أشاد الدكتور خالد الدخيل أستاذ علوم السياسة بجامعة الملك سعود والمحلل السياسي المعروف بالأمر القاضي بعقوبة من يشارك في أعمال قتالية في بعض الدول التي تشهد نزاعات أو ينتمى لجماعات دينية أو فكرية متطرفة وإرهابية، وطالب بعمل قانون أو لائحة تفسيرية لهذا النوع من العقوبات، وتحديد مصطلحاتها بدقة. أساس شرعي • كيف ترى الأمر الملكي وتوقيته؟ ــ الأمر الملكي لم يكن وليد اليوم أو اللحظة، فكلنا يذكر أنه في اجتماعه -يحفظه الله- بكبار العلماء، قال ما نصه (إن هناك من أبناء البلد من يغررون بالأطفال للقتال في بعض الدول، وهذا يحتاج لأمر أكثر من السجن)، وهذا يعني أن خادم الحرمين الشريفين يؤرقه هذا الأمر، وهكذا جاء الأمر الملكي على أساس شرعي محض، مستهدفا حفظ أمن واستقرار الوطن، فالتحصين مهم من هذه الأفكار التي بدأت منذ زمن. • ماذا تقصد بـ«منذ زمن»؟ ــ إبان الحرب الأفغانية شارك الكثيرون في القتال ضد الروس، ولكن ماذا حدث بعد ذلك، هل اكتفوا بالجهاد، الإجابة لا، بل على العكس تماما هناك من تلطخت أيديهم بقتل أبناء الوطن من خلال التفجيرات وخلافه، لذلك كان صدور الأمر الملكي في وقته تماما. معطيات مهمة • البعض يربط هذا القرار بعوامل خارجية، ما تعليقكم؟ ــ أنا لست مع من يذهبون في هذا الاتجاه، فهناك معطيات مهمة جعلت المليك يصدر هذا الأمر الذي له جوانب إيجابية عديدة، لعل أهمها حفظ أبناء الوطن داخل بلادهم وكبح جماح أصحاب الفتاوى المضللة التي كانت ومازالت تغرر بأبنائنا خصوصا صغار السن بحجة الجهاد، فالفكرة قديمة جدا والتوقيت غير مرتبط بأي عوامل خارجية. ولا شك أنه أمر إيجابي وله آثارة جيدة، وجاء في وقت مناسب لتحصين الوطن ضد تداعيات الحروب في المنطقة، وحفظ أبنائنا من التوجه إلى مناطق الاقتتال، وهو مكمل لنظام مكافحة الإرهاب. • وهل من آراء إضافية حول صيغة هذا التوجيه؟ ــ هناك بعض الصيغ فيها عموميات، خاصة الفقرة الثانية التي تتحدث عن تيارات فكرية وميزها عن التيار الديني، ولا أفهم ما المقصود بتيارات فكرية متطرفة أو تحرض أو تتعاطف مع الجماعات والتنظيمات الإرهابية، والسؤال هنا هو ما المقصود بتتعاطف؟ وهل لو قلت أنا مثلا إن ما حصل في مصر يعد انقلابا يمكن أن يأتي من يقول لي أنت تتعاطف مع جماعة الإخوان وهي إرهابية؟ لا أعرف كيف نميز بين التحليل والتعاطف والتحريض، ولو قلنا إن التحريض واضح، نجد أن التعاطف كلمة مطاطة.. لكل ذلك أرى أن هذه الفقرات تحتاج إلى مذكرات تفسيرية، أو قيام قانونيين بتفسير ما المقصود بالتعاطف.. أقول ذلك رغم تأكيدي على أن كل ما جاء في الأمر الملكي إيجابي ويستهدف مصلحة الوطن والمواطن، وهدفنا ألا يساء فهم بعض فقراته بطريقة خاطئة، وبالتالي تستغل من قبل اطراف معينة. لا علاقة له بشؤون الآخرين • هناك من يعتقد أن هذه الفقرة تخص جماعة الإخوان المسلمين والمؤيدين لها، ما رأيكم؟ ــ لو سلمنا بأن هذه الفقرة تخص الإخوان كما يراها البعض، فإنني أختلف معهم.. القرار قال الجماعات التي تم تصنيفها محليا أو إقليميا أو دوليا على أنها إرهابية، وهذه تشمل الإخوان ومن المعروف أن الإخوان صنفوا على أنهم جماعة إرهابية من قبل بلدهم مصر، لكن التيارات الفكرية يمكن أن تشمل اليسار والاشتراكية والليبرالية والعلمانية إلى آخره، لأن هذه ليست مصنفة على أنها إرهابية، أنت مثلا إسلامي أو ليبرالي، جئت وقلت «ما عمله السيسي انقلاب» هل هذا يعتبر تعاطفا مع الجماعة الإرهابية التي هي الإخوان، ورغم ذلك فإنني أكرر وأقول إن هذا القرار جاء لتحصين المملكة لتداعيات الحروب والقتال الذي يدور في المنطقة كما حصل بعد حرب أفغانستان، ولا علاقة له بشؤون الآخرين. مهلة الـ30 يوما • وكيف ترى مهلة الثلاثين يوما، أو كيف تقرأها؟ ــ هذا واضح وصريح، فهي تعني أن من لديه مشكلة عليه أن يصحح ويعالج وضعه قبل المهلة المحددة. • ماذا تود أن تقول في نهاية هذا الحوار؟ ــ أنا لست متعاطفا لا مع الإخوان ولا غيرهم، إنما أنا محلل مستقل وبيني وبين الهدف مسافة، أنا حللت فقط، وقد يكون تحليلي صحيحا أو غير صحيح، هذه قصة أخرى وليس بالضرورة تعاطفا، نحن نحتاج إلى تجنب النصوص القانونية التي تؤدي للجدل، وكانت سببا في قيام برلمانات في التاريخ البشري، وكذلك كليات للحقوق والقانون من أجل إحكام الصياغة.. ومن هنا أرى أن يصاغ قانون بلغة دقيقة يفهمها الجميع ولا تؤدي إلى غير غرضها حتى لا تستخدم للإساءة، أو حتى لا يساء تفسيرها.