 7 أميال)، وهو الارتفاع المثالي لتحليق طائرة ركاب حديثة، تسببت التغيرات في درجة الحرارة والناتجة عن تزايد كميات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في تكون طبقات مختلفة من التيارات الهوائية بسرعات تزيد نسبياً، ينتج عن هذا التدفق غير المستقر ما يعرف باضطراب الهواء الصافي، كما لا توجد أية مؤشرات يمكن لقائد الطائرة أن يعرف من خلالها بحدوث ذلك. يضيف ويليامز "تواجه الطائرات مطبات بهذه الشدة آلاف المرات سنوياً في الوقت الحالي". في الولايات المتحدة وحدها، تتكلف الأضرار الناجمة عن هذه المطبات أكثر من 500 مليون دولار سنوياً، كما تشير جميع الدراسات إلى أن هذه الحوادث تصبح أكثر تكراراً. على سبيل المثال، في عام 2006، أشارت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية إلى أن عدد المطبات التي تسببت في حوادث شديدة في الرحلات الأمريكية قد ارتفعت لأكثر من الضعف في الفترة من 1982 إلى 2003. المهم في هذا الأمر أن هذا الرقم يشمل التعديلات التي أجريت لمواكبة زيادة أعداد الرحلات التي حدثت نتيجة لنمو قطاع الطيران. يقول ويليامز "عدة دراسات أخرى أكدت الأمر نفسه (التزايد المستمر في هذا النوع من الحوادث). وبشأن الإجراءات التي يجب اتخاذها، كان ويليامز واضحاً، إذ قال "حافظ دائماً على تثبيت حزام الأمان. أنا لم أكن أكترث من قبل حتى بدأت دراسة حوادث المطبات الهوائية والإصابات التي تحدث نتيجة لها. بالتأكيد، لن يحميك ذلك مثلاً من أن يُلقى شخص ما في الهواء ويسقط فوقك، إلا أنه سيقلل من احتمالات أن تصاب بأذى". للحد من هذا النوع من الحوادث، يرى ويليامز أن الحد من الانبعاثات الكربونية سيكون تحركاً واضحاً، على الرغم من أن هذا الأمر مازال هدفاً صعباً. التدابير الأخرى المباشرة تتضمن تطوير علم التنبؤ بوجود المطبات الهوائية وإيجاد خوارزميات أفضل للأرصاد الجوية للتنبؤ بهذا النوع من الحوادث. وقال ويليامز إنه في الوقت الحالي، لم يتوصل العلم إلى الدقة المطلوبة لمعرفة وقت ومكان المطب الهوائي، إلا أن الأمر يتحسن طوال الوقت. يضيف ويليامز "المهندسون يعملون أيضاً على تقنية تتضمن تسليط أشعة فوق بنفسجية على المسار الذي تتخذه الطائرة، ومن ثم يمكن تحليل الانعكاسات التي تعود للطائرة، وهو ما يمكن من خلاله تحديد الوقت الذي من المتوقع فيه المرور بمطب هوائي من شأنه التأثير على الطائرة بشدة". المشكلة تكمن في أن تجهيز جميع طائرات الركاب الموجودة في الخدمة حالياً بنظام الأشعة البنفسجية سيكلف -في الوقت الحالي- أكثر بكثير من التكلفة التي تسببها الحوادث الناجمة عن المطبات الهوائية على صناعة الطيران. يختتم ويليامز حديثه قائلاً "العملية باهظة التكلفة حالياً على شركات الطيران. ومع ذلك، فإنه مع تزايد الكربون في الغلاف الجوي، ستزداد الحوادث المؤثرة على رحلات الطيران، وسيتأذى المزيد من الركاب، وحينها ربما نرى تحركاً ما. هذه المشكلة ليست في طريقها للزوال".