تختلف الشركة في إدارة فوائض واحتياطات البلاد عن المؤسسات الحكومية التقليدية أياً كان مسماها سواء كانت مؤسسة أو صندوقا أو مصلحة، لأنها تخضع لأنظمة حوكمة الشركات والشفافية العلنية وتدقيق مراقب الحسابات وذلك من مدقق خارجي مع إعلان قوائمها المالية والمساءلة على أساس النتائج المالية المترتبة على إدارة هذه المحافظ. لم تكن سنغافورا على خطأ عندما أسست شركة للاستثمارات الخاصة (GIC) ولم تكن الصين تعاكس الواقع وهي تمتلك أكبر محفظة مالية في التاريخ، ولم تكن ماليزيا واهمة وهي تؤسس «شركة الخزانة الوطنية» التي تمتلك الحكومة كامل أسهمها، لكن أن تستمر الازدواجية في دور مؤسسة النقد العربي السعودي كبنك مركزي يؤدي دورا مختلفاً (مفترضاً) عن دور الاستثمار والمتاجرة في السندات الخارجية خصوصا بعد ارتفاع الكتلة المالية المصرفية محليا وتقلب أسعار العملات الدولية وتعقد الخدمات المصرفية ودخول المصارف الأجنبية على خط الخدمة، وتزايد شركات التأمين وغيرها أو أن تستمر الازدواجية أيضا بين دور هذه المؤسسة من ناحية وصندوق الاستثمارات العامة من ناحية أخرى والذي يقوم هو الآخر بدور لا يمكن إنكاره في دعم المشاريع الاقتصادية والمالية في البلاد، غير أنه لم يأخذ الشكل القانوني المناسب الذي يمكنه من قيامه بدوره كمنشأة مستقلة لا تخضع لوزارة عامة ليعمل بدلا من ذلك وفق معايير القطاع الخاص ومهنيته ويتولى دور المستثمر الداخلي والخارجي في الأموال الوطنية غير المرتبطة بالاحتياطي الرسمي أو ما يتطلبه النظام المصرفي. والحقيقة إن هذه المسألة أشبعت طرحا ونقاشا على مدى عشر سنوات كاملة هي عمر تراكمية هذه الفوائض المالية، لكن الآن وبعد أن فاتنا قطار التعامل مع هذه الفوائض ولم يعد ثمة فوائض مالية قادمة جراء انخفاض أسعار النفط فإن البديل القادم طالما سيكون طرح شركة أرامكو عام 2017 وإقامة أكبر صندوق للاستثمارات في العالم برأس مال يصل إلى 4 تريليونات كما ذكر سابقا، وبالتالي فإننا نعود ونقول إننا نحتاج إلى تجهيز هذه الأطر المالية والتنظيمية لإقامة شركة عملاقة بدلا من الصندوق، قبل هذا الطرح المالي، نستقطب من خلالها بعض كبار المستشارين الماليين في العالم ويديرها مجلس إدارة متفرغ من كبار الاقتصاديين والماليين في البلاد، وليس شرطاً أن يكون كلهم حكوميين ومن نفس الدائرة المالية والاقتصادية التي تتناوب حاليا على عضوية معظم المجالس والهيئات والمؤسسات والمصالح واللجان المالية والاقتصادية في البلاد. Alholyan@hotmail.com