بعد شكاوى كثير من المطلقات من تهرب آباء أولادهن من دفع النفقة المقررة شرعاً، بأعذار غلاء المعيشة، ومحدودية الدخل وتراكم الديون، وجهت وزارة العدل أخيراً المحاكم السعودية كافة باعتبار امتناع الآباء عن النفقة المقررة شرعاً للطفل هو ممارسة لأحد صور العنف الموجه ضد الأطفال، موضحة أن هناك 8 حالات يعاقب فيها الأب الممتنع عن دفع النفقة لأبنائه بعد صدور الحكم عليه. يقول المحامي سعد الزهراني لـ"سبق": "صدر مؤخراً توجيه وزير العدل للمحاكم السعودية المتخصصة بتفعيل بعض مضامين نظام حماية الطفل، ونظام الحماية من الإيذاء فيما ما يتعلق بالنفقة؛ إذ إن هناك من الآباء مَن يتجاهل حق الأبناء في النفقة بعد الطلاق لأي سبب برغم وجود حكم بذلك؛ علماً بأن القاضي يأخذ بعين الاعتبار حال الأب المادي قبل الحكم، وهنا يقع الأبناء والأم في ضرر جسيم نتيجة حرمانهم من النفقة الواجبة شرعاً، والتي تُعَدّ -حسب نظام حماية الطفل- صورة من صور العنف". وأضاف "الزهراني": "من المقرر أن نظام التنفيذ يشمل حالة الامتناع عن دفع النفقة المحكوم بها، والذي تَضَمّن أن العقوبة على الممتنع؛ السجنُ مدةً لا تزيد على 7 سنوات لكل مدين ارتكب أياً من الجرائم المنوّه بها في النظام؛ ومنها الامتناع عن تنفيذ الحكم النهائي الصادر في حقه". ومن جانبه، يؤكد المتحدث الرسمي لوزارة العدل منصور القفاري، أن هناك 8 حالات يعاقب فيها الأب الممتنع عن دفع النفقة لأبنائه بعد صدور الحكم عليه. وأوضح أن الحالات هي: امتناع الأب عن تنفيذ الحكم النهائي الصادر في حقه، وامتناعه عن الإفصاح عما لديه من الأموال، وثبوت قيامه بإخفاء أمواله أو تهريبها، وتعطيله تنفيذ حُكم بأن أقام دعوى قُصِد منها التعطيل، ومقاومته التنفيذ أو تهديده أو تعديه بنفسه أو بغيره على موظف أو مرخص له يقوم بالتنفيذ، وقيامه بعمل غير مشروع بقصد مقاومة التنفيذ، وكذبه في إقراراته أمام المحكمة أو في الإجراءات أو تقديمه بيانات غير صحيحة، أو مَن ساعد الممتنع أو أعانه في أي من الجرائم السابقة المذكورة. وأشار القفاري إلى أن مقدار النفقة المقدرة متفاوت ويقرره القاضي بناء على الملاءة المالية للأب. ويقول المستشار الأسري أحمد الشيمي لـ"سبق": "خطوة مهمة جداً تُشعر بعض الآباء بجدية الدولة في وقف هذا العنف ضد الأبناء، وأرى أن تُشَدِّد الدولة في هذه العقوبات، ولا تأخذها فيهم رحمة ولا شفقة؛ وذلك من خلال إيقاف خدمات الآباء المتورطين في هذه الأعمال، ومنعهم من السفر؛ وذلك لتشعر هذه الفئة -ومعها جميع أبناء المجتمع- بأننا جادون في منع وتقليل العنف ضد الأبناء؛ لما يترتب عن منع النفقات من أضرار نفسية واجتماعية كارثية". ويتابع: "هذه الخطوة سيكون لها مردود سلبي في بداية الأمر، يتمثل في نقدٍ قد يوجه لهذه الخطوة؛ لكن مع مرور الوقت ستتأكد أهمية هذه الخطوة في التقليل من الأضرار النفسية الواقعة على الأسر، والأبناء الذين حُرموا من النفقة؛ وكذلك على الجانب الآخر ستقلل من إقبال الآباء على حرمان ذويهم من النفقة كعقاب لهم؛ لما قد يترتب على ذلك من أضرار جادّة ستؤثر على وضعهم الاجتماعي داخل المجتمع". علّق المحامي يعقوب المطير قائلاً: "العقوبات التي أصدرتها وزارة العدل في مواجهة الأب الممتنع عن سداد دين النفقة؛ توضّح توجه الأنظمة العدلية في حماية الحقوق المتعلقة بالأم، والأبناء، ويعد إضافة حقيقية للإجراءات المتبعة في نظام التنفيذ لاستيفاء ديْن النفقة؛ حيث عد النظام دين النفقة دين امتياز يقدم على بقية الديون حال تعددها وتعذّر استيفائها، وقد أتاح نظام التنفيذ للقاضي اتخاذ إجراءات متدرجة في مواجهة الأب الممتنع عن سداد النفقة، تؤدي في نهاية المطاف لإجبار أي ممتنع على سداد النفقة". وكان وزير العدل، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، الشيخ وليد الصمعاني، قد وجّه المحاكم كافة؛ باعتبار الامتناع عن النفقة المقررة شرعاً للطفل ممارسة لأحد صور العنف الموجه ضد الأطفال. واستند تعميم وزير العدل للمحاكم، على ما نص عليه نظام حماية الطفل، ونظام الحماية من الإيذاء؛ بأن الإهمال هو عدم توفير حاجات الطفل الأساسية أو التقصير في ذلك، وأن الإيذاء هو كل شكل من أشكال الاستغلال أو إساءة المعاملة، وأنه يدخل في إساءة المعاملة امتناع شخص أو تقصيره في الوفاء بواجباته أو التزاماته في توفير الحاجات الأساسية لشخص آخر من أفراد أسرته. وأشار الوزير في تعميمه إلى المحاكم، بأن يعاقب الممتنع عن دفع النفقة بعد صدور حكم بالإلزام بها، بالسجن مدة لا تزيد على 7 سنوات، وكذلك مَن ثبت قيامه بإخفاء أمواله أو تهريبها أو امتنع عن الإفصاح عما لديه من أموال، وذلك استناداً لما جاء في نظام التنفيذ.