×
محافظة المدينة المنورة

حشد 17 ألفاً من رجال الدفاع المدني يدعمهم أكثر من 3 آلاف آلية لتوفير أعلى درجات السلامة للحجاج

صورة الخبر

أعترف أنني غير مهتم أو متابع لتشريعات البرلمان المصري الحالي، فالجميع في مصر يعلم من صاحب التشريع الحقيقي ومن له الإرادة الأقوى في تمرير ما يشاء من قوانين ورفض ما يشاء، وبهذا فإن البرلمان في مصر هو مجموعة من الموظفين يمثل وجودهم حالة صورية ليظهر للعالم أن بمصر برلمانا وتعيش حالة من الاستقرار السياسي.. إلخ من شعارات وعبارات المنتفعين، وهي حالة جوفاء ليس لها حقيقة في جوهرها أو في واقع حياة المصريين. لم يشغلني البرلمان بقدر ما شغلتني نوائبه، فلم يكتفِ البرلمان بأنه واجهة تمرير التشريعات كيفما شاءت السلطة التنفيذية، وأن أعضاءه يقضون أوقاتاً لطيفة لبعض الساعات إن كانوا يحضرون الجلسات، ويغتنمون فرصاً جيدة للسياحة الخارجية تحت غطاء العمل البرلماني، ولكن ظهر للبرلمان نوائب، وهي جمع نائبة أي المصيبة، ومنذ النائبة الأولى بوجود مثل هذا البرلمان بأسماء أعضائه بعد ثورة عظيمة في تاريخ مصر الحديث كان الشباب شعلتها، فإن وجود مثل هذا البرلمان في حد ذاته نائبة، يعود بالانتكاسة إلى ما قبل ثورة يناير بل وأسوأ مما كان. مِن نوائب البرلمان ما يحدث بشكل فردي، ومنها ما يحدث بشكل جماعي، ومن تلك النوائب الجماعية، هي أنك حين تدقق النظر إلى قرارات البرلمان تشعر للحظة أن نسبة الـ5% المعينين من رئاسة الجمهورية في الحقيقة تمثل 95% من نسبة البرلمان، وأن المنتخَبين هم فقط 5%، فكأنه برلمان معين وليس منتخباً، يسبح بحمد السلطة وقوانينها ولا يقدر على رفع كفة الموازنة وحمل لواء المعارضة، فبهذه النسبة ربما نتفهَّم كيف وافق أعضاء المجلس على بيان الحكومة بنسبة 91%، وكيف يتم إحالة من يفكر بالرفض والمعارضة إلى لجان التحقيق والتضييق وممارسة القمع الذاتي تحت قبة البرلمان، وعدم وجود برنامج معارضة أو إصلاحي يساهم في وجود كيان فعلي لمجلس النواب. وكأن دول العالم خيباتها السبت والأحد، وخيبة البرلمان المصري لم ترد على أحد، فلن تجد في دول العالم برلماناً بهذا السوء والاهتراء السياسي والتشريعي، وغياب الدور الرقابي، والطواعية العمياء للسلطة التنفيذية كما في البرلمان المصري، وكأنه يمثل الذراع السياسية لرئيس الجمهورية دون معارضة أو رفض لأي قوانين، كما لم نرَ برلماناً يحمل أعلاماً لدولة أخرى ويهتف باسم ملكها ويتغنى الأشعار كما في الأفراح الشعبية وفعل "النبطشية" في جلب "النقطة". أما النوائب الفردية فيكفي ذكر بعض الأسماء تحت قبة البرلمان لنعلم حجم الطامة الكبرى التي لحقت بمصر بعد ثورة يناير، ففي مشاهد فاضحة رأينا من يضرب آخر بالحذاء، ورأينا من لا يحترم الدستور ولا يحترم حتى باقي أعضاء المجلس، يعيش في تهكم دائم وخروج على الجميع، بلغ به الأمر ليهدد رأس السلطة التنفيذية في مشهد تمثيلي اعتاده لافتعال "الشو" الإعلامي الذي يجري في دمائه واستغلال سلطاته في إرهاب المواطنين بمصر. ورأينا من يطلب محاكمة من يقول بمصرية الجزيرتين، والصادر بشأنهما حكم المحكمة الإدارية، بل وأخرج كتاباً به من التزييف للوعي وللتاريخ ما يجعله عرضة للمساءلة التاريخية والوطنية. ومن قام بإرسال مقطع إباحي لباقي أعضاء المجلس، مبرراً ذلك باختراق حسابه الشخصي، وآخر بصوره الفاضحة قام بعرضها أحد إعلاميي السلطة في برنامجه. ورأينا من قامت باستخدام سلطتها في رفض التحقيق مع نجل شقيقتها والاعتداء على ضباط قسم مدينة نصر أول. ورأينا تهليل بعض الأعضاء للقوانين المقدمة من الحكومة في مشاهد لا تجلب سوى العار في تاريخ مثل هذا المجلس، ونوائب البرلمان المصري بلا نهاية. تعيش مصر داخل حلبة "مصارعة" غير متكافئة الأطراف، يقف فيها رئيس الجمهورية والسطلة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية جنباً إلى جنب في فريق واحد لا يخضع لدستور أو قوانين، محمي بالجيش والشرطة وبمباركة التعريض الإعلامي وهتافات العشاق الهائمين من المواطنين الشرفاء. بينما على الجانب الآخر يقف الشعب مُستنزَفا منهمِكا في أزمات الأسعار، والاستدانة، والفقر، والتجويع المتعمد، وغلاء الفواتير والعملة والذهب والسلع الأساسية، وغابة آمال هذا الفريق هو العيش بسلام وآمان أو الحصول على تأشيرة للهجرة ولم يعد لديه الشعور الدافئ بالانتماء لبلده الذي لم يجد فيه من يحنو عليه ويرأف بحاله. كل فريق يصارع من أجل مصلحته، الصراع من أجل البقاء، ولا بقاء إلا للأقوى، والجماهير لا يعنيها الصراع، وإنما تنتظر اقتراب الحلقة الأخيرة لانتهاء نوائب البرلمان. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.