أكد الاتحاد الأوروبي استعداده لضخ استثمارات ومنح قروض لتونس بهدف امتصاص الأزمة الاقتصادية التي شلت البلد في ظل حكومتي «الترويكا» اللتين قادتا البلد في أعقاب انتخابات «المجلس التأسيسي» عام 2011. وأبدت الولايات المتحدة دعمها لمعاودة بناء الاقتصاد التونسي ودعا الرئيس باراك أوباما رئيس الحكومة الجديد مهدي جمعة ووزير الاقتصاد والمال حكيم بن حمودة إلى اجتماع معه في واشنطن الأسبوع المقبل، في خطوة شكلت مؤشراً إلى أن أميركا تعتزم دعم الإفراج عن القروض والمساعدات التي علقتها المؤسسات المالية الدولية بسبب غموض الرؤية وكثرة القلاقل الأمنية في الفترة الماضية. وتعهّد الاتحاد في بيان رسمي أمس بتعميق الشراكة مع تونس و»دعم الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تخدم التطلعات الديموقراطية للتونسيين». وحض حكومة جمعة على «اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة النشاط الاقتصادي إلى السكة بالتشاور مع الأطراف الاجتماعية، بما يؤمّن فرص عمل كافية والاستجابة لطلبات السكان وخصوصاً الشباب». وأشار الاتحاد إلى أنه ضاعف مساعداته لتونس اعتباراً من 2011، وتعهد «زيادة المساعدة الفنية والمالية في المستقبل». ويستأثر الاتحاد الأوروبي بـ 80 في المئة من صادرات تونس بينما تستورد منه 75 في المئة. ورأى مراقبون ان تكليف الخبير الدولي حكيم بن حمودة الملفات الاقتصادية والمالية في الحكومة الجديدة، التي تشمل صلاحيات ثلاث وزارات، في مثابة رسالة طمأنة إلى شركاء تونس والمؤسسات المالية الدولية بطي صفحة التردد والعجز في الفترة الماضية والانتقال إلى معاودة بناء الاقتصاد المتداعي. وكان بن حمودة الذي تولى مناصب قيادية في اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة و»منظمة التجارة الدولية» قبل تعيينه مستشاراً خاصاً لرئيس «البنك الأفريقي للتنمية». إلى ذلك، اعتبر الخبير الاقتصادي معز العبيدي أن تونس تجاوزت مرحلة الاختناق المالي بعد استعادة ثقة المؤسسات المالية الدولية مستدلاً بإفراج صندوق النقد الدولي عن قرض بقيمة 506 ملايين دولار كان مُعلقاً بسبب تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في البلد. إلا ان العبيدي انتقد في دراسة جديدة حصلت «الحياة» على نسخة منها الغموض الذي مازال يلف الإيرادات التي حصدتها الحكومة السابقة بعد تخلي المُشغل العمومي «اتصالات تونس» عن قسم من رأس مالها وبيع حصص من «البنك التونسي». ورجح العبيدي أن تكون هذه الإيرادات أنفقت على صرف رواتب الموظفين في القطاع العام التي أوضح إنها زادت ثلاث مرات. واعتبر العبيدي ان هذه الاختلالات أدت إلى تفاقم العجز في الموازنة من 4.8 في المئة في 2010 إلى 8.3 في المئة في السنة الماضية. ولفت إلى ان الموجودات من العملة الصعبة في المصرف المركزي تراجعت من تغطية 147 يوماً من الاستيراد في 2010 إلى 106 أيام فقط في أواخر العام الماضي.