الشباب هم اثمن الموارد البشرية في أي مجتمع، لانهم يمثلون الطاقة الانتاجية البكر التي تتحمل على عاتقها تنفيذ المشروعات التنموية والانتاجية من أجل تحقيق أهداف التنمية المنشودة، وعندما نفكر في شبابنا اليوم نجد أن هناك العديد من القضايا التي تتعلق بهم وهي قضايا تستحق منا دراستها وتحديد ابعادها وطرح الجوانب السلبية والايجابية المتعلقة بها وقضية شبكات التواصل الاجتماعي بما لها وعليها من اثار سواء كانت ايجابية أو سلبية ومدى خطورتها والى أي حد يمكن ان نجني فوائد ذات عائد ايجابي جراء استخدامها والعكس، وجدنا الامر يحتاج الى الكثير من المناقشات والحوارات والاستماع الى كافة وجهات النظر والآراء المتخصصة في هذا الشأن خاصة أن شبكات التواصل الاجتماعي هي ناتج من نواتج العولمة التي وجدت لنفسها السبيل لاقتحام العالم، وارست مبادئها ليس ذلك فقط، بل نجد أن هناك العديد من التحولات والتغيرات الأيديولوجية التي أصبحت بمثابة طرح جديد يجبر كافة التخصصات العلمية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية على دراستها وتناولها بالتحليل والتفسير. فالعولمة كسرت الحدود وعبرت القارات واخترقت الخصوصيات والدليل على ذلك التطورات الهائلة في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وتطوير منظومة الاعمال الالكترونية والتقنية الاكثر حداثة سواء عبر الأجهزة الحاسوبية أو الجوالات الفائقة في التقانة، واصبح العالم قرية صغيرة يمكن للفرد فيها الوصول الى المعلومة في دقائق، بل في ثوان معدودة. ومما لا شك فيه ان كل هذا له تأثيره الواضح على حياة الشباب فتلك التطورات التكنولوجية لعلم الاتصالات احدثت طفرة في المجتمع ونتجت عنها سلوكيات مختلفة منها ما هو ايجابي ومنها - مما لا شك فيه - يعد سلوكا سلبيا. فرغم تيسير الاتصال لاحداث تقارب افتراضي بين البشر نجد ان شبابنا تأثر سلبيا نتيجة لاتساع الفجوة والصراع بينه كجيل والجيل السابق أي بعبارة اكثر وضوحا اتساع الفجوة بين الآباء والابناء، وهي تعد قضية مجتمعية هامة جدا تستحق الدراسة، حيث يجب العمل على تضييق تلك الفجوة واحداث تقارب حقيقي وليس افتراضيا بين الآباء والابناء، والاكثر خطورة مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تخضع للرقابة أو الخصوصية التي ينهار عبرها العديد من القيم والاخلاقيات التي تؤثر على الاطار القيمي لشبابنا ويصبح شبابنا ضحايا لمجتمع افتراضي زائف استهدف تدمير كل اصيل وجليل لديهم ليس ذلك فقط. فهناك مواقع تواصل اجتماعي تعمل بكل ما لديها من قوة على نزع ابنائنا من هويتهم الثقافية والدينية والوطنية وهي أحد الاسلحة الباردة التي تستهدف تدمير منظومة القيم لدى ابنائنا، ولهذا نحن في حاجة الى مراجعة حقيقية وحتمية من أجل البحث عن الآليات الفاعلة لحماية شباب الوطن من هذه الاسلحة الخبيثة التي تتسلل تحت ستار التواكب التكنولوجي وتفرز سمومها بين شبابنا. وللأسف هناك خطر دائم ما دامت هناك أهداف غير اخلاقية للأداة التكنولوجية أو آلية التواصل فقد رصد العديد من الدراسات والبحوث ان هناك الكثير من الجرائم الالكترونية التي يمكن أن ترتكب عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث دخول الشباب الى بعض المواقع عبر هذه الشبكات يتعلمون من خلالها ممارسات وسلوكيات غير مشروعة وتصل الى حد الجريمة مثل جرائم الابتزاز الالكتروني وتزوير المعلومات وتشويش الحقائق خاصة عندما يستخدم ذلك في تشويه سمعة شخص ما، ورغم كل هذا نحن لا نستطيع العيش دون استخدام التكنولوجيا وادواتها كما لا يمكن ان نقلل من قيمة تكنولوجيا الاتصالات. فقد أصبحنا نعيش في عالم مفتوح بكافة المجالات العلمية والفكرية والاخلاقية، لذا يجب أن تكون هناك وقفة متأنية لدراسة الموقف وتأثيره السلبي والايجابي ومحاولة وضع الاسس والمعايير التي تجنبنا تلك السلبيات بدلا من انتظار حدوث المشكلة. إن علاج المشكلة قبل حدوثها يكون أهم، لان الوقاية خير من العلاج وهنا يجب تضافر الاسرة والمدرسة والجامعة والوزارات المختصة ونسيج سياسات على مستوى الدولة والتحرك بالمؤسسات الإعلامية لإثراء وعي الشباب بمخاطر وسلبيات شبكات التواصل الاجتماعي.