يلملم العم غازي العبدالله أثاث منزله استعدادا للرحيل بعد المهلة التي أعطيت للحي الذي يقطنه بجوار الحرم النبوي الشريف، العم الكهل لم تسعفه السنين لتملك منزل، غير أنه يقطن بمنزل شعبي بجوار منطقة "البرحة" في حي الإجابة الملازمة لأشهر شوارع المدينة المنورة "الأعمدة"، والذي صدر قرار اللجنة المشرفة على نزع الملكيات لتوسعة الحرم النبوي الشريف بإعلان المغادرة منه خلال 60 يوما قبل قطع الخدمات عن المنطقة، قضى منها حتى الآن أربعة أيام في التفكير بالوجهة المقبلة واحتواء ابنيه وأحفاده بمنزل جديد. العم غازي أب لأربعة صبيان وفتاة ويشاطره المنزل ابناه المتزوجان ولديه من الأحفاد 10، وحال هذه العائلة تعد واحدة من مجموعة عوائل تعيش نفس الفكر والوضع خلال هذه الفترة، جميعهم سيواجهون الأمر ذاته بعد مغادرة المنزل الصغير بحي الأعمدة، إلا أن العم غازي لا يعترض على النقل ومغادرة المنزل بقدر اعتراضه على المهلة التي منحت له والفترة القصيرة للبحث عن منزل يلمه وأحفاده بعد أن زادت أسعار العقار بعد سماع قرارات الإزالة. اللجنة المشرفة على نزع الملكيات لتوسعة الحرم النبوي الشريف أبلغت في وقت سابق أنها ستمهل صاحب المنزل المغادرة خلال 90 يوما بعد التعويض وأن التثمين سيرضي جميع الأطراف، لكنها أصدرت قرارا جديدا بإعلانها عن نزع العقار بحسب خريطة مرفقة مع البيان لعدد من المنازل القريبة من الحرم النبوي الشريف بالجهة الجنوبية الشرقية وأن الفرصة للمغادرة 60 يوما قبل فصل الخدمات، دون تثمين العقارات وتعويض الأهالي. نائب رئيس المجلس البلدي بالمدينة المنورة عبدالغني الأنصاري قال إن المهلة الممنوحة للمواطنين بالأحياء المجاورة للحرم النبوي الشريف غير كافية للمغادرة إضافة إلى أن اللجنة لم تعط ملاك العقارات القيمة ولم تعلن عن أي تثمين للعقار، مبدياً تعجبه من عدم مراعاة اللجنة لظروف سكان تلك المنازل الذين يعدون من الفئة بسيطة الدخل وقد يترك أحدهم منزله وهو لا يملك الوجهة المقبلة أو النقود التي ستعوضه للسكن لحين إصدار قيمة العقار، فيما قد يتسبب ذلك في فوضى عقارية بسبب المهلة المحددة وقلة الفرصة بإيجاد منزل بديل. ويؤكد نائب المجلس البلدي أن اللجنة التي انسحب منها عضوان مختصان بالعقار يعد تقريرها بتقييم العقارات باطلاً وغير منصف لأن أحد الشروط الموجبة في اللجنة المشرفة على نزع العقار والملكيات اختل، وبذلك سيتعرض الأهالي لإجحاف في مساكنهم وسيتعرضون لطمع التجار الذين بدوا يحدون سكاكينهم لنحر هؤلاء الضعفاء بالإيجارات المرتفعة والأسعار الباهضة. من جهته، أكد نائب اللجنة العقارية بغرفة المدينة طلال سفر العمري أن أسعار العقار في المدينة داخل الدائري الثالث وطريق الملك خالد من الشرق في زيادة وذلك لقلة المعروض وللطلب المتزايد من العقاريين المقاولين للاستفادة من بيع الفلل والشقق التمليك وخاصة في الدائري الثاني لتعدد الأدوار، كما أن الإحجام عن بيع بعض المخططات لتأخر الإجراءات والتأني من الملاك لقرب نزع العقارات والصرف كذلك لوجود كثير من الأراضي المعلقة ولم تحول من زراعي إلى سكني، رغم أنها أراض غير زراعية وداخلة في خطوط التنمية أو التأخر في الإجراءات من قبل الجهات المختصة منذ وقت طويل، حيث إن طلب المواطنين ينصب على توفير سكن مناسب من فلل أو شقق بأسعار تنافسية وهذا لا يمكن لوجود كثير من الصعوبات التي تشهدها المنطقة من حراك عقاري.