قدمت المعارضة السورية، أمس، في لندن رؤيتها لحل سياسي في سورية، تتضمن مرحلة تفاوض من ستة أشهر على أساس بيان جنيف، تليها مرحلة انتقالية من 18 شهراً تشكل خلالها هيئة الحكم الانتقالي من دون الرئيس السوري بشار الأسد، فيما تتمثل الثالثة والأخيرة في حوار وطني، وأعلنت أنها ترفض أي خطة أميركية روسية لا تتفق مع رؤيتها. وفي التفاصيل، قدمت المعارضة السورية خطتها هذه قبيل اجتماع للمجموعة الدولية لدعم سورية يعقد في العاصمة البريطانية بحضور نحو 20 دولة ومنظمة. ومن أبرز المشاركين في هذا الاجتماع وزراء خارجية بريطانيا وتركيا والسعودية وقطر وإيطاليا وفرنسا والاتحاد الأوروبي، على أن يلقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري كلمة عبر دائرة فيديو مغلقة. وتلا المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، الخطة التي حملت عنوان «الإطار التنفيذي للحل السياسي وفق بيان جنيف 2012»، والتي تتضمن ثلاث مراحل. وأوضح حجاب أن المرحلة الأولى «عبارة عن عملية تفاوضية تمتد ستة أشهر تستند إلى بيان جنيف لعام 2012 يلتزم فيها طرفا التفاوض بهدنة مؤقتة»، مشيراً إلى أن هذه المرحلة يجب أن تتضمن «وقف الأعمال القتالية وجميع أنواع القصف المدفعي والجوي وفك الحصار عن جميع المناطق والبلدات والإفراج عن المعتقلين وعودة النازحين واللاجئين إلى ديارهم، ووقف عمليات التهجير القسري». ولم يذكر أي شيء حول دور الرئيس الأسد خلال هذه المرحلة. أما المرحلة الثانية فتمتد 18 شهراً و«تبدأ فور توافق طرفي التفاوض على المبادئ الأساسية للعملية الانتقالية وتوقيع اتفاق يضع هذه المرحلة ضمن إطار دستوري جامع». وأضاف حجاب أن المرحلة الثانية تتضمن أيضاً «وقفاً شاملاً ودائماً لإطلاق النار وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي التي تستوجب رحيل بشار الأسد وزمرته، ويتم العمل على صياغة دستور جديد وإصدار القوانين لإجراء انتخابات إدارية وتشريعية ورئاسية»، كما شددت الخطة على ضرورة أن «تتمتع هيئة الحكم الانتقالية بسلطات تنفيذية كاملة». وحددت الخطة مهام الهيئة الانتقالية في إطار المرحلة الثانية وهي «سلطات تنفيذية كاملة تتضمن: إصدار إعلان دستوري مؤقت يتم تطبيقه على امتداد المرحلة الانتقالية، وتشكيل حكومة تصريف أعمال وإنشاء مجلس عسكري مشترك ومحكمة دستورية عليا وهيئة لإعادة الإعمار وهيئة للمصالحة الوطنية وعقد مؤتمر وطني جامع وإعادة هيكلة القطاع الأمني». ووصف حجاب المرحلة الثالثة للخطة بأنها «تمثل انتقالاً نهائياً عبر إجراء انتخابات محلية وتشريعية ورئاسية تحت إشراف الأمم المتحدة». وكان وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، دعا في مقالة نشرتها صحيفة «ذي تايمز» أمس، إلى عدم ارتكاب الأخطاء التي وقعت خلال حرب العراق مجدداً لدى البحث عن حل للنزاع في سورية. وطالب جونسون برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، مؤكداً أنه من الممكن تفادي الفوضى التي أعقبت إطاحة الرئيس العراقي صدام حسين. وكتب جونسون: «لماذا يتكرر الأمر نفسه؟ الأسد ليس رجلاً قوياً بل زعيم ضعيف إلى حد يثير الخوف، لن يتمكن أبداً بعد الآن من الحفاظ على تماسك بلاده، ليس بعد المجازر التي ارتكبها». واتهم الأسد باستخدام «تكتيكات عسكرية وحشية» في النزاع الجاري في هذا البلد. كذلك انتقد رئيس بلدية لندن السابق روسيا، و«سلوكها غير المبرر» في دعم الأسد. وكتب «أن الأسرة الدولية برمتها ملتزمة، أقله مبدئياً، بالتخلص من الدكتاتور السوري. حتى الروس وافقوا على الحاجة إلى انتقال سياسي». وأضاف: «لكن الروس يستخدمون أيضاً قوتهم العسكرية لتفادي هزيمته وإبقائه في السلطة». من جهة ثانية، اعتبر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في تصريح لـ«بي بي سي» أن خطة المعارضة تشكل «خطوة إلى الأمام» وتقدم «رؤية لسورية: أي ما يجب أن تكون عليه سورية عبر إشراك الجميع». يأتي ذلك في وقت أعرب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن استعداد بلاده للتعاون مع الولايات المتحدة في عملية عسكرية مشتركة ترمي إلى طرد تنظيم «داعش» الإرهابي من مدينة الرقة، معقل المتشددين في سورية. ونشرت وسائل إعلام تركية، أمس، تصريحات أردوغان التي كان قد أدلى بها للصحافيين على طائرته الرئاسية خلال عودته من قمة مجموعة الـ20 في الصين، حيث التقى نظيريه الروسي والأميركي. ونقلت صحيفة «حرييت» التركية عن أردوغان قوله إن الرئيس الأميركي باراك أوباما، أبلغه عزم واشنطن القيام بعمل مشترك «في ما يتعلق باستعادة الرقة»، الأمر الذي لم تعترض عليه أنقرة. وتريد أنقرة الآن دعماً دولياً لعملية تسيطر من خلالها على قطاع من الأراضي يمتد نحو 40 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، مع إقامة منطقة عازلة بين منطقتين يسيطر عليهما الأكراد إلى الشرق والغرب. في المقابل، عبرت الخارجية الروسية، أمس، في بيان عن قلقها العميق لتحركات القوات التركية والمعارضة السورية المدعومة من أنقرة داخل الأراضي السورية، مضيفة أن تصرفات تركيا قد تزيد من تعقيد الوضع العسكري والسياسي في سورية، مؤكدة أن على تركيا أن تكف عن أي خطوات تزعزع الوضع في سورية.