تشهد درعا مهد الثورة إرهاصات لانشقاقات قد تعيد رسم الخريطة العسكرية في الجنوب السوري، وتحرك الجمود الذي يسيطر على المنطقة منذ أكثر من عام. انشقاقات وصراعات بينية واتهامات فساد تلاحق اليوم قادة فصائل في الجنوب السوري، لكنهافي نظر متخصصين في أوضاع الجبهةتعد بداية لتحول كبير في هذه المنطقة. وكشفت مصادر عسكرية للجزيرة نت عن أن قادة فصائل يتبعون "غرفة تنسيق العمليات العسكرية" في الجنوب باتوا يواجهون "سخطا شعبيا واستياء من أوساط عناصر الفصائل التي يديرونها". وقالت المصادر إن القيادات المتورطة متهمة بالفساد وتجارة الأسلحة، بالإضافة إلى امتثالها لسياسات غرفة العمليات التي رسخت "تبريد الجبهات وتجميد القتال". وتضم غرفة العلميات ممثلين عن الولايات المتحدة والأردن وقوى إقليمية. وأضافت المصادر أن تلك السياسات أثّرت سلبا على الجنوب السوري، وحرفت البوصلة "عن قتال النظام". وبحسب متابعين، فإن نجاح المعارضة المسلحة في فك الحصار عن حلب أغرى مقاتلي درعا بالعودة لهدف الثورة الأساسي وهو محاربة النظام. وتؤكد معلومات حدوث انشقاق قبل نحو شهر داخل فصيل من المعارضة المسلحة في الجنوب السوري يعرف باسم "فوج المدفعية" ويتبع غرفة العمليات المشتركة، ويمتلك أسلحة نوعية بينها راجمات صواريخ ومدافع هاون. هذا الانشقاق الذي قاده نحو مئة عسكري أثار أسئلة حول مدى صلابة العلاقة بين كثير من القادة والجنود على الأرض. الفصائل المسلحة في درعاانشغلت بالاقتتال بدلا من محاربةالنظام(ناشطون) قتل وفساد ويواجه قائد فوج المدفعية في حوران فايز عبد النبي -المعروف بأبو سدرة- اتهامات بالفساد وقتل ثلاثة عسكريين كانوا ضمن كتيبة انشقت عنه بعد رفضها الانصياع لأوامره بمهاجمة فصائل تتهم بانتمائها لتنظيم الدولة في منطقة حوض اليرموك. وقال مسؤول في الفصيل المنشق إن العناصر رفضت القتال" بسبب تخوفها من إصابة مدنيين في المنطقة. وتحدث قيادي عسكري في الجبهة الجنوبية عن اتهام قائد فصيل "شباب السنة في بصرى الشام" أحمد العودة بممارسات قمعية، بما فيها تعذيب المعتقلين. وبحسب هذا القيادي -الذي طلب عدم نشر اسمه- فإن ممارسات العودة تسببت في انشقاقات داخل مجموعته العسكرية. ورغم محاولات عديدة لم يتسن للجزيرة الحصول على رد على تلك الاتهامات. يذكر أن الجبهة الجنوبية شهدت تقلبات حادة في قادة تشكيلاتها المرتبطين بأجهزة استخبارات عديدة. فقبل عامين تمت تصفية قائد المجلس العسكري لمحافظة درعا العقيد أحمد النعمة وقيادات أخرى اتهمت بالتلاعب بالسلاح والاتجار به، إضافة إلى تهدئة الجبهة في السنوات الأربع الماضية لصالح رغبات أجهزة مخابرات خارجية. صناعة الطغاة واتهم مصدر في الجيش الحر بعض الدول بصناعة طغاة في درعا غير خاضعين لأي محاسبة ورقابة. وأضاف أن هذه السياسات باتت تدفع الجنوب السوري إلى الهاوية، وأفشلت كل جهد لخلق قيادة حقيقية موحدة وفاعلة على الأرض. وقال الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية محمد أبو رمان إن الجنوب السوري يعيش اليوم مزاجا عاما متململا إزاء سياسة غرفة العملياتالعسكرية وتجميدها القتال ضد النظام. وأضاف "ثمة شعور بخيبة الأمل لدى تيار عريض من فصائل الجيش الحر إزاء نمط العلاقة مع الغرفة والأردن، وهي علاقة تعتمد -حسب رأيهم- على التبعية والانتقائية في التعامل مع الفصائل". ويرى أبو رمان أن عمان لا تمتلك "رؤى بعيدة المدى وواضحة عن مستقبل درعا، ولا تتعامل مع ملفها استنادا إلى بعد إستراتيجي وإنما تكتيكي فقط". أما المحلل العسكري فايز الدويري فرأى أن على الأردنالسعي لإنشاء" تنظيم وطني سوري حقيقي همه مقارعة النظام وضبط الحدود باعتبار أن درعا تشكل عمقا إستراتيجيا للمملكة". وأضاف أن فصائل الجبهة الجنوبية تعيش حالة من التشرذم واستشراء الفساد بين قادتها، مما جعلهم عبئا على الثورة لا داعمين لها.