لم تهدأ صراعات اليمن منذ سنين طويلة، واليمن الذي يوصف بالسعيد ليس سعيداً ويعاني الحرب والفقر، فصراعات الإخوة لم تهدأ، وباتت تُهدِّد وحدة هذا البلد، وتدخل أطراف خارجية زاد من عمقها، صراع الجنوب مع الشمال، وصراعات في الشمال، وتنظيم القاعدة ذو الحسابات الخاصة سنوات من الحرب عليه لم تقدم جديداً في محاربته على الرغم من اليد الأمريكية الطويلة فيه. الصراعات بين الأطراف اليمنية سياسية في جوهرها وفي أبعادها وفي أهدافها منذ أول انقلاب عسكري قبل أكثر من نصف قرن من الزمن، لكن قادة هذه الصراعات والمليشيات يحاولون إعطاءها طابعاً قبلياً حيناً ودينياً وطائفياً حيناً آخر. سنوات ثلاث مرت على اليمنيين منذ انطلاقة ثورتهم التي أرادوا لها أن تغيّر حياتهم وتنهي حروبهم وفقرهم والمُتاجرة بدمائهم ويحافظوا على وحدة بلدهم. بعد هذه السنوات الثلاث، يعود اليمنيون إلى نقطة البدء فلا جديد يحدث في بلدهم، سوى حروب وصراعات تنبعث من جديد لتهدِّد أمنهم وسلامتهم ومستقبل بلادهم، وتبرز مخاطر التقسيم من جديد ليس إلى شمال وجنوب وحسب بل إلى ست أجزاء وربما أكثر. دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لم تدر ظهرها لليمن، بل وقفت إلى جانبه في كل محنه، وساهمت بنزع فتيل صراعاته ونزاعاته بجميع مراحلها وصولاً إلى المبادرة الخليجية التي أمنت انتقالاً سياسياً سلمياً للسلطة. سنوات طوال من تاريخ اليمن وأجيال جديدة يقودها قادة المليشيات يوزعون السلاح ليقتل اليمنيون بعضهم بعضاً من أجل أهدافهم السياسية المغلَّفة بالدين والطائفية والقبيلة والعشيرة خدمة لمصالحهم ومصالح أطراف خارجية على رأسها إيران، يهددون وحدة البلد ويدفعون به إلى جحيم الحرب من جديد، ابتعدوا عن الأطر السياسية والحزبية التي يمكن أن تتحاور وتختلف، ويضبط إيقاعها قانون ودستور وبرلمان وحكومة، وأصبح الاستقطاب والخطاب التعبوي بعيداً عن هذه الأطر، ولم يعد يسمع سوى صوت الرصاص. اليمن اليوم أصبح على مفترق طرق على الرغم من الجهود التي تبذل، ووحدة اليمن باتت مهدَّدة وأقاليمه الستة التي أقرت ربما تتحول بدورها إلى دول بأقاليم جديدة وهذا ما قد يهدد بزوال هذه الدولة طالما أصرت الأطراف اليمنية على خدمة مصالحها الخاصة وخدمة أجندات خارجية لا تعرف سوى توسيع النفوذ ولو على حساب الدماء وتفتيت الأوطان.