المواطن مكة المكرمة أكد وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، أن المملكة العربية السعودية حرصت منذ نشأتها على أن يكون الحج بعيداً عن أي شعار من شعارات الجاهلية، وفخرها، وتصنيفاتها، وأن يكون المسلمون جميعاً في الحج سواسية، وهذا هو المعنى الحقيقي للإخلاص في أداء هذا الركن العظيم الذي هو الحج. وشدَّد في الكلمة التي ألقاها خلال لقائه نخبة من كبار ضيوف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -، اليوم، في مقر إقامتهم في فندق الدار البيضاء بمكة المكرمة، على أن المملكة سعت إلى أن يكون الحج لله، وأن لا يكون فيه شعارات، أو تحزبات سياسية، أو شعارات إقليمية، أو طائفية، بحيث تفسد إخلاص الحج وكينونته لله وحده، مؤكداً أن تسييس الحج أمر يعود به إلى أمور الجاهلية، والنبي – صلى الله عليه وسلم – حينما حجَّ، وضعَ أمر الجاهلية كله، فقال في خطبته في عرفة: (وإن أمر الجاهلية موضوع، وإن ربا الجاهلية موضوع)، يعني: مُلغًى، فأمر الجاهلية ملغى؛ لأن قريشاً كانت تستفيد من الحج بشعاراتها، وسياساتها الضيقة التي تُفرِّق بين الحجاج. وأضاف: فالناس في الحج يجب أن يكونوا سواسية، فلهم أن يحجوا حجاً واحداً، وأن تيسر لهم السبل جميعاً، وألا يكون الحج إلا دينياً، لله، لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، لا يُمزج بأي أمر من أمور الدنيا التي يستفيد منها الناس بالشعارات، والمكاسب السياسية، أو الطائفية، أو الإقليمية، أو ما شابه ذلك. وأوضح أن هذا الاجتماع الذي أفراده من أكثر من دولة، وقارة، يمثل الوحدة الإسلامية، وأن المسلمين بجميع فئاتهم، وبلدانهم، ومذاهبهم، إخوة وقوة، ويأتون مستقبِلين هذه القبلة، فهم إخوة فيها، وهذا الذي يئد الفتنة التي يريد أعداء الإسلام دائماً إثارتها في الأمة للتفريق بين أفرادها. وأشار إلى أن أعداء الأمة يريدون أن يفرقوا بين أفراد الأمة في ظل هذه الظروف الصعبة والحرجة في تاريخ الأمة، فهم يريدون أن يزيدوها فرقة، وعِدائية بين المسلمين بعضهم بعضاً، ولذلك العلماء الذين يعلمون حدود ما أنزل الله على رسوله، يحرصون اليوم على تفويت الفرصة على الأعداء، وعلى وأد الفتنة بين المسلمين، وأن تُجمع كلمة المسلمين؛ لأن القوة التي تنكسر فيها كل الدعايات والمواجهات، وتنكسر عليها كل الأغراض الدنيئة في التفريق بين الأمة لا يمكن أن تكون إلا بالوحدة كما أراد الله. وبيَّن أنه لا يصلح لهذه الأمة إلا أن تكون واحدة، فإنها إذا تفرقت ضعفت وإذا أتى الشيطان للنفوس لإرادة التفريق، فإنَّ من يستجيب له إنما يستجيب لخطوات الشيطان، والشيطان يُريد الضعف للمؤمنين، وأول درجات الضعف الكراهية؛ لذلك رسالتنا الإسلامية رسالة المملكة العربية السعودية في قيادتها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز- أيده الله -، وسمو ولي عهده، وسمو ولي ولي عهده، وكل أجهزة الدولة هي الرسالة الإسلامية الجامعة، رسالة المحبة بين المؤمنين، رسالة التكاتف والرحمة والتعاون على البر والتقوى. وقال معاليه: إن الله أَمَرنا في الحج بالتعاون على البر والتقوى، وهو التعاون على الاتحاد والاجتماع، والتنسيق ووحدة الكلمة، أما التعاون على الإثم والعدوان فهو التعاون على ما يُرضي الشيطان بخطواته، بأن يبدأ في التفرقة بين الناس، والكراهية، وإحياء الطائفية، والنزاعات التاريخية، وما أشبه ذلك؛ لذلك قوتنا قوة أهل السنة والجماعة هي القوة للإسلام، والإضعاف لكل مخططات من يريدون شرًّا بالمسلمين في تاريخهم الحاضر. وخاطب معاليه الضيوف قائلاً: أنتم جميعاً علماء تعلمون حقيقة الرسالة الإسلامية، ونؤكِّد لكم أن رسالة المملكة هي المحافظة على الحرمين الشريفين، وعلى المقدسات الإسلامية؛ لأنها رمز الوحدة الإسلامية، فالكعبة هي كعبة الوحدة الإسلامية، ورمز الوحدة والقوة الإسلامية، وخاصة بين أهل السنة والجماعة، بين المسلمين الذين يقطنون الأرض شرقاً وغرباً، فرسالة المملكة هي المحبة، والإخاء، والتعاون، وإكرام المسلمين، وتيسير أمورهم. وأضاف معاليه: إن أعداء الأمة الإسلامية يريدون الفرقة فيها ومزيداً من الشر، مثلما ترون اليوم ما يسمى بالشرق الأوسط، وهي بلاد العروبة والإسلام؛ الجزيرة العربية، والعراق، والشام، وتركيا، ومصر؛ يراد بها أن تضعف، وألا تكون قوية، وأن يكون بينهم من الفتن، وأن تزيد الفتن وتكثر، ولكن العلماء والدعاة يجب أن يَعُوا ضخامة مسؤولية المملكة اليوم في جمع كلمة المسلمين، وإضعاف كل وسيلة من وسائل إضعاف المسلمين، منوهاً إلى مواجهة الحقيقة كما هي، وقد رأيتم ولله الحمد هذه البلاد، ورأيتم التيسيرات التي تقدم، والجهد الكبير الذي يشرُف به كل سعودي في خدمة حجاج بيت الله الحرام. واختتم كلمته سائلاً الله تعالى أن يطفئ نار الفتن في بلاد المسلمين، وأن يجعل كيد من أراد الفتنة ببلاد المسلمين في نحره، وأن يَرُدَّ أذاه لنفسه، كما سأل الله أن يديم الأمن والأمان على جميع بلاد المسلمين. إثر ذلك، استمع معاليه إلى مداخلات كبار الضيوف، الذين أعربوا عن شكرهم وتقديرهم لخادم الحرمين الشريفين على استضافتهم هذا العام، منوهين بالخدمات المقدمة لهم من اللجان العاملة والمشرفة على البرنامج، كما أكدوا في مداخلاتهم أن المملكة تحمل هم الدعوة إلى الله وخدمة العلماء والمفكرين وتقديم كل التسهيلات لهم والسعي الدؤوب لوحدة واجتماع كلمة المسلمين ونصرة قضاياهم، وكل ما من شأنه رفعة الإسلام وعز المسلمين. وكان الوزير، زار برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين، وقام بجولة تفقدية على مقر الاستضافة؛ شملت مقر اللجنة الشرعية، والعيادة الطبية، والمركز الإعلامي، والخدمات التقنية، والمعرض المصاحب، وأقسام البرنامج ، واستمع إلى شرح موجز عن كل قسم وآلية سير عمل اللجان المشرفة على البرنامج. مما يذكر أن زيارة معالي الوزير صالح آل الشيخ، تأتي حرصاً منه كعادته كل عام على تفقد مقر إقامة الضيوف، حيث يرحب بهم، وينقل لهم تحيات وتهاني خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وفقه الله -، وتحقيق تطلعات خادم الحرمين الشريفين، والوقوف عن كثب على ما أعد للضيوف وجهز لهم من خدمات شاملة في سبيل راحتهم وسلامتهم؛ لينعموا برحلة حج لا تنسى.