البارحة فاضت روح أحد أبناء عمومتي في الحد الجنوبي، وهو الملازم أول محمد البهيجان، كان واقف كالجبل الشامخ يذود عن مقدسات وطنه، كان رجلا شجاعاً نذر نفسه وحياته لخدمة دينه كغيره من أبطالنا الشهداء والمرابطين، ولم يتوانَ في تلبية نداء الواجب عندما أتى تكليفه ضمن الكتائب البريّة التي تحرس حدود الوطن. روح جديدة فارقتنا لتنضم إلى سائر الأرواح الطاهرة التي باعت حياتها لتشتري نعيما لا ينفد، ولتنال شرف الشهادة في سبيل الله، أولئك الأبطال هم فخرنا وعزنا، هم مصدر أماننا بعد الله، كانوا يقضون الليالي ساهرين لمواجهة المتسللين المعتدين، أقسموا على أن تكون أرضهم عزيزة وأوفوا بقسمهم، كانوا يتسابقون ليتقدموا الصفوف في المعارك، مؤمنين بقضاء الله وقدره، ولا يرضون بخيار آخر؛ إما النصر وإما الشهادة. وطن يضم جنودا كمحمد البهيجان وأصحابه سيظل صامدا ولن تستباح مقدساته، وستظل أسماؤهم راسخة في ذاكرة الوطن إلى الأبد، وستذكرهم الأجيال تلو الأجيال، لأنهم رجال قاوموا العدوان ووقفوا ببسالة ضد المتربصين والحاقدين، ولم يترددوا في الدفاع عن دينهم ووطنهم، ونحن سنفاخر بهم ما حيينا، هم الصفحات العطرة التي ستبقى خالدة في تاريخ وطننا وأمتنا. شهادة أبنائنا لا تزيدنا إلا إصرارا وعزيمة لدحر أعداء الدين والوطن، وهناك وعد إلهي غير مكذوب بنيل النصر ما دام لدينا رجالا صدقوا ما عهدوا الله عليه، وحرسوا وطنا يضم فوق ترابه قبلة المسلمين ومسجد رسول الله، فهنيئا لهم مرافقة النبيين والصديقين والشهداء، والعزاء لنا وللأهل والوطن.