اشتهرت البحرين منذ سنوات طويلة بحرفة صياغة الذهب حتى بات الذهب البحريني هو المفضل في المنطقة واكتسب شهرة كبيرة بفضل مستوى الجودة الذي يتمتع به والبريق الذي يميزه، إذ يشكل انخفاض أسعار الذهب لمستويات 11 ديناراً للغرام فرصة من أجل إنعاش ورش صياغة الذهب التي تنتشر في أزقة المنامة. وأدى ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية وصلت قبل سنوات إلى 20 ديناراً للغرام الواحد، إلى عزوف البحرينيين ممن يعملون في صياغة الذهب عن هذه الأعمال وسط انتشار العمالة الآسيوية في هذه الحرفة، إذ تعتمد أغلب الورش على التصدير إلى الأسواق الخارجية مع ضعف الطلب المحلي. واقترح عدد من العاملين في قطاع الذهب، عدداً من المبادرات من أجل حث البحرينيين وتشجيعهم على الانخراط في هذه الصناعة، ومن بينها أن تخصص برامج من قبل تمكين لدعم هذه الصناعة وخصوصاً لفئة الشباب. صاحب محل جيهان للذهب في المنامة عبدالشهيد الصائغ، والذي ينتمي لعائلة عرفت بحرفة الصياغة على مستوى الخليج، يقول إنه تعلم صياغة الذهب وعشقها من صغره وعمل بها، لكنه فضل أن يبتعد عنها لأسباب صحية. ويمتلك الصائغ ورشة لصياغة الذهب في سوق المنامة القديم، وهو المركز الرئيسي لصناعة الذهب في البحرين، وعلى رغم أنه يركز نشاطه على الإدارة والمبيعات، فإنه مازال يشرف على عدد من العمالة الآسيويين الذين قام بتدريبهم على هذه المهنة وفي بعض الأحيان ينجز بعض العمل الذي يعتقد أنه يصعب على هؤلاء العمال القيام به. الذهب البحريني مفضل في دول المنطقة ويقول الصائغ: الذهب البحريني مفضل في المنطقة بسبب مستوى الجودة فهو لا يبهت بريقة ولمعانه يبقى لفترة طويلة. ويشير الصائغ إلى عقد معلق في محله انظر لهذا العقد، إنه تصميم بحريني قديم، قدمت لدينا سيدة وأرتنا صورة تريد عقداً نفسه، وعندما راجعنا التصاميم القديمة قمنا بصياغته لها، ثم رأينا إقبالاً عليه وقمنا بصياغة عدد من القلائد على شكل صدف، ونستطيع أن نعمل جميع التصاميم. ويشير الصائغ بحسرة إلى أن عدداً من الحرف في البحرين اندثرت بعد أن تخلى عنها الأجيال، وعلى رغم وجود بعض القلائل المتمسكين بالحرفة، فإن الصائغ رأى أن الصناعة بدأ البحرينيون بهجرها قبل نحو عشرة أعوام نعم، المحلات غير المرخصة منتشرة وهي تشكل منافسة، إنهم لا يدفعون رسوم تأمين ولا رسوم هيئة تنظيم سوق العمل، كما يقومون بالصياغة من المنازل، فحتى الكهرباء التي سيدفعونها هي بسعر الكهرباء المنزلية، إنهم يقومون بالعمل بأسعار أقل، بتكاليف تقل عن ما يكلفنا كورش مرخصة. ويكشف صائغ الذهب، عن بعض أسرار الصناعة، حين يقول إن الصاغة البحرينيين يفضلون خلط المعدن الأصفر بالفضة على أن يخلط بالنحاس قد يكون ذلك أعلى تكلفة بالنسبة لنا لكننا نحرص على المحافظة على مستوى جودة مرتفع. وتضطر ورش الصياغة إلى رفع نسبة الذهب في المسبوكات لأكثر من 21 قيراطاً، وهو العيار الذي اشتهر به الذهب، ويقول الصائغ: ما نبيعه أكثر من عيار 21 أي أكثر من المطلوب، إذ من الضروري أن نقوم بختم المصوغات لدى مختبر وزارة الصناعة والتجارة وإذا ما قلت النسبة عن العيار المطلوب فإن الكميات كلها ستتلف. وتدفع ورش الصياغة 6 فلوس تقريباً لكل غرام ذهب من أجل فحص كميات عشوائية، إذ تعرف المختبرات البحرينية الحكومية بصرامتها فيما يتعلق بجودة الذهب، مما يعطي هذه الصناعة قوة رقابة أكبر. الأسعار تغير أنماط الصياغة وتكافح ورش الذهب في المنامة للتفنن في ابتكار ما هو جديد من المصوغات في ظل ارتفاع أسعار الذهب في السنوات الأخيرة وضعف القدرة الشرائية للزبائن في البحرين عموماً. ويقول الصائغ: انخفضت الأسعار من 14.8 ديناراً للغرام قبل فترة إلى 11.2 ديناراً في الوقت الراهن وهذا يعطي المحلات فرصة أفضل للمبيعات، ففي مارس/ آذار 2015 اعتبر من الشهور التي شهدت انتعاشاً في مبيعات الذهب. ويشير الصائغ إلى أن ورش الصياغة خففت أطقم الذهب إلى نحو 30 غراماً في حين بمتوسط أسعار يصل إلى 600 دينار، في حين كان معدل أوزان الأطقم في السنوات الماضية 50 غراماً أو أكثر، وعلى رغم ذلك، يرى أن الذهب مازال يأسر قلوب البحرينيات وحتى الشابات التي يحرصن على اقتناء الذهب المعدن الأصفر هو أفضل استثمار للأموال ودائماً ما ينظر إلى الذهب محلياً على أنه ذخر للمستقبل، ويتم بيعه في حالات الضرورة أو حالات الاستثمارات الأخرى مثل شراء قطعة أرض أو منزل. معظم أعمال ورش الصياغة لخارج البحرين أما عادل محمد من مجوهرات البحرين فيعتبر أن ارتفاع أسعار الذهب منذ بداية العام 2004 ووصول سعر الذهب ليقترب من 2000 دولار للأوقية مع ضعف القدرة الشرائية في السوق هو السبب الرئيسي وراء ابتعاد البحرينيين عن حرفة الصياغة. وعلى رغم أن محمد يخفف من أهمية المنافسة الشرسة من قبل العمالة الآسيوية التي تعمل في صياغة الذهب وتأثير ورش صياغة الذهب على هجرة البحرينيين لهذه الحرفة، إلا أنه عاد ليشير إلى أن الورش غير القانونية تعتبر مشكلة كذلك بحد ذاتها. وأشار محمد إلى أن معظم أعمال ورش الصياغة في البحرين حالياً تخصص لخارج البحرين وخصوصاً لدبي والدمام والمدن الخليجية. وعن المقترحات لعودة الصاغة البحرينيين للسوق قال محمد: أعتقد أن تمكين يمكن لها أن تخصص برامج لدعم تجارة الذهب في ظل محدودية رؤوس الأموال. ورش الصياغة المرخصة المنتشرة في أحياء المنامة تصدر للسوق الخارجية