×
محافظة المنطقة الشرقية

مغربي يوثّق بالفيديو خرق رجل أمن للقانون وتُصدر في حقه مذكّرة بحث قضائي.. قصّته أصبحت حديث الجمهور

صورة الخبر

إعداد: عبير حسين كل يوم يخسر العالم أجزاء مهمة من ذاكرته البشرية، وإرثه الإنساني الممتد على اتساع 163 دولة، ويضم أكثر من 1000 معلم تاريخي وثقافي خلفتها حضارات قديمة، تركت بصماتها على صفحات التاريخ، وشكلت خطواتها على طريق الحضارة منارات للجنس البشري عبر قرون طويلة. ومع تزايد المخاطر والتهديدات، من النزاعات المسلحة والحروب إلى التلوث البيئي وتغيرات المناخ، تتزايد احتمالات اختفاء واندثار المزيد من آثار العالم وتراثه، ولذا ظهرت في السنوات الأخيرة تقنية المسح الضوئي ثلاثي الأبعاد، للحفاظ على أكبر قدر من تلك الآثار وذلك التراث، من خلال نسخ افتراضية طبق الأصل. أحدث تقارير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونيسكو، رفع درجة التحذير من الخطر إلى خطر للغاية ومعرض للانهيار، فيما يخص أكثر من 100 معلم أثري مدرجة على لائحتها للتراث العالمي. وتتعدد أسباب الخطر المهدد للآثار، ما بين الحروب والنزاعات المسلحة، والتغير المناخي، والتلوث، وحتى الأعاصير والأمطار. وللأسف تقع أغلب هذه المواقع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وجاءت آثار العراق وسوريا في مقدمة الآثار التي وصفها التقرير بحالة حرجة وعالية المخاطر. وتضم القائمة طيفاً مختلفاً من الآثار الطبيعية والتاريخية والثقافية، من بينها حديقة فيرونغا الوطنية في الكونغو الديمقراطية، وجبل راشمور في الولايات المتحدة، وغيرهما. ولأن اليونيسكو ترصد 4 ملايين دولار سنوياً للحفاظ على الآثار المهددة بالدمار، بينما لا يكفي هذا المبلغ في الواقع لإنقاذ موقع واحد، ظهر بديل تقني لا يغني عن الأثر الأصلي، لكن يمكن اعتباره أضعف الإيمان، بتقديم نسخ افتراضية لهذه الآثار بتقنية الأبعاد الثلاثية. في عام 2003 كان المهندس العراقي الأمريكي، ابن كاسيرا، أول من أسس منظمة غير ربحية باسم ساي آرك، للحفاظ رقمياً على آثار بلاده، التي ورغم مغادرته لها منذ سنوات طويلة، فإنه ظل على الدوام يتذكر زياراته مع والده إلى المواقع الآشورية القديمة، مثل: نينوي ونمرود وخورسباد. وتعد هذه المنظمة اليوم أشهر المنظمات العالمية التي تستخدم تقنية المسح الضوئي للآثار العالمية المهددة بالخطر، كما تُعد الأولى التي تبتكر ماسحاً ضوئياً محمولاً، وهي تحتفظ بصور مشروعاتها في مخابئ مخصصة لحماية قواعد البيانات المهمة والسرية، وتتيح بعضها على خوادم عامة للمهتمين بعلوم الآثار والجيولوجيا. الآثار العراقية وباعتبارها الأكثر تعرضاً للخطر، خلال العقد الأخير، كانت مسرحاً لمشروعات عدة ثلاثية الأبعاد، تهدف إلى الحفاظ على تراثها الإنساني في سجلات رقمية، فمثلاً يمتلك معهد الآثار الرقمية البريطاني قاعدة بيانات مفتوحة المصدر، تتكون من مليون صورة لمئات المواقع الأثرية العراقية. ونقلت مجلة ساينتفك أميركان scientific American عن أليكسي كارينوسكا، بروفيسور الفيزياء في جامعة أوكسفورد ومدير التقنية بالمعهد، قوله: إن المعهد زود المتطوعين على مدى سنوات بنحو 5 آلاف كاميرا ثلاثية الأبعاد خفيفة الوزن، أقل دقة، لكنها سرية ويسهل الحفاظ عليها، أكثر من الماسحات الضوئية، لتوثيق المواقع التاريخية المعرضة للخطر. وأضاف: بالطبع لا يكون الاستنساخ مثل الأصل، بل يمكن فقط أن يكون ثاني أفضل نسخة، لكن بالنظر إلى الوضع الحالي خصوصاً في العراق وسوريا وشمال إفريقيا، أعتقد أنه يجب علينا تقبل ذلك. بدافع القلق على تراث العالم الذي لا يقدر بثمن، الذي تضمه أرض العراق، فإن بعثة من تقنيين ألمان مختصين بالمسح الضوئي، من الصندوق العالمي للآثار، وهو منظمة خيرية غير ربحية مقرها نيويورك، بالتعاون مع مجلس الدولة العراقي للتراث والآثار، تطوعت عام 2010 بعمل مسح ضوئي للجدران الشاهقة لأطلال موقع بوابة عشتار البالغ عمرها 2600 عام، ولمعبد نابو شخاري، وهما من أهم أطلال بابل القديمة. وعن تلك المهمة قال أحد الذين شاركوا فيها: نقلنا المعدات بشق الأنفس إلى الموقع الأثري الأكثر شهرة، عملنا وسط حراسة مشددة، وارتدينا سترات واقية من الرصاص، كنا نشعر بالقلق بالطبع، لكنك تشعر بالفخر لرؤية ذلك المكان الساحر، وتتمنى لو تتولى حمايته بنفسك بعيداً عن مخاطر الصراعات والحروب. وعلق جيف آلن، مدير الصندوق: مسحنا آثار بوابة عشتار، لم نكن نعلم أنها قد تتعرض لمشكلة في المستقبل، ومصادفة اجتاح الخطر جميع الأنحاء القريبة، بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على محافظتي نينوي والموصل. وأضاف: كانت بوابة عشتار أفضل حظاً من مواقع أخرى تعرضت للتخريب، مثل آثار النمرود، وللأسف لم نتمكن من توثيق أغلب المواقع التي طالها الدمار، ومن الصعب إعادة بناء المواقع عندما لا تمتلك القاعدة الجيدة من المعلومات. ويشار هنا إلى تصريح إيرينا بوكوفا، مدير عام منظمة اليونيسكو، التي حذرت من المخاطر المحدقة بالآثار العراقية والسورية بالقول: التطهير الثقافي جريمة من جرائم الحرب. إنه ليس هنالك أي خيار بين حماية الناس أو حماية الثقافة، بل هو جزء من المسؤولية نفسها، لأن الثقافة تتعلق بالانتماء، والهوية، والقيم، والتاريخ المشترك، وذلك هو نوع العالم الذي نريد الحياة فيه. ورغم ما يبدو أنه خدمة جليلة تقدمها التقنية الحديثة، في محاولة لحماية ذاكرة العالم من التراث الإنساني، إلا أن هناك اتجاهاً آخر يحظى بقبول واسع بين علماء الآثار والتاريخ يشكك في ملاءمة هذه الخطوة، ويؤكد أصحاب هذا الاتجاه أنه لا يمكن تعويض الآثار الحقيقية بنماذج أخرى، مهما بلغت دقتها. ميتشيلد روزلر، مدير مركز التراث العالمي التابع لمنظمة اليونيسكو قالت: يعتقد بعضهم أن باستطاعته إعادة بناء موقع أثري باستخدام جهاز طابعة ثلاثية، لكن الأمر ليس بهذه السهولة. مؤكدة أنه لا يسمح بإعادة البناء في إطار معاهدة التراث العالمي، المعنية بحماية المواقع التراثية. وأعربت روزلر صراحة عن عدم ارتياحها لتجربة إنتاج نسخة مقلدة، عبر الطابعة ثلاثية الأبعاد، من قوس النصر التذكاري، أحد أهم المعالم التي تعرضت للدمار ضمن آثار مدينة تدمر العريقة في سوريا، التي عرضت في ميدان الطرف الأغر في لندن في إبريل/ نيسان الماضي. وفي المقابل يمتلك المتحمسون للتجربة حججاً القوية، لدعم استخدام التقنية ثلاثية الأبعاد، مؤكدين أنها ليست مجرد تقنية لحفظ الذاكرة البشرية في قاعدة بيانات، بل تتجاوز مزاياها الحفظ إلى الاكتشاف، إذ تساعد القياسات عالية الدقة التي تتم بها عملية التصوير، علماء الآثار في اكتشاف ممرات سرية، أو خدع ما للمهندسين القدماء. ولتأكيد مزايا هذه التقنية، أشار أنصار هذا الفريق إلى النجاح الكبير الذي حققته تقنية الأبعاد الثلاثية، في حالة معبد كاسوبي Kasubi في أوغندا، الذي بني عام 1882 من الخشب، ودمر في حريق هائل عام 2010، وأعيد بناؤه 2014 اعتماداً على النموذج الدقيق الذي قدمته تقنية الأبعاد الثلاثية. إلى ذلك يعد جبل راشمور في الولايات المتحدة، من بين المعالم الأكثر تعرضاً للخطر، بسبب العوامل المناخية، وطوال نحو عامين ماضيين قدمت منظمات أمريكية وكندية عدة مبادرات تطوعية لتصوير معالم الجبل. ويعمل فريق متخصص من محترفي التسلق، مزودين بماسحات ضوئية عالية الدقة، لتصوير الأجزاء الدقيقة من وجوه الرؤساء الأمريكيين المنحوتة على الجبل. نفرتيتي ترفض السرقة في العام الماضي خاض الفنانان نورا البدري (ألمانية من أصل عراقي)، والألماني نيكولاي نيلس، مغامرة مختلفة، بتصوير تمثال نفرتيتي الشهير بالمتحف المصري في برلين سراً، وبعد عمل متواصل استمر 3 أشهر، أتم الفنانان عملية المسح ثلاثي الأبعاد، ونشرا جميع بيانات التمثال عبر الإنترنت، وأصبح بإمكان أي شخص بالعالم تحميل بيانات التمثال، ومن ثم طباعته بتقنية 3D، وكانا هما أول من طبع نسخة عن التمثال أودعاها الجامعة الأمريكية بالقاهرة، معتبرين مغامرتهما صرخة اعتراض على احتكار المتاحف العالمية لقطع أثرية سرقت من بلدانها الأصلية. يُشار إلى أن تمثال نفرتيتي يعدّ من أفضل القطع الفنية النادرة المعروضة في متاحف العالم، صنع من الحجر الجيري، ويعود تاريخه إلى 3300 عام قبل الميلاد، واكتشفته بعثة أثرية ألمانية في تل العمارنة في مصر في العام 1912، ونقل بطرق غير شرعية إلى ألمانيا. ورغم المطالبات المستمرة للحكومات المصرية باستعادة التمثال، فإن متحف برلين يرفض مناقشة الفكرة من الأساس. ومع أن طباعة التمثال بتقنية الأبعاد الثلاثية، كانت من أجل الاعتراض على عدم إعادته إلى موطنه الأصلي مصر، إلا أنه قد ظهر تحدٍّ آخر، إذ بلغ عدد مرات طباعة بيانات التمثال عبر الإنترنت 1000 مرة خلال يوم واحد، ما يعني إمكانية طباعة آلاف النسخ المقلدة من التمثال، الذي اقتصرت نسخه المقلدة في السابق على الصور الفوتوغرافية، التي تقل دقتها كثيراً عن تلك التي تتيحها الأبعاد الثلاثية. جمجمة آفا.. لغز عمره 3700 سنة منذ اكتشافها عام 1987، لا يزال لغز جمجمة آفا يثير حيرة العلماء بجامعة أوكسفورد، ما دعا إلى تدشين مشروع علمي حديث يتمتع بتمويل ضخم مدته عامان لكشف سر الجمجمة التي عثر عليها مشوهة من دون الفك الأسفل مدفونة داخل حجر صخري ضخم في منطقة Achavanich بالقرب من كيثنس، وسيؤدي الكشف عن أسرارها إلى التعرف إلى نمط حياة القبائل التي استوطنت تلك المناطق من شمال اسكتلندا في نهاية العصر الحجري وبداية البرونزي. المثير للاهتمام أن فريق البحث المكلف بفحص الجمجمة يضم طيفاً من جميع التخصصات العلمية والإنسانية من علماء أعصاب، ودماغ، وعظام، وأنسجة، وأنثروبولوجيا، وجيولوجيا، إضافة إلى تخصصين نادرين وهما فن الطب الشرعي والثقافة الأثرية. وترجع الأهمية الخاصة للجمجمة إلى انتمائها بحسب التقديرات الأولية إلى ما يعرف أوروبياً بثقافة بيل بيكر وهو مصطلح يطلق على ثقافات أثرية متفرقة في أوروبا الغربية ما قبل التاريخ بدأت في نهاية العصر الحجري الحديث أو العصر النحاسي، وامتدت حتى البرونزي. عالمة الآثار البريطانية مايا هول، رئيس فريق المشروع الذي يعرف باسم Achavanich Beaker Burial Project تقول إن التقديرات الأولية للجمجمة تشير إلى أنها تخص فتاة يتراوح عمرها بين 18 و22 عاماً أطلق عليها العلماء اسم آفا استوطنت قبيلتها منطقة كيثنس في نحو عام 2500 قبل الميلاد، وتشتهر عنهم أشكال الجمجمة القصيرة والمستديرة لذا تعد جمجمة آفا الغريبة إشارة على إصابتها بمرض ما نادر في تلك الفترة، أو تعرضها لاعتداء ما، أو انتشار طقوس خاصة بالدفن عند هؤلاء القدماء. تضيف: اشتهر عن سكان قبائل هذه المناطق الممتدة عبر مساحات شاسعة شمالي اسكتلندا العمل بالزراعة والرعي، ولم يصلنا الكثير من بقايا الهياكل البشرية منهم، لكن المشترك بينهم كانت الجماجم القصيرة والمستديرة، لذا تعد حالة "آفا" مثيرة للدهشة، ويعمل الفريق الأنثروبولوجي على تحديد نسبها بدقة للتأكد من قبيلتها التي ربما تكون إحدى القبائل المهاجرة من ويلز، أو مناطق أخرى بعيدة، وهذا سيدلنا على طرق هجرات مختلفة شهدتها هذه المناطق في عصور قديمة. مطلع الشهر الجاري احتفل فريق الدراسة بإنجاز أولى الخطوات المهمة في المشروع بعد نجاح فنان الطب الشرعي هيو موريسون، في إنجاز مهمته بإعادة بناء الشكل الأولي للفتاة على أساس توقع ملامحها. وعلى الرغم من اعتماده على برامج التقنيات الحديثة في إتمام مهمته الصعبة، فإن موريسون أحد أهم وأشهر الفنانين بهذا التخصص النادر الذي تلجأ إليه الشرطة والجامعات والمتاحف لإصدار صور تتوقع الشكل الذي كانت عليه هيئة أصحاب الجماجم الأثرية أو الحديثة. يقول موريسون الحاصل على شهادة خاصة في علم الأنثروبولوجيا، إن أصعب الخطوات التي واجهته في مهمة تصوير آفا كانت تحديد شكل العضلات في الجمجمة غريبة الشكل، وتصور الأسنان التي فقدت فكها الأسفل، إضافة إلى شكل الأنسجة على الجبهة، مشيراً إلى اعتماده صيغة رائد الأنثروبولوجيا الأمريكي البروفيسور ويلتون ام كورجمان في كتابه هيكل عظمي الإنسان في الطب الشرعي الصادر 1962. أما أهم فوائد إنجاز التصوير ثنائي الأبعاد فهي إتاحة الفرصة لباقي العلماء أعضاء الفريق البحثي لإجراء دراساتهم المستفيضة على الجمجمة عبر الصور المتاحة بدلاً من بقايا الهياكل العظمية الأثرية الهشة. ويأمل العلماء في أن تكشف نتائج تحليل جمجمة آفا عن رسم فهم أفضل لحياة القبائل التي شيدت المرحلة الثانية من ستونهنج وهي مجموعة من الآثار الحجرية الشهرية التي تتكون من مجموعة دائرية من أحجار كبيرة قائمة محاطة بتل ترابي دائري. ويعتبر ستونهنج من أكثر الآثار الحجرية الضخمة شهرة وحفاظاً في أوروباً. وتمتاز مرحلته الثانية التي استمر البناء بها من عام 2900 إلى 2500 قبل الميلاد بإقامة أعمدة خشبية جديدة قائمة على أرض مستوية داخل خنادق دائرية. الثقافة الأثرية ضم فريق العلماء المشكل لكشف غموض جمجمة آفا طيفاً واسعاً من العلماء، كان من بينهم تخصص نادر وهو المعني بالثقافة الأثرية Archaeological culture وهي المعنية بتجميع المصنوعات الأثرية من وقت وزمن محددين، والتي يعتقد أنها تمثل بقايا الثقافة المادية لمجتمع بشري خاص. وتعتمد الصلة بين المصنوعات الأثرية على فهم وتفسير علماء الآثار، ولا تتعلق بالضرورة بمجموعات البشر الفعلية في الماضي. ويعتمد مناصرو علم الآثار الثقافي والتاريخي هذه الفكرة لتأكيد أن مجموعات الثقافة المادية يمكن استخدامها لتتبع آثار مجموعات الأشخاص القديمة والتي كانت مجتمعات، أو مجموعات عرقية. وعندما يعثر العلماء على أنواع أثرية معينة مثل الآنية، والحلي، وطقوس الدفن، وأشكال المنازل تتكرر باستمرار بين المجموعات يمكن عندها أن يطلق على هذه المجموعة المركبة من السمات المرتبطة ببعضها البعض اسم مجموعة ثقافية، وهو يقارب ما يعرف في عالمنا الحديث بالشعوب.