الرياض حسين الحربي شدد رئيس وزراء ليبيا السابق محمود جبريل، على أن عبارة «الربيع العربي» لم ترد في هتافات المتظاهرين في الدول التي شهدت اضطرابات سياسية، بل إنها توصيف تم إطلاقه من الدول الغربية، مبيناً أن حركة «اﻹخوان» بالرغم من خوضها معارك نضالية منذ عام 1928م وحتى اﻵن، إلا أنها لم تخطط كيف تقيم نظاماً، بل كيف تسقط الأنظمة. سياسة الاحتواء وأكد جبريل أن حركات الإسلام السياسي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد ظهور تجليات ما يُعرف بالعولمة الحديثة وتداعياتها، وقد ساعدها في ذلك تدني مستوى التعليم، وتفشي البطالة بشكل مخيف جداً، ما أظهر تلك القيم التي أشعلت فتيل الثورات العربية. وأشار الدكتور جبريل في ورقته التي ألقاها خلال ندوة «التحولات السياسية في الوطن العربي.. رؤية من الداخل وتجربة السلطة والحكم»، وذلك ضمن البرنامج الثقافي المصاحب لفعاليات «الجنادرية 29 «، إلى أن المشروع الأمريكي الداعي إلى استراتيجية الاحتواء بدلاً من استراتيجية المواجهة، جاء لأحزاب معينة أهدافها في اعتلاء سدة الحكم في مصر وتونس وليبيا، مؤكد أن «الإخوان» لم يدخلوا الثورات العربية إلا بعد فترات، وفي ليبيا تدخلوا في الثورة في 23 فبرير، وكان دخولهم عبارة عن محاولة للسيطرة على مقاليد الأمور. فعل شبابيّ بدوره، نفى الكاتب والخبير الإعلامي أيمن الصياد، أن تكون الثورات مخططاً أمريكياً، مشيراً إلى أن الثورات العربية في بداياتها، وحينما خرج الشباب لينادوا بإسقاط النظام، لم تكن مؤامرة غربية أمريكية في بدايتها، وإنما من قام بها وتبناها هم الشباب، وأشار إلى أن خطأ اﻹخوان أنهم لم يستجيبوا لمطلب التحرير في تغيير النظام. وبيَّن الصياد أن الفكر السياسي لدى جماعة الإخوان المسلمين لم ينسجم مع معطيات الواقع الذي أعقب الثورة، ولم يستجِب ذلك الفكر إلى مطالب الشعب ونداءاتهم الداعية إلى الإصلاح في الشأن الأمني والقضائي والإعلامي، ومطالب الشباب الرامية إلى توفير الفرص الوظيفية. التجربة التونسية فيما استعرض وزير الثقافة التونسي الدكتور مهدي مبروك، التغيرات السياسية في تونس، التي أطاحت بنظام الحكم السابق، كما تحدث عن النموذج المجتمعي التونسي ومكوناته ما قبل الثورة، والتصادم السياسي بين حركة النهضة والنظام السابق، بالإضافة إلى المعطيات الجديدة وإعادة التشكل السياسي، وسمات الانتقال الديمقراطي، والتوافقات السياسية وما أفرزته من صياغة الدستور، وصولاً إلى تجربة الترويكا وإنجازاتها. مجتمع تقليدي عقب ذلك تطرق الكاتب والسياسي اليمني الدكتور نجيب غلاب، في ورقة قدمها بعنوان «الإسلام السياسي والدولة الوطنية»، إلى الحديث عما يطلق عليه «الإسلام السياسي» في اليمن، معتبراً أن الإشكالية التي واجهت الاحتجاجات في اليمن هي تخليق فعل ثوري في مجتمع تقليدي ومستهلك لمنتجات الآخرين فكرياً وسياسياً ومحدود الموارد، ما أفضى بدوره إلى تخليق فوضى أنتجت نقائض الأهداف المعلنة للتغيير، وأصبحت الثورة ثورة شعارات لا تمتلك أي مشروع داخلي متماسك، مشيراً إلى أن اليمن لا تختلف عن الدولة الأخرى التي أصابتها حمى الحراك الجماهيري «لذا لم ينتج الحراك إلا صراعاً على السلطة وتحصيل غنائمها». ورأى غلاب أن التجربة اليمنية أثبتت أن الإسلام السياسي وتناقضاته المذهبية والأيديولوجية من العوامل الأكثر إعاقة لبناء وحدة وطنية وهوية جامعة، وكلما زاد الصراع على الدولة نمت ثقافة التنازع والخصام والفرقة. تحالفات إسلامية وفي ختام اللقاء، تحدث أستاذ العلوم السياسية الدولية، الأمين العام لمجلس الجامعة التركية في أنقرة الدكتور محيي الدين أتامان، عن التحالفات الإسلامية في تركيا ومخاض هذه التحالفات وتأثرها بالأحداث العالمية في تلك الحقبة، ومن أبرزها الصراع العربي الإسرائيلي وأثره على مسار السياسة الإسلامية في تركيا، مؤكداً أن جذور الحركات السياسية الإسلامية في تركيا تعود إلى بداية الجمهورية الحديثة مع توجُّه إلى علمنة الدولة ونهجها السياسي في تقليص نفوذ الإسلام في تركيا. وعدَّد أتامان أسماء المنظرين في الفكر الإسلامي بتركيا ودورهم في تأسيس أحزاب إسلامية تركية ذات نهج معتدل منفتح على الغرب، مطالباً بالمقاربة معه.