×
محافظة المنطقة الشرقية

الشرطة البريطانية تستدعي مبتعثاً بسبب فيديو إطلاق النار بـحفل زفاف سعودي

صورة الخبر

كثيرا ما تحولت الأفراح إلى اتراح، والتهاني إلى مآسٍ، بسبب عادة اجتماعية مقيتة، تجاوز فيها البعض في التعبير عن فرحه بطريقة غير مشروعة وغير مستساغة، وذلك من خلال إطلاق الرصاص من أسلحة نارية ابتهاجا بالأعراس والمناسبات، فتتحول معها المظاهر في بعض الأحيان، من تهان إلى تعاز، وبدلاً من أن يكتمل عقد الفرح والاجتماع في مثل تلك المناسبات، تتحول هذه الأفراح إلى أيام حزن وكوارث، رسم معالمها وصنعها خطأ بشري جسيم، حوّل الزواجات إلى جنازات، ولطخ ثياب العرس بالدم الحرام. تلك الحوادث وغيرها أعادت النقاش المجتمعي حول تواجد تلك الأسلحة النارية في أيدي البعض، وضوابطها، والمسوغات القانونية لذلك، وحول قيود استخدامها، والتجاوز في ذلك. ورغم منع الأنظمة لتلك السلوكيات الخاطئة، ووجود قوانين تنظم حمل الأسلحة واستخداماتها، ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الاجهزة المعنية في مواجهة مثل هذه العادة القاتلة وتوعية الناس بأخطارها، إلا أنها مازالت تتكرر في مناطق مختلفة ولو بشكل فردي. «المدينة» طرحت تلك القضية للنقاش مع مختصين وخبراء، للوصول إلى حل جذري يعالج تلك الظاهرة السلبية ويقضي عليها، وذلك من خلال هذا الموضوع. أكاديمي: الظاهرة انحسرت في المدن وتنتشر بالقرى يرى الدكتور غيثان بن علي الجريس أستاذ التاريخ بجامعة الملك خالد بأبها، أن إطلاق النار في الأفراح ظاهرة قديمة ومتأصلة في أهالي المنطقة الجنوبية، ولكن مع انتشار صالات الأفراح في المدن بدأت تخف تدريجيا ولكنها مازالت في القرى.. ولذلك يجب النزول إلى هذه القرى وتوعية سكانها بفداحة وخطورة حمل البنادق والرشاشات في المناسبات، خاصة إنها في الغالب أسلحة غير مرخصة. ولازلت أتذكر الحادثة الأليمة التي وقعت في عسير، ففي أحد الأفراح تقدم احد أصدقاء العريس حاملا رشاشا اتوماتيكيا وأصر أن يشارك في العرضة حيث يزف العريس حاملا رشاشه الذي كان معبأ بالرصاص، وفجأة سقط الرشاش من يده لتتقاذف منه الطلقات في أجساد الحضور. ويجب أن يعلم هؤلاء أن الفرح في القلوب وليس بإطلاق النار، ومهما كان الهدف من إطلاق الأعيرة كتعبير عن الفرحة فإن الدموع التي تذرف والدماء التي تسيل عندما تخطئ الطلقات كفيلة بالابتعاد عنها، وعلى وسائل الإعلام أن تنشط وتتحرك لتوعية الناس بخطأ هذه الظاهرة وخطورتها، وأن يتحرك نواب القرى لمنعها وردع من يقوم بها. مدير شرطة عسير: عقوبات صارمة في حق المخالفين عن رأيه في استخدام الأسلحة النارية من قبل بعض الأفراد في التعبير عن الفرحة في مختلف المناسبات، أكد اللواء صالح بن سليمان القرزعي مدير شرطة منطقة عسير قائلاً: أن الرأي واضح في حيازة الأسلحة النارية من قبل المواطنين بصفة عامة والأوامر والتعليمات في هذا الموضوع واضحة وصارمة ولن يكون هناك أي تهاون في التطبيق. ومن المعروف ما لحيازة الأسلحة غير المرخصة أو المنتهية تراخيصها من خطورة وأضرار جسيمة، وسوف يطبق بحق المخالف للنظام عقوبات صارمة، حيث لا ينبغي أن تستخدم هذه الأسلحة إطلاقا في الحفلات والمناسبات خاصة وان هناك توجيهات بهذا الخصوص، وقد وقعت عدة حوادث راح ضحيتها أبرياء بسبب استخدام هذه الأسلحة نظرا الخطرة. طبيب استشاري: صوت إطلاق النار له أثر سلبي على الأطفال والكبار يقول الدكتور محمد ظافر عسيري الاستشاري بمستشفى عسير أنه من المعروف أن استعمال الطلقات النارية في المناسبات أمر فيه خطر كبير على المجتمع بصفة عامة وعلى الأفراد بصفة خاصة. فإذا نظرنا إلى ذلك من ناحية طبية لوجدنا تأثيره يصيب أكثر من جانب، فمن المعروف إن للأذان طاقة سمعية معينة، وحدا معلوما لا يتعداه، فإذا زاد عن الحد المعلوم فقد تنفجر الطبلة وتتأثر الأذن الداخلية، وربما يحدث الصمم الكلي.. فتأثير الطلقات النارية على الأذن يعود إلى كثافة الصوت في الطلقة النارية وقد أجرى الباحثون الأمريكيون في الحرب العالمية الثانية أبحاثا حول تأثير دوى الطلقات النارية على الأذن البشرية فوجدوا انه يؤثر تأثيرا كبيرا ومطلقا على الأذن إذا لم تتخذ الوقاية الكافية ووجدوا أيضا تأثير دوي الطلقات النارية الصادرة من الأجهزة الصغيرة أكثر بكثير من تأثير الأجهزة الكبيرة المستخدمة في الحروب كالمدافع حيث إن الأولى لها كثافة عالية كافية لتمزيق طبلة الأذن، وقد أشاروا في بحثهم هذا إلى ضرورة وضع كمامات على الأذن لحمايتها من الكثافة الناجمة من دوي الطلقات النارية في تلك الأجهزة الصغيرة، كما أن تأثير الطلقات النارية على العين أيضا كبيرا جدا خاصة تلك الأسلحة المسماة (بالفتيل او المقمع)، حيث ان الدخان الخارج منها بعيد إطلاق الرصاص عبارة عن دخان ناجم عن احتراق مادة كيميائية بالغة الخطورة، ولها تأثير كبير على حدقة العين، عندما تترسب عليها بالمدى الطويل، كما ان لدوي الطلقات النارية تأثيره النفسي على الأطفال الذين يتواجدون في مثل هذه المناسبات بأعداد كبيرة بحكم العادة، مما يؤثر تأثيرا كبيرا على حالاتهم النفسية، فالطفل الذي يتراوح عمره مابين الرابعة والعاشرة يتولد عنده عقدة الخوف، وقد تستمر معه مدى الحياة، وكل هذه الأضرار التي يسببها إطلاق النار لدليل كاف على ضرورة تجنيها. محافظ «محايل»: الظاهرة إلى زوال وضبط كل من يخالف التعليمات ويؤكد محافظ محايل عسير محمد بن سعود المتحمي قائلاً: إن هذه الظاهرة في سبيلها للاختفاء إن شاء الله، بعد أن تم اتخاذ احتياطات أمنية وقائية عديدة للحد منها، بدءا بأخذ التعهدات القوية والضامنة على شيوخ القبائل التي تضمن عدم حيازة أفرادها لأسلحة غير مرخصة، إضافة إلى مراقبة مواقع الاحتفالات لضبط كل من يقوم بإطلاق النار، وانتهاء بالعقوبات الرادعة لكل من يرتكب هذا الخطأ الفادح. وكذلك دور الأجهزة الإعلامية بمختلف وسائلها المقروءة والمسموعة والمرئية، وكذلك بتعاون شيوخ القبائل وعمد الإحياء مع رجال الأمن فسوف نحد من هذه الظاهرة بإذن الله. خبير أمني: الأسلحة غير المرخصة خطر كبير على المجتمع ركز الخبير الأمني العميد متقاعد عبدالله بن عائض القرني على ضرورة توعية المجتمع، وقال: إن الوعي كفيل بمنع الإنسان العاقل عن حيازة كل ما يسبب له الخطورة، ويجعله يدرك أهمية الالتزام، لإن الإنسان المتعلم العاقل يدرك خطورة ذلك وينفذ التعليمات ويتقيد بها، موضحا أن السلاح السائد استخدامه في المخالفات هو غير المرخص، أما المرخص فيقل استخدامه، مضيفا أن تعليمات منع إطلاق النار في المناسبات المتعددة قد تم إبلاغها للمشايخ والعمد وتناولها بعض الأئمة والخطباء لتوعية الناس بخطورة ذلك، داعياً إلى المزيد من التوعية من خلال هذه القنوات إضافة إلى نشر الوعي بين طلاب المدارس وداخل الأسر من خلال وسائل الإعلام المختلفة، لإن وجود الأسلحة غير المرخصة في أيدي البعض يمثل خطرا كبيرا يهدد أرواح الناس ويضر بأمن واستقرار المجتمع. مسؤول محلي: لابد من تنفيذ التوجيهات للحد من الظاهرة يحذر رئيس مركز شعف بلقرن فارس حسن اليامي من هذه الظاهرة، ويشدد على ضرورة تنفيذ كل التعليمات والتوجيهات الخاصة بذلك، ويقول: إن المشكلة تكمن في أن البعض لا يدرك مدى هذه الخطورة وتأخذه الفرحة ويطلق الرصاص في المناسبات، علما بأنه يعرف جيدا ان هناك عقوبات مشددة وإجراءات صارمة ومعممة لدى المحافظات ومراكز الشرطة ومشايخ القبائل على كل من يطلق الرصاص في الأفراح، فوزارة الداخلية والجهات الرسمية عندما أصدرت تعليماتها بعدم استخدام الأسلحة في المناسبات لم تكن تهدف منع المواطنين من التعبير عن فرحتهم، ولكن العكس هو الصحيح، فهي تريد ان تتم فرحتهم على خير وسلام بدلا من ان تتحول الأفراح إلى مآتم، وتزداد هذه الحوادث التي تعكر صفو قرى بأكملها ويذهب ضحيتها الأبرياء. شيوخ القبائل: نراقب المواطنين ونحذرهم من التجاوز وحول هذه العادة القديمة ومخاطرها وكيفية الحد منها بل والقضاء عليها نهائيا حفاظا على ثروات الوطن وأهمها الأرواح البريئة التي تزهق بالأعيرة النارية الطائشة كانت هذه اللقاءات مع بعض شيوخ القبائل: يقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل وهاس شيخ قبائل بني رزق: أناشد كافة المواطنين في مختلف أنحاء المملكة عامة والمنطقة الجنوبية خاصة أن يلتزموا بالتعليمات التي تنظم حمل الاسلحة وترخيصها، وأن يستمتعوا بما تعيشه هذه البلاد من أمن واستقرار لا يتوفر لغيرهم في كثير من الدول، وان يكفوا عن استخدام الأعيرة النارية في مناسبات الأفراح باعتبارها عادة قديمة لا ينبغي التمسك بها، في ظل النقلة الحضارية الكبيرة التي تشهدها بلادنا الحبيبة في هذا العهد الزاهر، فضلا عن ما يترتب عليها من آثار وعواقب وخيمة. ولذلك أناشد أصحاب العقل أن يمنعوا كل فرد غير متزن من حمل السلاح في المناسبات حتى لو استدعى الأمر إبلاغ الأجهزة الأمنية قبل حدوث أي مكروه. الشيخ تركي بن عبدالوهاب ابو نقطة المتحمي، شيخ شمل قبائل ربيعة ورفيدة وبني ثوعة قال: عممنا على كل أبناء القبيلة منذ صدور توجيهات وزارة الداخلية بترخيص الأسلحة التي لديهم وتجديد التراخيص المنتهية، كما حذرناهم من استخدام الأسلحة في مناسبات الزواج نهائيا، إلا أنه للأسف الشديد لم يلتزم البعض بها، ولكننا نستدعي من يفعل ذلك ونحذره من عواقب مخالفته. ويطالب الشيخ تركي بتشديد العقوبة على الذين لا يلتزمون بالتعليمات المحددة لحمل السلاح، وعدم التهاون في مثل هذه الحالات التي لها خطورة بالغة على الأرواح. بث الوعي ويؤكد الشيخ عبدالله بن عائض بن حامد، شيخ شمل قبائل علكم عسير قائلا: ندعو دائما إلى الالتزام بالتعليمات الخاصة بالأسلحة ونحذر من استخدامه، كونه من أفدح الأخطاء التي تقع بالمنطقة. وإذا كان لابد من التعبير عن الفرح واستقبال الضيوف فان ذلك لا يكون بالضرورة بإطلاق النار. مؤكدا في الوقت نفسه على دور شيوخ القبائل في بث الوعي بين أبناء قبائلهم، قائلا أن ذلك أثمر نتائج ايجابية كبيرة وأصبحت مثل هذه الحوادث لا تشكل سوى حالات فردية نادرة لا تذكر. ويرى الشيخ علي بن سعد بن مفرح شيخ شمل قبائل بني مغيد وبني نمار بعسير أن إطلاق النار في المناسبات يمثل ظاهرة خطيرة لا تقتصر إضرارها على حامل السلاح وحده، وإنما تمتد لتشمل الآخرين حوله، وقد تحصد أرواحا بريئة كل ذنب أصحابها أنهم جاءوا ليشاركوا قريبا أو صديقا لهم فرحته، وفي لحظات يتحول الفرح إلى مأتم وتخيم أجواء الحزن على الجميع، وقد أبلغنا القبائل بالعمل على تنفيذ توجيهات الدولة عبر مراقبة مناسبات الأفراح وضبط كل من يرتكب هذه المخالفة، والتشديد على عدم حيازة الاسلحة غير المرخصة أو التي انتهت تراخيصها ما لم يتم تجديدها. تصويب الخطأ يقول الشيخ سعيد بن مانع بن مداوي شيخ قبيلة آل زيان ببلاد بللحمر بعسير: إن ظاهرة حيازة وحمل الأسلحة غير المرخصة من الأمور التي يجب القضاء عليها بالتعاون بين مختلف الأجهزة الحكومية خاصة أننا في بلد آمن، ولذلك جاء تدخل الدولة بحكمة لتصويب ذلك الخطأ والحد مما تخلفه من مآسي، حيث شرعت عقوبات رادعة بلغت من مقام إمارة المنطقة لجميع المحافظات والمراكز وعممت على المشايخ والنواب والأهالي لمنع ذلك حرصا على سلامة الجميع. سلوك غير حضاري ويرى سعيد علي الدرعاني أحد أعيان قبيلة شهران في هذه الظاهرة سلوكا غير حضاري لابد من التصدي له والوقوف بقوة في وجه كل من يقدم عليه، ذلك أن أضراره تمتد لتشمل آخرين أبرياء، فضلا عن ما يترتب عليه من خسائر فادحة للأمة في شبابها وثروتها، ولابد من تعاون المواطن مع رجال الأمن وإسداء النصح لغيره بالكف عن ممارسة كافة السلوكيات غير الحضارية. ويعتبر المواطن علي مسعد آل خفير القرني، أن حمل الأسلحة غير المرخصة أو المرخصة واستخدامها في الأفراح يعد خطرا كبيرا على الأرواح ويجب الاقلاع عنها حماية للأرواح، فبسببها قتل أبرياء وتحولت أفراح إلى مآتم، ولهذا فإني اطالب بتشديد العقوبة على الذين يطلقون الاعيرة النارية في الافراح، كما يجب أن تقتصر إقامة الأفراح في الصالات المخصصة لها، ففي هذه الصالات كل الامان ولا تعطي الفرصة لأي إطلاق نار. مأساويات النار والدم في إحدى المناسبات، وبعد أن فرغ الأب من ممارسة هوايته المفضلة في إطلاق الأعيرة النارية، رجع إلى المنزل ووضع السلاح في أحد أركانه بالقرب من متناول الأطفال، وفي غمرة ابتهاج الأسرة بالمناسبة السعيدة، دخل أحد الصغار والتقط السلاح في غفلة من الجميع، وأطلق الرصاص على شقيقته لتلفظ أنفاسها على الفور. وفي عسير.. أراد شاب أن يعبر عن سعادته بزواج أخيه، وبينما كان الجميع يحتفل بهذه المناسبة السعيدة أشهر رشاشه وأثناء عملية تجهيزه لم يشعر الشاب بأن يده وصلت إلى مكان الزناد لتخرج رصاصة وتخترق حلقه ليتحول معها ليل الزواج إلى ليالي حزن وألم. رصاص عشوائي وفي مكان آخر خرجت العروس من منزل والدها بصحبة الزميلات، والموكب يتجه إلى صالة الأفراح، حيث ينتظر هناك كافة المدعوين، وكان الجميع سعيدا للغاية، فأمسك أحد أقرباء العروس برشاشه وبدأ في إطلاق الرصاصات الأولى، ولم تمض ثوان حتى فوجئ الجميع بسقوط السلاح الاتوماتيكي على الأرض لتنطلق الرصاصات يمينا ويسارا لتخترق الأجساد وتقتل إحدى المدعوات، وسط هستيريا جماعية اهتزت لها القلوب. وفي نجران.. تقدم احد الشبان لذوي مخطوبته طالبا يدها وسط أسرته وبمجرد إن وافق أهلها، أسرع يطلق الأعيرة النارية ابتهاجا بموافقتهم، وفي ذروة هذه الفرحة تسللت إحدى الرصاصات لتستقر في رأس والد خطيبته، وأصبح العريس متهما بالقتل، وبدلا من إن يحظى بفرحة الزفاف المنتظرة، مكث في السجن خمس سنوات ليخرج بعدها مدينا بأعباء دفع الدية، وقد أصبحت خطيبته أما لعدد من الأطفال بعد أن تزوجت من غير قاتل أبيها. قتل ابنه الوحيد وفي حادثة أخرى.. وفي غمرة فرحة الأب بليلة زفاف ابنه الوحيد التي طال انتظارها، كان الأب يحمل سلاحه على كتفه ويطلق الأعيرة النارية من وقت لآخر تعبيرا عن عظيم سعادته بتلك المناسبة.. وفجأة انطلقت رصاصه طائشة إلى جسد ابنه العريس وسقط مضرجا في دمائه، وسط ذهول الحضور، بينما سقط الأب مغشيا عليه ولم يفق إلا وهو في المستشفى مرددا «لقد قتلت ابني الوحيد».