قال شاعر شعبي: لقيت لي لابةٍ تستعمل الصّحبه تعاتيم يجون لك دامهم يلقون قرصان او حلاوه الشاعر مُتذمّر من بعض الرفقة الذين لا يعرفونك إلا إذا كان باستطاعتك توفي شهيّتم ، طعاماً أو خدمة. ولابه تعني جماعة. تُستعمل عادة بالأشعار النبطية. لن يكون هذا موضوعي اليوم، لكن رأيي يقودني إلى أن القائل كان يعيش في الحجاز، أو مكة المكرمة بالذات. لأن القرصان والحلاوة عند أهلنا في الحجاز تكاد تكون وجبة رئيسية، خصوصا في فترة العشاء. الطريقة تلك قديمة أو تراثية، قبل مطاعم الوجبات السريعة والمايكرويف. البقال عنده الحلاوة، والخباز بجانبه. ولم يكن هناك خوف من ارتفاع السكر في ذلك الوقت، لأن الحلاوة كانت ولا تزال جلّ مكوناتها من السّكر. أما عند أهل نجد فهم أيضا مدمنون على الزبدة، مع الحنيني في الشتاء أو مع الغداء المبكر (التمر والزبد) ولم يأتهم من يُرعبهم بأن تراكم الدهنيات بهذه الطريقة غير مناسبة صحيّا. وأظن أن تلك التحذيرات جاءت إلينا حديثا. وحدث أن زرتُ صديقاً في مستشفى لندني، وكان يعاني بين أمور أخرى من الكولسترول، وأيضا السّكر. وصادف أن زرته قبل الوجبة فوجدت أنهم يقدمون له ضمن وجبته قوالب من الزبدة الصافية. وسألتُ عن ذلك فقيل لي إن الطبيب فقط هو الذي يقرر ما نُقدّم للمريض، وماذا نمنع عنه. وطريقة تقديم القرصان في نجد تختلف عن مثيلتها في الحجاز. ففي نجد تُعتبر أكلة رئيسة، تعد من الدقيق من القمح المطحون الذي يعجن بالماء والملح حتى يصبح عجينة لينة ثم تغطى وتترك جانبا نصف ساعة، بعد ذلك يخبز على صاج كبير أو الذي يعرف بالمقرصة على نار قوية وتغرف العجينة وتصب على الصاج، والبعض يحضّر القرصان الدائرية على شكل أقراص كبيرة ورقيقة حتى النضج على وجهين . الشيء الملاحظ عند معظم ربات البيوت في الحجاز أن مرور الزمن ومحاولة مواكبة الحداثة، دفع بالكثير من السيدات السعوديات إلى تقديم وجبات المساء بشكل حديث يحافظ على قيمتها التراثية دون تجاهل ملاءمتها للأجيال الحديثة، وهو ما يساهم في تأصيلها كعادة لدى أفراد المجتمع الحجازي بكافة فئاته العمرية المختلفة. حتى ان إحدى ربات البيوت الحجازية، التي تقدم الشعبيات بدأت مشروعها بين الأهل كنوع من ممارسة الهواية، ثم سارت بذلك المشروع حتى دخل في الطابع الجاد والعملي بعد فترة زمنية. وصادفت نجاحاً غير متوقع. binthekair@gmail.com