تخيّل نفسك سيارة صغيرة بين شاحنتين، والشاحنة التي خلفك ترتطم بك وتدفعك للأمام، والشاحنة التي أمامك ترتطم بك وتدفعك للخلف، وأنت «معزوق» بينهما، وليس بوُسْعِك سوى انتظار المصير لعلّ فيه فرجاً من الله القدير!. هذا الوضع يشبه وضع الموظفين السعوديين الذين تُشغّلهم بعضُ جهاتنا الحكومية على ملاك شركات المقاولات التي تُنفّذ مشروعاتها، وهو وضع مأساوي وغريب!. ووجه الشَّبه هو أنّ شاحنة الشركات ترتطم بالموظفين بتأخير رواتبهم بحجّة عدم صرف مستخلصاتها من قبل الجهات، وشاحنة الجهات ترتطم بهم بعدم تدخّلها لإلزام الشركات بدفع الرواتب دون تأخير ودون ربطها بالمستخلصات التي تتبع نظاماً مختلفاً قد لا يكون شهرياً، لا سيّما وأنّ كثيراً من الشركات تتمتّع بسيولة مالية بسبب رصيدها المالي الكبير من مستخلصاتها ومشروعاتها السابقة!. وهكذا «يُعزق» الموظّفون بين الشركات والجهات، ولا يستمتعون بالحياة لتأخير عصبها عنهم، وهو الرواتب.. حقّهم الشرعي والإنساني!. وهكذا تحوّلت الوظائف التي عانوا قبل أن يعثروا عليها، كمعاناة العثور على إبرة وسط قش، إلى جاثوم بسبب تأخير الرواتب، ومنهم من ألغى خططه المعيشية المستقبلية، أو أخّرها لأجلٍ بعيد، ولا يمكنهم الاستقالة لأنها تعني البطالة البغيضة مع توابعها الثلاثة، الفقر والعازة والاكتئاب، وليس بوُسعهم سوى انتظار المصير لعلّ فيه فرجاً من الله القدير!. نحن مُطالبون بإعطاء الأجير أجره قبل جفاف عرقه، سواءً كان وافداً أو مواطناً، وأطالب بتجريم تأخير الرواتب ومحاسبة المُتسبّب مهما كان!. وتخيّل نفسك مرّة أخرى، لكن ليس كسيّارة صغيرة، بل ككُتلة من لحم وعظم ودم وأحاسيس، و»يكْرِفُونَك» في العمل ٨ ساعات يومياً ٦ أيام في الأسبوع كرْفاً شديداً، ثمّ يُقال لك آخر الشهر: آسفون.. راتبك «معزوق»!. @T_algashgari algashgari@gmail.com