أدى عزل الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف من منصبها إلى توتر شديد في العلاقات مع دول أميركا اللاتينية التي اعتبرته «انقلاباً» من تدبير واشنطن، وسحبت سفراءها من برازيليا، التي ردت بالمثل. وقاد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو حملة ضد عزل روسيف، وقال في خطاب بثه التلفزيون أمس: «هذا الانقلاب ليس ضد ديلما فقط. إنه ضد أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. إنه ضدنا. هذا هجوم على الحركة اليسارية الشعبية التقدمية». واتهم واشنطن بتدبير هذا الانقلاب. ورد وزير الخارجية البرازيلي خوسيه سيرا بالتشكيك في شرعية حكومة مادورو. وقال في تعليقات نشرت على موقع الحكومة البرازيلية إن «الحكومة الفنزويلية لا يحق لها أن تتحدث عن الديموقراطية طالما تفتقر إلى نظام ديموقراطي»، واتهم فنزويلا باحتجاز معتقلين سياسيين. كذلك أصدرت الحكومة اليسارية في السلفادور بياناً اعتبرت فيه أن عزل روسيف «يمثل تهديدا خطراً للديموقراطية والسلام والعدل والتنمية والتكامل في أميركا اللاتينية». أما الحكومة الكوبية، فأعلنت «رفضها بشدة الانقلاب البرلماني ضد روسيف الذي يشكل إساءة للشعب الذي انتخبها». ومعلوم أن البرازيل شكلت منذ تولي الرئيس لويس أغناسيو لولا دا سيلفا (لولا) السلطة تحالفاً «تقدمياً» مع فنزويلا والإكوادور وبوليفيا والسلفادور. وتبادلت هذه الدول، ما عدا السلفادور، سحب السفراء مع البرازيل أمس، في ظل التوتر المستجد. داخلياً، انتقلت الأزمة إلى الشارع، حيث نظم أنصار روسيف تظاهرات عنيفة احتجاجاً على عزلها، فيما نددت الرئيسة المعزولة بالقرار الذي اتخذه البرلمان واعتبرته «انقلاباً»، وتوعدت بمعارضة شرسة لـ «الحكومة الانقلابية» الجديدة برئاسة خلفها ميشال تامر اللبناني الأصل والذي لا يتمتع أيضاً بشعبية كبيرة غير أنه استغل منصبه نائباً للرئيس لينقض على الحكم في انتظار إجراء انتخابات جديدة في العام 2018. ووضع هذا التطور حداً لـ13 سنة من سلطة الحكومة اليسارية في أكبر بلدان أميركا اللاتينية، إذ ينتمي تامر إلى يمين الوسط. وتعهد تامر بعد أدائه القسم الدستوري، العمل لضمان الاستقرار السياسي من أجل جذب المستثمرين الأجانب، تمهيداً لإنقاذ الاقتصاد الذي يعاني من ركود، في حين خاطبت روسيف، وإلى جانبها الرئيس السابق «لولا»، مجموعة من أنصارها تجمعوا أمام باحة منزلها في قصر الفورادو، وقالت: «سنعود، لا أقول وداعاً بل إلى اللقاء».