أكد الشيخ عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام أن أمن الحرمين وقاصديهما لا يجوز تجاوزه ولا يسمح بانتهاكه أو زعزعة أمنه أو إحداث أي نوع من الفوضى والتشويش والإثارة والبلبلة أو مخالفة للشرع والنظام. ودعا في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام أمس، الحاج والزائر أن يستشعر مكانة هذا البيت العتيق وقداسة هذه البقاع المباركة وما أحيطت به من التعظيم والمهابة فلا يسفك فيها دم ولا يعضد فيها شجر ولا ينفر فيها صيد ولا تلتقط لقطتها إلا لمن عرَفها، ولا يجوز أبدا أن يحول هذا المكان إلى ما ينافي مقاصد الشريعة ومنهج الإسلام، ولا تكون فيه دعوة إلا لله وحده، ولا يرفع فيه شعار إلا شعار التوحيد لله، ولا يحل لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤذي فيه المسلمين أو يروع الآمنين أو يصرف الحج إلى ما يخالف سنة سيد المرسلين، فالحج فريضة وعبادة وتقديس ليس محلا للتسييس والشعارات أو المسيرات والمظاهرات أو المناظرات والمزايدات أو الجدال. وأفاد بأن من فضائل الله وعظيم آلائه ما منّ به على هذه الأمة من تمكين الحرمين الشريفين وما ينعمان به وقاصدوهما من أمن وأمان وراحة واطمئنان وما هيأ لهما من قيادة حكيمة تشرف بخدمتهما ورعايتهما وتقدم لقاصديهما منظومة متكاملة من الخدمات لتحقيق جليل الآمال والطموحات. وأشار إلى أن فريضة الحج أضاءت في سماء الأمة أنوارها وأشرق نهارها وسطعت في أفئدة الحجيج فضائلها وآثارها، وها هي طلائع وفود الرحمن حطت رحالها في بلاد الحرمين الشريفين. وأضاف: "أنتم يا حجاج بيت الله الحرام في مكة البلد الحرام بها الكعبة المشرفة على ثراها أشرقت شمس الهداية وعلى رباها رفعت للحق أعظم راية"، حاثا الحجاج على استحضار عظمة المكان وحرمته وطهارته وقداسته والتفرغ للعبادة والذكر والترتيل والقنوت والخشوع والتضرع إلى الله عز وجل بالاستغفار من الذنوب. وقال: "لقد آن لنا أن نأخذ من هذا التجمع الإسلامي العظيم الدروس والعبر في الوحدة والتضامن والبعد عن الفرقة والتعصب والتشاحن والتحزب وتجاهل الشائعات والتصدي للمقولات الكاذبات، وأن على الأمة الإسلامية أن تكون مدركة واعية لحملات استهدافها من وسائل إعلام معادية ومن دعاة الفتنة، ما يتطلب توخي الدقة والتثبت والحكمة واجتماع الكلمة لتكون الانطلاقة لحل مشكلات الأمة من ضعف وانقسام وفرقة واختلاف". وفي المدينة المنورة تحدث الشيخ حسين آل الشيخ إمام وخطيب المسجد النبوي عن مقاصد الحج وغاياته التي جمع من المقاصد أنبلها ومن الغايات أسماها. وبين أن المقصد الأمثل من الحج تحقيق التوحيد والبراءة من الشرك، مشيرا إلى أن مناسك الحج تعلم المسلم أن يكون توجهه في أقواله وأفعاله ومسالكه وتصرفاته توجها كاملا لله تعالى. وقال إن الشعار الأعظم للحج هو التلبية التي تتضمن معانيها إقرار المسلم قلبا وقالبا قولا وفعلا بكمال التعظيم وتمام التذلل لله عز وجل وغاية الحب له سبحانه والانقطاع لعبادته والتسليم التام لشرعه. وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن الحج يغرس في النفوس الإخلاص لله وطاعته ومحبته وهو يجدد الإيمان في القلوب ويزيد التوحيد في النفوس. وذكر أن الحج مدرسة تتهاوى أمامها مخططات أعداء الإسلام من تفريق هذه الأمة وتوهين شأنها وتفريق شملها، وعلى من استذله الشيطان أن يستلهم من الحج واستغلاله بالتوبة إلى الله تعالى والرجوع عن الغي قبل فوات الأوان. وأكد أن السعودية تتشرف بخدمة الحجيج وأنها تراه واجبا عليها دينيا وشرفا فتبذل في سبيل ذلك كل غال ونفيس لتحقيق الراحة والطمأنينة والنفع لضيوف الرحمن وقاصدي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأشار إلى أن الواجب على كل مسلم أن يرعى لشعيرة الحج حرمتها المتقررة بالكتاب والسنة والإجماع، وأن من الكبائر والموبقات أذية ضيوف الرحمن وإضمار الشر لهم. وشدّد على أن واجب المسلمين الالتزام بكل نظام ينطلق من تحقيق مصالح المسلمين في حجهم ودفع كل أذىً وضرر عليهم ومن ذلك الالتزام بتصاريح الوصول إلى المشاعر وهي من التعاون على البر والتقوى، وحذر من التحايل على ذلك أو التهاون في تحقيقه كما دلت عليه مقاصد الشريعة. وأفاد آل الشيخ بأن الأمة لن تنال فلاحا وعزا ولن يحصل رغد وأمنٌ ما لم تستقم على الله سبحانه، ويكون كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هديا لها ونبراسا، مشيرا إلى ما تضمنته خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من مبادئ مستقرة تسير عليها.