آلاء بدر عبدالله الصالح جامعة الملك سعود ما الذي يجعل أغلب النساء مؤخراً نسخاً متكررة من بعضهن في أدق الأمور وأجلها، بدءاً من الحقائب المتشابهة وحتى الملامح كالوجنات والأنف مثلاً، وانتهاء بالاهتمامات وطريقة التفكير وأسلوب الحياة ككل؟!، وما الذي أفقد كل شخصية تفردها وتميزها واختلافها؟!، وكيف ذابت -فجأة- فروقات كبيرة بين طبقات اجتماعية واقتصادية وعمرية مختلفة؟! أتحدث عن الرياض تحديداً، وتمر بي مئات الطالبات يومياً في الجامعة، وحتى عضوات هيئة تدريس وإداريات في مكان يتميز بكونه يضم فئات مختلفة من المجتمع، أصبحنا فجأة نقابل في اليوم الواحد عشرات الفتيات يرتدين الملابس والحقائب نفسها، وأمورا أخرى دقيقة لدرجة أن البعض منهن وكأنهن توائم ومن العادي جداً أن تقع الواحدة منا في أزمة لتذكر اسم فلانة، ويحدث أحياناً أن تتعرف على الاسم وحده دون المظهر. المؤسف أن الأمر لا يقف على المظهر الخارجي فحسب، لكنه ينسحب إلى أمور أخرى جوهرية وأكثر أهمية بالتأكيد، فنحن نقابل «العقول نفسها» التي تقرأ الكتب ذاتها -الأكثر مبيعاً- وتتناول «السوشي» حتى لو كانت لا تحبه أو لا تستسيغه، فذلك لا يهم ستحبه مع الوقت، ونسمع الجُمل نفسها، وحتى ذات الصوت ومخارج الحروف.! يؤسفني أن الأغلبية تطمح إلى دراسة تخصص معين، لا لشيء سوى لأنه تخصص حديث «وكل البنات يدخلنه»، دون النظر إلى أي معطيات أخرى، وحتى الفرصة الوظيفية المحدودة فعلياً، وسواء ناسبت اهتمامات وتوجّه الطالبة وشغفها أم لا، وهو واقع ربما يشير إلى أنه لا يوجد توجّه ولا «شغف»! من يهتم الآن للشغف؟!، وما أخبار الهوايات؟ من يصدق أنه حتى الهوايات والاهتمامات هي نفسها، فمن لم تصبح خبيرة تجميل الآن أو مصوّرة مثلاً؟ القارئات يفهمن ما أعنيه هنا تماماً. وكل هذا يحدث بسرعة البرق، في حين يقع على المرأة مُتطلب أن تتغير هي الأخرى بالسرعة ذاتها، حتى وإن استدعى الأمر أن تغير اهتماماتها وآراءها وأسلوبها في التحدث، واختياراتها في الملابس حسب ماهو دارج ومطلوب، بل قد يتطلب الأمر أن تغير لون شعرها مثلاً وارتفاع وجنتيها والمسافة بين الحاجب والعين تماماً، وكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة في حياتها. كل شيء «صيحة» في الطعام وفي الأثاث وألوانه، والأمر يتعدى ذلك إلى أسلوب تربية النساء لأطفالهن والمدارس التي يرتادونها أيضاً، وقبل ذلك الأسماء التي يختارونها لهم. وبعد هذا كله، كم يبقى من الوقت لكي تتذكر من هي وماذا تحب فعلاً وتكره؟ وما الذي يهمها هي بالذات؟ من المعقول جداً أن تهتم بعض النساء بالموضة الدارجة وتحاكيها وتستمتع بذلك، ومن الطبيعي أن تهتم قليل من النساء بـ «الفيلر» و«البوتكس» وكل تقنيات التجميل الحديثة، ومن الطبيعي جدًا أن يتأثر الناس ببعضهم لدرجة معينة ومعقولة في مجتمع أصبح صغيرًا، بسبب سطوة وسائل التواصل الاجتماعي، لكن من غير الطبيعي بالتأكيد أن ينتهي عطر من الأسواق موجود منذ سنوات، فقط لأن إحدى المشهورات في «سناب شات» تمتدح هذا العطر بالتحديد، وهي بالأحرى قامت بعمل دعاية مدفوعة الأجر، ثم تتوجه آلاف النساء لشراء هذا العطر، وهو من أكثر الأمور التي تعتمد على الذائقة الشخصية -أقول هذا مثالاً- ولا أعلم فعلاً كيف بدأ هذا الهوس وكيف سينتهي! من غير المعقول أن نصبح نسخاً متشابهة تشبه الجميع، لكنها بالتأكيد .. لا تشبهنا.