نشأت طبقة منبوذين من أشد الفقراء في نيجيريا مع استمرار النزاع وخطف جماعة «بوكو حرام» لعشرات آلاف الشبان والنساء والأطفال. لجأت الكاميرونية فاطمة ساليسو (25 سنة)، بعدما خطفت واحتجزت لدى «بوكو حرام» لعام وشهرين أرغمت خلالها على الزواج من مقاتل في هذه الجماعة، الى مخيم دالوري خارج مايدوغوري عاصمة ولاية بورنو. وانضمت الى قافلة النازحين المقدر عددهم بـ 2.6 مليون شخص نصفهم من الأطفال، بحسب تقرير نشرته الخميس «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» (يونيسف). ويعاني 475 ألف طفل من هؤلاء من حالة سوء تغذية شديد (أكثر بثلاث مرات مما كان في كانون الثاني (يناير)، الذي أوضح أن 20 ألف طفل فصلوا عن عائلاتهم بسبب النزاع المستمر منذ العام 2009. ويعيش في مخيم دالوري حوالى 50 الف شخص، لكن ساليسو وعمر ابنها بالتبني بقيا خارجه. وأكدت هذه الشابة «لا يسمحوا لنا بالاقتراب، الجميع ينظر الينا بازدراء»، مؤكدةً أنها تستطيع تحمل السخرية والتهكم، لكنها قلقة على عمر وعلى اطفال المخيم ممن هم في وضعه، فهم «يتعرضون للضرب ولا يحق لهم اللعب مع الاخرين. وذلك يجرحهم». ويحذر الخبراء من اتساع الهوة بين المخطوفين السابقين لدى الجماعة المتطرفة وبقية السكان، ففي المدن التي احتلوها احتجز متطرفو «بوكو حرام» عشرات آلاف الاشخاص في منطقة بحيرة تشاد لأشهر قبل أن يحررهم الجيش. واولئك الذين لم يتمكنوا من الهرب او رفضوا الانضمام الى الجماعة كانوا يقتلون بصورة منهجية أكانوا مناصرين لها ام لا. وتجد النساء اللواتي تم تحريرهن من قبضة بوكو حرام انفسهن منبوذات من المجتمع وينظر الى اطفالهن على انهم سيصبحون مقاتلين في المستقبل. وقالت الباحثة في «معهد الدراسات الدفاعية» القريب من واشنطن والمتخصصة في شؤون المنطقة هيلاري ماتفيس إن «نبذ أطفال المتمردين سيمنع عملية المصالحة واعادة التأهيل وستكون له انعكاسات تلقائية على تطرفهم المحتمل». ولفتت الى أن «عدداً كبيراً من النساء خطفن، وتلميذات شيبوك (اللواتي خطفن في نيسان - أبريل 2014) أشهر مثال على ذلك، لكن بعضهن التحقن طوعاً ببوكو حرام». واضافت إن «التمييز بين اولئك الذين خطفوا واولئك الذين اختاروا الانضمام الى الجماعة امر شبه مستحيل» عند تحرير المدن من قبل الجيش، موضحةً أنه «لم يعد هناك ثقة بين المجموعتين». وهذه المشكلة أثارت رد فعل من السلطات، وقال حاكم بورنو قاسم شيتيما في أيار (مايو) العام الماضي «علينا ان نبدي محبتنا للأطفال الأبرياء ونقدم دعمنا لامهاتهم البريئات هن أيضاً»، محذراً «وإلا فإنهم قد يرثون حقد آبائهم». وما زال هناك اعتقاد سائد في شمال شرقي نيجيريا بأن «الدم الفاسد ينتقل من جيل الى جيل»، وأن «ابن الأفعى هو أفعى» بحسب قول مأثور في هذه المنطقة.