ريم إبراهيم الهاشمي لم يكن احتفال دولة الإمارات العربية المتحدة ببناتها للمرة الأولى في العام الماضي حدثاً عابراً قد يصبح بعده طي النسيان، فها نحن اليوم على موعدنا لنحتفل من جديد ببنات الإمارات اللاتي حملن لواء البناء والعطاء والكفاءة والتضحية في مختلف المجالات في وطننا الحبيب. فمنهن من اخترن الانضمام إلى شرف الخدمة في القوات المسلحة للدفاع عن الوطن وخدمته في المجالات العسكرية والمجتمعية المرتبطة بها، وصرنا نرى المرأة الإماراتية في أي موقع فاعل حتى في قمرة قيادة طائرة حربية مقاتلة، وخير دليل على هذا الكابتن مريم المنصوري أول إماراتية تقود طائرة حربية. وتمثل هذه الإنجازات امتداداً لرؤية الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، بإطلاق مبادرات طموحة مكنت المرأة في مختلف المجالات، ودعمت دورها في تنمية مجتمعها والرقي به في مصاف الدول المتقدمة. ولأم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك الكتبي أيادٍ بيضاء كثيرة وبصمات راسخة على مسيرة المرأة في هذا البلد، فهي التي تبنت المبادرات والمشاريع الرامية إلى تمكين المرأة محلياً وإقليمياً ودولياً، ومن أبرزها إطلاق استراتيجية محو الأمية وتعليم المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة في العام 1975، وغير ذلك من الأنشطة حتى أوصلت نساءنا إلى ما وصلن إليه من مكانة وشأن. ولقد عززت حكومتنا الرشيدة دور المرأة في خدمة مجتمعها، فأصبحت المرأة تشغل أكثر من ربع التشكيلة الوزارية الحالية، وهذه حالة ريادية في المنطقة بأسرها، ولمن لا يعرف فإن تقرير النوع الاجتماعي الذي أعده المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2015 يفيد بأن انخراط الفتيات في التعليم الثانوي يفوق انخراط الفتيان في هذا البلد، والشيء نفسه ينطبق على نسب من يُجدن القراءة والكتابة. أما أن تنشئ الإمارات وزارة فريدة من نوعها للسعادة، وتكون هذه السعادة بيد امرأة هي عهود الرومي، فهذا يشيد كثيراً بفكر قيادة هذه البلاد الداعم للمرأة والواثق بقدراتها، وأن نستودع السعادة بيد شخص مسؤول في البلاد، لهو عمل رائد لم يسبق الإمارات إليه كثيرون في العالم كله. وليس ببعيد عن السعادة وعن المرأة المسؤولة في موقع القرار، نجد في كلام الوزيرة شما المزروعي، تلخيصاً مبدعاً للحالة الإماراتية عامة، حينما قالت في تغريدة قبل أيام: عائلة متماسكة في بيت متوحد، قيادة تحرص على غرس أسمى القيم في شبابها. قصة جميلة وسعيدة. ولعل في تولي مثلها موقع الوزارة مثالاً آخر على المجتمع الفتي الناهض بأبنائه وبناته المتعلمين القادرين على القيادة ومواصلة عجلة التنمية المستدامة. وليس ما سبق إلا غيضاً من فيض، فنساء الإمارات أثبتن جدارتهن في مجالات عديدة اقتصادية واجتماعية وتنموية، وبحسب آخر إحصائيات منظمة الأمم المتحدة، بلغت نسبة الإماراتيات العاملات في القطاع العام 66% من مجمل القوى العاملة المواطنة في القطاع الحكومي، من بينها 30% من الوظائف القيادية العليا المرتبطة باتخاذ القرار. وتعمل المرأة الإماراتية ضمن الكوادر الوطنية في مجال أبحاث الفضاء الخارجي، وفي منظومة وكالة الإمارات للفضاء، وارتفعت على نحو مطَّرد نسبة مساهمتها في النشاط الاقتصادي وسوق العمل منذ تأسيس مجلس سيدات الأعمال في الدولة ليصل عدد المسجلات في غرف التجارة والصناعة إلى نحو 22 ألف سيدة أعمال يعملن في السوق المحلي والعالمي، ويُدرن استثمارات يتجاوز حجمها 45 مليار درهم. وفي وظائف القطاع الخاص وصلت المرأة الإماراتية إلى مناصب قيادية؛ فها هي هند العويس مستشارة أولى لهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، لتكون أول سيدة إماراتية تشغل مثل هذا المنصب، وكذلك حصة عمران تريم أول إماراتية تدخل السلك الدبلوماسي، حيث التحقت بالعمل الدبلوماسي على كادر وزارة الخارجية منذ عام 1993 وتدرجت وظيفياً إلى أن وصلت إلى درجة وزير مفوض برتبة سفير. وإلى جانب هؤلاء السيدات الإماراتيات، هناك عديدات يفنين في أداء عملهن خلف الأضواء، ليحققن أحلامهن ويسهمن في رقي مجتمعهن، وإلا فكيف كنا سنسمع عن هؤلاء الإماراتيات البارزات إن لم يكن وراءهن سيدة تؤدي واجبها على أكمل وجه، ألا وهي الأم صاحبة أسمى دور. إن هذا المظهر الذي تزدان به الإمارات أمام العالم برجالها ونسائها على حد سواء، هو ما نباهي به ونعول عليه في مسيرة البناء التي يقودها رعاة هذا الوطن وصولاً إلى تطوير اقتصاد متنوع مستدام قائم على العلم والمعرفة يفخر بماضيه وثقافته وتراثه، ويرنو إلى مستقبل واعٍ متحضر رائد في العالم كله. وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي مدير عام مكتب إكسبو 2020 دبي