تتحرك وزارة التعليم السعودية لإجراء تغييرات جذرية في ملف الاستثمار في التعليم الأهلي، إذ أعلنت أمس عن إطلاق مشروع تأجير الأراضي التي تملكها والزائدة عن حاجتها للمستثمرين في قطاع التعليم الأهلي، لكن ما يثير توجس مستثمرين أن هذه الأراضي ستكون في المناطق التي لديها اكتفاء من المدارس الحكومية، أي المتشبعة من التعليم الحكومي، ما يضعف فرص التعليم الأهلي. وتواجه الوزارة انتقادات واتهامات بأنها اتخذت قراراتها الأخيرة حول الاستثمار في التعليم الأهلي دون أخذ رأي المستثمرين فيها قبل صدورها، إلى جانب ضبابية بعضها، ما دفع عمر العامر، رئيس اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي بمجلس الغرف السعودية، للقول: «الوزارة في الآونة الأخيرة كأنها تُصدر العنوان قبل أن تؤلف الكتاب». وقال العامر لـ«الشرق الأوسط»، بخصوص مشروع تأجير الأراضي: «نشكر الوزارة على تعاونها الإيجابي، لكن كنا نتمنى أن نكون شركاء في صناعة ودراسة هذا القرار»، واستشهد بقرار وزارة التعليم الصادر قبل نحو 3 أشهر حول إيقاف منح الترخيص للمدارس الأهلية والأجنبية ذات المباني المستأجرة غير المصممة لأغراض تعليمية للدلالة على أن الوزارة لا تأخذ رأي المستثمرين. وتابع: «لم تكن للجنة ولا للمستثمرين أي دور في صناعة هذا القرار أيضا، الذي اكتشفنا أنه لم يقم على ضوء دراسة». وأكد أن قرار تأجير الأراضي صدر دون الرجوع إلى المستثمرين، مشددا على أهمية توزيع خريطة المدارس الأهلية بما يضمن التنوع ودون تخصيصها في المناطق البعيدة عن السكان أو المخططات السكنية التي على أطراف المدن. وقال: «أتمنى أن يكون القرار موجها بشكل جيد، وينظر إلى مصلحة المستثمرين في التعليم لضمان استمراريتهم». وتبرر وزارة التعليم مشروع تأجير الأراضي بالرغبة في «تعزيز مشاركة القطاع الأهلي في التعليم العام، والإسهام في دعم وتشجيع المستثمرين والمستثمرات في قطاع التعليم الأهلي في الانتقال لمبانٍ تعليمية ذات مواصفات وجودة عالية تحقق النقلة النوعية والكمية المنشودة للقطاع»، إلى جانب «تسهيل إجراءات حصول المستثمرين والمستثمرات في القطاع على الأراضي». وكانت وزارة التعليم أصدرت قبل نحو 3 أشهر قرارًا بإيقاف منح التراخيص للمدارس الأهلية والأجنبية ذات المباني المستأجرة غير المصممة لأغراض تعليمية، على أن تعطي المدارس القائمة في مبانٍ مستأجرة غير مصممة لأغراض تعليمية مهلة سنتين لتصحيح وضعها بالانتقال إلى مبانٍ مصممة لهذا الغرض. وهو ما دفع مستثمري التعليم في السعودية إلى المطالبة بإعادة النظر في تطبيق قرار الوزارة الصادر حول المباني المستأجرة، معتبرين أنه قرار مرحب به إذا استطاعت اللجنة والوزارة تجاوز المعوقات الواردة بالبند الثالث منه. وكشفت «الشرق الأوسط» عن ذلك مطلع الشهر الحالي، بعد حصولها على نسخة من خطاب وجهته اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي بمجلس الغرف السعودي، إلى وزير التعليم، يقترح أن «يتم اعتماد التنافسية والحجم لتذويب وابتلاع القصور في بعض المدارس، والاعتماد على مفهوم اقتصاديات السوق القائمة على فلسفة زيادة العرض لدفع التنافس نحو الجودة وإقصاء المنتج السيئ من السوق، وفق معايير وأدوات يقنن وينظم بها تلك التنافسية». وبررت الوزارة قرارها في ذلك الحين بأنه يهدف إلى رفع مستوى الجودة في التعليم الأهلي ومستوى الخدمات المقدمة للطلاب، على اعتبار أن لكفاءة المبني التعليمي وتصميمه وتجهيزاته واشتراطات السلامة فيه، وتوفير البيئة التعليمية الجاذبة والفاعلة، أهمية كبرى في تجويد العملية التعليمية. يأتي ذلك، في حين تشير إحصاءات رسمية سابقة إلى أن عدد الطلاب في المدارس الأهلية يقدر بنحو 576 ألف طالب، ويبلغ عدد المعلمين 51515 معلما، ويمثل المعلمون السعوديون 20 إلى 35 في المائة، أما المعلمات فيمثلن من 82 إلى 98 في المائة. ويجري تمويل 95 في المائة من قطاع المدارس الأهلية بطرق ذاتية، و4 في المائة عن طريق قروض حكومية، و1 في المائة بقروض تجارية. وفيما يتعلق بأنواع الكيانات النظامية للمدارس الأهلية في السعودية، فإن 73 في المائة منها منشأة فردية، و19 في المائة شركة محدودة المسؤولية، و3.1 في المائة شركة مساهمة مقفلة، و3.1 في المائة غير محدودة، و1.8 في المائة شركة تضامن، و0.4 في المائة شركة أجنبية، و73 في المائة مبانٍ مستأجرة، و27 في المائة مبانٍ مملوكة.