القاهرة: خالد محمود قال عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا، إن «أجهزة الاستخبارات والأمن الليبية تمكنت من تحديد مكان وجود اللواء خليفة حفتر القائد السابق للقوات البرية بالجيش الليبي، تمهيدا لاعتقاله، بسبب ما وصفته السلطات الليبية بمحاولة قيامه بانقلاب عسكري في البلاد». وأضاف حميدان في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من العاصمة الليبية طرابلس: «هو (حفتر) متخفٍّ، ليس معروفا مكانه، لكن أجهزتنا الأمنية والعسكرية ضبطت مكانه وتحركاته». وأكد حميدان أن مسألة اعتقال حفتر هي مسألة وقت فقط، مؤكدا أنه لا يمثل أي خطر على المؤسسة العسكرية أو الوضع السياسي في البلاد. وقال إن أجهزة الأمن الليبية ضبطت بعض العسكريين الذين حاولوا بالفعل تنفيذ انقلاب عسكري. في حين استبعدت مصادر ليبية أن يكون حفتر مختبئا داخل العاصمة طرابلس، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إنه «من السهل تحديد مكانه من خلال أجهزة تعقب ورصد المكالمات والاتصالات الهاتفية، إذا كان بالفعل يستخدم هاتفا محليا». ورجحت مصادر أخرى أن يكون حفتر في مسقط رأسه بمدينة أجدابيا، مشيرة إلى أن حفتر يتمتع بولاء بعض ضباط الجيش السابقين في المنطقة الشرقية، لكنه على ما يبدو فشل في إقناع العسكريين بالمنطقة الغربية بالانضمام إلى بيانه الذي نفى أن يكون بمثابة انقلاب عسكري، وإن كان يتضمن تجميد عمل المؤتمر الوطني والحكومة الانتقالية التي يترأسها علي زيدان. من جانبه، امتنع حفتر أمس عن الرد على محاولات متكررة للاتصال به عبر هاتفه المحلي، وسط ترجيحات بأنه يتجنب محاولات رصده مجددا. وكان اللواء خليفة حفتر قد دعا أول من أمس، في تسجيل مصور وهو يرتدي الزي العسكري، إلى تعليق عمل المؤتمر الوطني وتشكيل هيئة رئاسية تتولى حكم البلاد إلى أن تجرى انتخابات جديدة، ووصف دعوته بأنها «خارطة طريق» وليست محاولة للانقلاب. وفي وقت لاحق احتشد عدة آلاف من المحتجين في طرابلس وبنغازي والبيضاء للتظاهر سلميا ضد المؤتمر الوطني، لكن ردود فعلهم تباينت من التهليل لرسالته وحتى الرفض المطلق. وقال أحد المحتجين في طرابلس: «نحن نحتج على المؤتمر الوطني العام والحكومة سلميا، لكن هذا الاحتجاج لا علاقة له بما قال حفتر... ما زلنا نعلق أملا على الديمقراطية». وكان حفتر حليفا للعقيد الراحل معمر لقذافي في وقت من الأوقات، لكنه انشق عليه بسبب الحرب مع تشاد في الثمانينات. وأقام في وقت لاحق في المنفى في الولايات المتحدة، وعاد ليصبح قائدا في القوات المسلحة في انتفاضة عام 2011. ويوجد انقسام شديد داخل المؤتمر الوطني بسبب الصراع الداخلي بين تحالف القوى الوطنية والإسلاميين في حزب العدالة والبناء المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين وحركة الوفاء. ومنذ انتخابات عام 2012 أصبح المؤتمر لا يحظى بشعبية بدرجة متزايدة بين الليبيين الذين يرون أنه لم يحقق تقدما يذكر في الانتقال إلى الديمقراطية. إلى ذلك، عد نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني، أن ثورة السابع عشر من فبراير (شباط) عام 2011 انتصرت، ولكنها لم تنجح بعد، وأن نجاحها يعتمد على القضاء والإبعاد لكل من ساهم في امتداد عمر النظام السابق. وقال أبو سهمين في كلمة متلفزة مساء أول من أمس: «تأكدنا في الساعات الماضية أنه عندما خرج أحد العسكريين الذين انطبقت عليهم قرارات التقاعد وخرج في إحدى الفضائيات مدعيا أنه قد رتب وجهز لانقلاب عسكري سواء صرح أو لمح بذلك». ولفت إلى الملامح التي ظهرت في هذه السنة عندما حاول بعض العسكريين وبعض المدنيين أن يرجعوا النظام السابق في ثوب جديد، أو خارطة طريق يحاولون من خلالها أن يقنعوا أفراد الشعب بأنهم دائما يشاركون في صنع القرار. وأشار بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي إلى أنه أصدر الكثير من البلاغات التي تؤكد ضرورة ابتعاد الجيش عن أي صراعات سياسية أو عقائدية أو حزبية، مضيفا أنه «أصدر الأوامر إلى رئيس الأركان العامة لاتخاذ إجراءاته بالقبض على الضباط الذين عقدوا اجتماعا بقاعة الشهداء بطرابلس الثلاثاء الماضي، وإحالتهم إلى المدعي العام العسكري لمخالفتهم للقوانين واللوائح القانونية». كما أكد أبو سهمين في اتصال هاتفي مع الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، أن الأوضاع مستقرة في ليبيا وأن المسار الديمقراطي يسير كما ارتضاه الشعب الليبي وأن ما يشاع في بعض وسائل الإعلام العربية عن انقلاب في ليبيا هو عار تماما عن الصحة، وأن الثوار والجيش والشعب الليبي لا يرضون بأي انقلاب في ظل ثورة 17 فبراير وما حققته من مكتسبات للشعب الليبي. وعد حكومة زيدان منتخبة ولا يمكن استبعادها إلا بالآلية الديمقراطية التي نص عليها الإعلان الدستوري من خلال المؤتمر الوطني. لكن عمر حميدان الناطق باسم المؤتمر الوطني، كشف النقاب لـ«الشرق الأوسط» عن وصول عدد المرشحين لخلافة زيدان إلى عشرين مرشحا، مشيرا إلى أن باب الترشيح ما زال مفتوحا ومن المتوقع تزايد العدد مع تقديم بقية الكتل والأحزاب السياسية لمرشحيهم. وأضاف: «المسألة مجرد وقت، والكتل تتفق الآن على آلية معينة على إقالة الحكومة، لكن هل ستلتزم الكتل بما سيجري التوصل إليه؟ هذا هو الأمر غير المعروف». ورأت وكالة الأنباء المحلية أن حفتر أنهي حياته العسكرية والسياسية في أسوأ صورة بحسب الشارع الليبي، لافتة إلى أن ما وصفته بالهدوء الكامل قد ساد أمس مختلف أرجاء العاصمة طرابلس وضواحيها، علما بأنه يوم عطلة بالنسبة للمؤسسات والدوائر الحكومية. وأعلن تحالف القوى الوطنية الذي يقوده الدكتور محمود جبريل رفضه وعدم اعترافه بأسلوب الانقلابات العسكرية، وأعلن عبد المجيد أمليقطة رئيس اللجنة التسييرية للتحالف، أن «ليبيا بعد 17 فبراير لا يكون التغيير فيها إلا عبر الآليات الديمقراطية، وأن عهد الانقلابات العسكرية ولى لغير رجعة». فيما طمأن مجلس العاصمة طرابلس جميع الليبيين والبعثات الدبلوماسية إلى أن العاصمة طرابلس لم تشهد أي أحداث غير طبيعية، وقال سادرات البدري رئيس المجلس إن «كل مؤسسات الدولة الليبية بالعاصمة تحت حماية الجيش الليبي ومديرية أمن طرابلس وثوار وسكان المدينة، ولا توجد خروقات أمنية على أي من هذه المؤسسات».