بقلوب مفعمة بالإيمان ونفوس مشرئبة إلى الرحمة والغفران وفي مساء حزين قاس ودعنا أعز إنسان وأكرم مقيم وراحل عن هذا المكان، إن فراق الأحبة مؤلم دون ريب ولكن رحيل أعز الأحبة أعز إنسان (الأم) يعد بحق أكثر قسوة وألماً من أي مصاب آخر. إنه يجتاح المشاعر ويسيطر على الوجدان ويلجم الفكر واللسان. ومع أن الموت هو النذير القادم الذي لا شك في حضوره والغائب المحتم لقاؤه - ومع أن الإيمان بقضاء الله وقدره لا يرد فإن الإنسان لا يملك إلا الشعور بصدمة الحدث وبالحزن والألم يمزّقان قلبه وأحشاءه - إن الموت أشد فواجع الدهور ألماً وأكثرها فجيعة لأنه رحلة لا عودة منها وفراق لإلقاء يعقبه في هذه الدار - وفوق ذلك كله تبقى روح الوالدة حيَّة راسخة في الذهن والفكر والجنان مؤكّدة حضورها الدائم في الزمان والمكان.